رغم أن
نظام ويندوز
يتمتع بشعبية واسعة بين المستخدمين العاديين بفضل
سهولة استخدامه ومرونته
الكبيرة، فإن نظام لينكس يحتل نصيبًا ضخمًا في سوق المحترفين والمطورين، حيث
تعتمد عليه العديد من الشركات والمؤسسات التقنية الكبرى بفضل قوته، واستقراره،
ومرونته في
التعامل مع البيئات البرمجية
المختلفة. ومع تزايد الحاجة لدى الكثيرين
لاستخدام ميزات كلا النظامين معًا، برزت حلول مبتكرة تجمع بين سهولة ويندوز وقوة وعملية لينكس، من ضمنها
خاصية "نظام ويندوز الفرعي للينكس" Windows Subsystem for Linux والتي قدمتها مايكروسوفت في نهاية عام
2016 فإليك أدناه 6 أسباب تدفعك لتفعيلها وتجربتها.
استخدامات خاصية WSL في ويندوز
ما هي خاصية WSL ؟
هو نظام أو خدمة من تطوير مايكروسوفت تتيح لمُستخدمي ويندوز 10 أو ويندوز 11
تشغيل بيئة لينكس بشكل مباشر على النظام بدون الحاجة إلى تثبيت إحدى التوزيعات
كنظام افتراضي (Virtual Machine). تمامًا على غرار ميزة
تشغيل تطبيقات أندرويد في ويندوز 11
والتي كانت تعتمد على ميزة مشابهة تُسمى WSA (اختصارًا لـ Windows Subsystem
for Android)
تُمكنك خاصية WSL من تثبيت توزيعات لينكس، مثل Ubuntu وDebian وغيرهما، والتعامل
معها كما لو كانت على نظام لينكس حقيقي، كما تتيح لك تشغيل أوامر Bash، وإدارة
الحزم عبر أدوات مثل APT أو YUM، واستخدام أدوات ولغات مثل Python، وNode.js،
إلخ. وقد تطرقنا في مقال سابق إلى طريقة الاستفادة منها
لتشغيل برامج نظام لينكس على ويندوز 10 أو 11.
ولكن جدير بالإشارة أن هناك إصداران من
خاصية WSL؛ الأول
هو WSL 1 الذي ظهر ليحاكي سلوك نواة لينكس عبر ترجمة أوامر النظام إلى أوامر
مفهومة من قِبل الويندوز، لكنه كان محدودًا نوعًا ما، خاصةً في التعامل مع
التطبيقات المعقدة أو الأدوات التي تحتاج نواة لينكس فعلية، ومن هنا جاء
الإصدار الثاني (WSL 2)
– في 2021 – الذي يكاد يطابق نواة لينكس. أهم ما يميز إصداري WSL هو سهولة
التكامل بين بيئة لينكس وبيئة ويندوز، إذ يمكن الوصول إلى ملفات ويندوز من لينكس
والعكس بطريقة سهلة، بالإضافة إلى أن تثبيت التوزيعات بسيط ولا يتطلب خبرة
متقدمة. كذلك، لا يحتاج WSL إلى استهلاك موارد كبيرة من الرامات والمعالج، مقارنة
بالحلول التقليدية مثل الأجهزة الافتراضية. لذلك، يعتبر WSL أداة قوية للمطورين
وكل من يهتم بتعلم لينكس واستخدامه عمومًا.
أسباب تدفعك لاستخدام خاصية WSL في ويندوز
إمكانية تعلم لينكس بدون مخاطرة
يوفّر لك نظام ويندوز الفرعي للينكس WSL طريقة سهلة وآمنة للبدء في تجربة نظام
وتوزيعات لينكس إن لم يسبق لك التعامل معها من قبل. أي بدلًا من خوض الخطوات
المعقدة نسبيًا لتنزيل وحرق التوزيعة والإقلاع إليها من الفلاش USB يمكنك الحصول
على التجربة داخل نظام ويندوز بشكل مباشر واستخدام نفس حزم التطبيقات والأوامر.
قبل أي شيء، لتفعيل خاصية WSL فإن هناك أكثر من طريقة. الأولى هي من خلال
تنزيل التطبيق عبر متجر مايكروسوفت، والثانية من خلال موجه الأوامر في ويندوز، حيث تقوم بتشغيل الـ Command Prompt
بأي طريقة من
الطرق التي قمنا باستعراضها
من قبل إلا ان الطريقة الأسهل هي الضغط على مفتاحي Win + حرف S (سـ) معًا على
الكيبورد لفتح شريط البحث ومن ثم أكتب "CMD" أو "Windows Terminal" في حال كنت
تستخدم ويندوز 11، ثم من نتائج البحث اضغط على خيار "Run as administrator"
لتشغيل موجه الأوامر بصلاحيات المسؤول.
بعدما تظهر نافذة الـ CMD اكتب أمر [wsl --install] واضغط Enter ليتم تفعيل الميزات الضرورية لتشغيل خاصية WSL وهما Virtual
Machine Platform و Windows Subsystem for Linux وبعدها سيتم تلقائيًا تنزيل
وتثبيت توزيعة Ubuntu باعتبارها التوزيعة الافتراضية لنظام لينكس الفرعي. من هنا
يُمكنك أن تتعلم استخدام لينكس دون أن تُخاطر ببياناتك ودون أن تُضطر لحذفها، إذ
ستعمل على نظام الويندوز وكأن الـ WSL مجرد برنامج عادي.
تجربة توزيعات لينكس بسهولة
يعتبر لينكس بديلًا ممتازًا لنظام الويندوز، لا سيما إذا كان جهازك ضعيفًا يعجز
حتى عن تشغيل ويندوز 11. ورغم أن توزيعات لينكس تطورت كثيرًا وأصبحت أكثر قابلية
للاستخدام، فإن الانتقال الكامل إلى نظام تشغيل مختلف قد يكون صعبًا على
الكثيرين، وهنا يأتي دور نظام WSL، حيث يتيح لك التعود على لينكس بطريقة سهلة
وآمنة دون الحاجة إلى تغيير نظامك بالكامل أو المغامرة بجهازك. مع WSL، يمكنك
تثبيت توزيعات لينكس الجديدة بسهولة تامة، كما تستطيع تجربة أي توزيعة تقريبًا
لمجرد الاستكشاف أو التعلم. بشكل افتراضي، يتم تثبيت Ubuntu، ولكن لديك أكثر من
12 توزيعة أخرى يمكنك الاختيار بينها.
لتجربة توزيعات جديدة، ببساطة افتح موجه الأوامر (PowerShell) واكتب الأمر [wsl --list --online]،
وستظهر لك قائمة بكل التوزيعات المتوفرة. بعد اختيار التوزيعة التي تعجبك، يمكنك
تثبيتها عبر كتابة الأمر [wsl --install distroname] مع استبدال distroname باسم التوزيعة كما تظهر في خانة "NAME". وبهذه الطريقة، تستطيع
تجربة لينكس بدون أدنى مشكلة، والتبديل بين التوزيعات بلا أي مخاطرة.
تجنب مشاكل الـ Dual Boot
عادةً، عندما يريد شخص استخدام لينكس وويندوز معًا على نفس الجهاز، يلجأ إلى ما
يسمى بالإقلاع المزدوج (Dual Boot)، وهو تثبيت نظاميّ تشغيل (في هذه الحالة ويندوز
ولينكس) على نفس الهارد واختيار أيهما يتم تشغيله عند بدء تشغيل الجهاز.
ورغم أن هذه الطريقة معروفة، فإنها معقدة في الإعداد وغالبًا ما تكون مزعجة وتنطوي على مشاكل عويصة، لأن
أي خطأ أثناء التثبيت قد يؤدي إلى انهيار عملية إقلاع الجهاز، وقد يصبح إصلاحها عملية
صعبة ومملة لدرجة أنه في بعض الحالات يكون من الأسهل إعادة تثبيت النظام بدلًا من
محاولة إصلاح الأعطال.
يوفر لك نظام WSL طريقة سهلة وآمنة لاستخدام لينكس داخل
ويندوز نفسه بدون الحاجة للإقلاع المزدوج أو القلق من المشاكل التي أشرنا إليها. وفي حال حدوث مشكلة يمكن بسهولة إزالة التوزيعة وإعادة تثبيتها دون المساس بملفاتك على نظام ويندوز.
استخدام برامج لينكس بكل سهولة
يتميز نظام لينكس بتوفر آلاف البرامج المجانية مفتوحة المصدر التي أنشأها مجتمع
المستخدمين والمطورين. المشكلة أن العديد من هذه الأدوات والبرامج تعمل بشكل
طبيعي فقط على أنظمة لينكس، مما يجعل الوصول إليها محدودًا لمستخدمي ويندوز. لكن
عند استخدام نظام WSL، ستستطيع تشغيل كل الأدوات والتطبيقات الخاصة بلينكس
مباشرةً داخل الويندوز، بل وستستطيع استخدامها وتطبيقها على ملفاتك بويندوز (مثل
النسخ والنقل، إلخ). إن كنت مهتمًا بتجربة ذلك فقد شرحنا بالتفصيل طريقة تشغيل برامج نظام لينكس على ويندوز.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كنت معتادًا على استخدام لغة الأوامر
في لينكس، فيمكنك الاستمرار في استخدام نفس المهارات داخل ويندوز دون الحاجة
لتعلم PowerShell. ومنذ إطلاق الإصدار الثاني من WSL، أصبح بإمكانك أيضًا تشغيل
تطبيقات لينكس التي تملك واجهة رسومية بسهولة داخل ويندوز، مما يجعل النظام
متكاملًا بشكل مفيد للغاية.
بيئة رائعة للمطورين
تقوم معظم السيرفرات في العالم على نظام لينكس، وحتى الأجهزة الذكية التي نتعامل
معها يوميًا تعتمد غالبًا على هذا النظام المناسب للأجهزة ذات الإمكانيات
المحدودة. وبسبب الانتشار الواسع للينكس، هناك كمية ضخمة من التطوير والبرمجة
الموجهة له. عند كتابة كود يستهدف هذا النظام، فإن أفضل طريقة لضمان عمله بشكل
صحيح هي أن تكتب وتختبر الكود على لينكس نفسه، وليس على نظام آخر ثم تنقله لاحقًا
وإلا ستواجه بعض المشاكل نظرًا لاختلاف الإعدادات.
ويعتبر لينكس بيئة أكثر ملاءمة للمطورين من ويندوز، لأنه، على سبيل المثال، إذا
أردت تثبيت أدوات البرمجة الأساسية مثل GCC (مجموعة المترجمات)، يكفي أن تكتب
أمرًا بسيطًا في لينكس [sudo apt install build-essential]، بينما في ويندوز
تحتاج إلى تحميل أدوات معقدة مثل MSYS2 و mingw-w64، ثم ضبط الإعدادات اليدوية
للنظام. استخدام WSL يجعل هذه العملية سهلة، لأنه يمكنك كتابة واختبار الكود في
بيئة لينكس حقيقية داخل ويندوز دون كل هذه التعقيدات.
سهولة التبديل بين البرامج
إذا كنت تحتاج إلى استخدام ويندوز ولينكس معًا، فإن استخدام WSL لتشغيل لينكس
داخل الويندوز أسهل بكثير من محاولة تشغيل برامج ويندوز على لينكس باستخدام أدوات
مثل Wine أو Proton. يعود السبب في ذلك إلى أن بعض الأشياء مثل الألعاب أو برامج
أدوبي (كالفوتوشوب) لا تعمل بشكل سلس على لينكس بسبب مشكلات التوافق، خصوصًا مع
أنظمة الحماية في الألعاب (Anticheat). لذلك، إذا كنت لاعبًا أو تعتمد على برامج
متوفرة فقط على ويندوز، فمن الأفضل أن تُبقي الويندوز كنظام أساسي، وتستخدم لينكس
من خلال WSL عندما تحتاج.
أيضًا يتيح لك WSL أن تتعامل مع أصعب جزء في لينكس من البداية وهو سطر الأوامر.
ستلاحظ مع الوقت أن معظم المهام اليومية على لينكس لا تختلف كثيرًا عن ويندوز أو
ماك، ولن تتطلب منك استخدام سطر الأوامر بشكل مفرط، بالتالي إذا تعلمت الأساسيات
عبر WSL، سيكون الانتقال التام إلى لينكس شيئًا سهلًا في المستقبل.