لماذا يظل موقعك الجغرافي مكشوفًا حتى بعد استخدام VPN ؟

إذا كنت تعتقد أن برامج الـ VPN ستضمن لك خصوصيتك بشكلٍ كامل فأنت مُخطئ، هناك طرق لتحديد موقعك الجغرافي حتى أثناء استخدام VPN !
يستخدم الكثير منا شبكات الـ VPN لأسباب مختلفة، بدءًا من تعزيز الخصوصية والأمان أثناء تصفح الإنترنت، وصولاً إلى تجاوز القيود الجغرافية للوصول إلى خدمات غير متوفرة في مناطقنا ودولنا. وعلى الرغم من أن للـ VPN فوائد عديدة، سبق وأن ناقشنا في مقال سابق ما يمكن وما لا يمكن للـ VPN أن يخفيه. ومع ذلك، يعتقد البعض أن الاتصال بشبكة VPN يضمن لهم خصوصية مطلقة أو شبه مطلقة. قد يكون هذا صحيحًا مع بعض الخدمات الموثوقة، لكن التحدي يكمن في أن موقعك الجغرافي قد يظل مكشوفًا في بعض الحالات. صحيح أن برامج الـ VPN – كما هو مفترض – تخفي عنوان الـ IP الخاص بجهازك، ولكن هل عنوان الـ IP هو الوسيلة الوحيدة لتحديد موقعك؟ في هذا المقال، سنستعرض كيف تتمكن التطبيقات من معرفة موقعك الحقيقي رغم استخدامك للـ VPN.
إخفاء الموقع الجغرافي

تأثير VPN على الموقع الجغرافي

لماذا تعجز برامج VPN عن إخفاء موقعك تمامًا ؟

عند الاتصال بشبكة VPN، ينشأ ما يُشبه النفق المُشفر بين جهازك وسيرفر مزود خدمة الـ VPN بحيث يتم توجيه أي بيانات تُرسلها أو تستقبلها عبر الإنترنت من خلال هذا النفق الذي يضمن سريتك. في هذه الحالة يعمل خادم الـ VPN كوسيط يتعامل مع حِزم البيانات نيابةً عنك ليخفي هويتك بشكلٍ فعال عن طريق استخدام عنوان IP مختلف عن عنوان جهازك، وبالتالي أي موقع أو تطبيق تستخدمه سيرى أن سيرفر الـ VPN هو الطرف الذي يتصل به وليس أنت.

تعمل هذه الطريقة بشكلٍ جيد لخداع الخدمات أو التطبيقات التي تعتمد على عنوان الـ IP لتحديد موقعك الجغرافي، حيث بالنسبة لهم فإن موقعك هو موقع عنوان IP الخاص بخادم VPN. ولكن هذه الاستراتيجية ليست مضمونة نظرًا لوجود طرقًا أخرى لتحديد الموقع الجغرافي بعيدًا عن عنوان الـ IP وبالتالي يتلاشى دور الـ VPN في حجب مكانك عن معظم التطبيقات والخدمات التي لا تستخدم عنوان الـ IP فقط لتحديد موقع المستخدمين جغرافيًا.

كيف يمكن تحديد موقعك من دون عنوان IP ؟

عن طريق نظام الـ GPS

تمتلك الهواتف الذكية وأجهزة التابلت أنظمة GPS مُدمجة تُمكن بعض التطبيقات والخدمات من معرفة الموقع الجغرافي الحالي للجهاز. إذ يعمل هذا النظام باستخدام أقمارًا صناعية تدور حول الأرض وترسل إشارات راديوية إلى أجهزة ووحدات الاستقبال المدمجة في الهواتف، وبمعرفة المسافة التي تقطعها الإشارات الراديوية لتصل من القمر الصناعي إلى جهاز الاستقبال، يمكن لنظام الـ GPS التعرف على الموقع الجغرافي للجهاز وتحديده بدقة.

يتم الاستعانة بهذه الطريقة في تطبيقات الخرائط مثل Google Maps حيث تعتمد على الـ GPS للوصول إلى موقعك دون الحاجة إلى عنوان الـ IP وبالتالي فلا تتأثر باستخدامك للـ VPN. بمعنى أنها لن تغير موقعك الحالي ما لم تنتقل فعليًا إلى مكان مختلف. هذا لأن الاتصال بشبكة الـ VPN يغير عنوان IP الخاص بك فقط؛ ولا يقوم بتزييف مستشعر الـ GPS في الهاتف. لكن هذا لا يعني أنك لا تستطيع خداع هذه النوعية من التطبيقات وجعلها ترى عنونًا غير عنوانك الحقيقي، إذ يمكن تزييف بيانات الـ GPS بسهولة سواء كنت تستخدم هاتف أندرويد أو تستخدم هاتف آيفون كما شرحنا من قبل.

باستخدام شبكات الواي فاي القريبة

الطريقة الثانية التي تستخدمها بعض التطبيقات لتحديد موقعك بعيدًا عن الـ IP، تكون بفحص شبكات الواي فاي القريبة. وللتوضيح، فإن كلُ شبكة واي فاي تمتلك عنوان فريد هو الـ MAC Address يتم بثه إلى الأجهزة القريبة بحيث يمكنها اكتشاف شبكة الـ Wi-Fi هذه حتى لو لم يتم الاتصال بها. أنت نفسك يمكنك الآن أن تفتح خاصية الواي فاي بهاتفك وترصد الشبكات القريبة منك ومواقعها عن طريق تطبيقات مخصصة أو بمجرد اتباع قوة الإشارة؛ حتى لو كانت الشبكات مخفية.

تستغل بعض الشركات هذا الأمر وتُنشئ قواعد بيانات ضخمة تضم عناوين الـ Mac الخاصة بشبكات الواي فاي التي يتصل بها عملائها ثم تربطها بموقعهم الجغرافي. هذه الحيلة تستخدمها بعض التطبيقات لتحديد موقعك التقريبي حتى مع وجود اتصال VPN أو تزييف الموقع أو تعطيل الـ GPS نهائيًا على الهاتف.

باستخدام البلوتوث والأجهزة القريبة

تُزود معظم أجهزتنا الإلكترونية بتقنية البلوتوث، التي تتيح إرسال واستقبال الموجات اللاسلكية بسهولة بين الأجهزة القريبة. تعتمد بعض التطبيقات على هذه التقنية لتحديد موقعك من خلال التقاط الإشارات اللاسلكية ومقارنتها ببيانات محفوظة تُربط الأجهزة بمواقع فعلية محددة.

على سبيل المثال، تُستخدم هذه الطريقة في تطبيقات مثل Find My Device لتحديد موقع الهاتف حتى إذا كان مغلقًا. وفي أماكن مثل المطارات أو المتاجر الكبرى، تُستخدم أجهزة بلوتوث صغيرة تُعرف بـ "البيكونز" (Beacons)، لتقديم خدمات تعتمد على الموقع دون الحاجة إلى نظام GPS، حيث تلتقط التطبيقات الإشارات الصادرة عنها لتحديد موقعك بدقة بناءً على المواقع المرتبطة بهذه الأجهزة.

في النهاية، إن استخدام شبكات الـ VPN يُعد خطوة ذكية لتعزيز خصوصيتك وحماية بياناتك أثناء تصفح الإنترنت، لكنه ليس حلًا سحريًا لإخفاء موقعك الجغرافي بشكلٍ كامل. إن إدراكك لوجود طرق أخرى تُستخدم لتعقب موقعك يمكن أن يساعدك على تقليل المخاطر المحتملة وذلك بتعطيل الـ GPS وخدمات الواي فاي والبلوتوث عندما لا تكون بحاجة إليهم.
أحمد صفوت صلاح الدين
أحمد صفوت صلاح الدين
كاتب محتوى تقني وصحفي علمي، لي مساهمات عدة في مواقع عربية مختلفة مثل أراجيك، وإضاءات. أهوى الكتابة عمومًا وأريد أن أصنع فارقًا.
تعليقات

احدث المقالات