تنتشر العديد من المعتقدات الخاطئة عن الكمبيوتر والتقنية بشكل عام، بعضها تناقلته الأجيال دون التحقق من صحته، بينما استجدت أخرى مع ظهور تقنيات جديدة. وقد أشرنا إلى مجموعة منها على مدار عدة مقالات سابقة، سواء تتعلق بأقراص الـ SSD أو أشعة الواي فاي أو حتى ماوس الكمبيوتر. ورغم أن بعض هذه الأفكار قد تحمل جزءًا من الصحة، فإن الكثير منها أصبح متجاوزًا بفعل التطور السريع للتكنولوجيا. على سبيل المثال، الكثير من المعتقدات الخاطئة عن أداء الكمبيوتر مازالت تنتشر حتى الآن، فهناك من يتداول معلومات قديمة أو غير صحيحة عن سرعات الرامات وأنوية المعالج وكسر السرعة، وغيرها. حان الوقت لتصحيح المفاهيم، نتناول 4 من أبرز الخرافات المتعلقة بأداء الكمبيوتر، ونكشف الحقيقة وراءها لمساعدتك في الاستفادة القصوى من جهازك.
خرافات شائعة عن أداء الكمبيوتر
سرعة الرامات غير مهمة
عندما نُقيّم الرامات فإننا عادة ما نقيمها على أساس سعتها، ولا بأس بذلك فالسعة هي أهم عامل عند اختيار الرامات أحيانًا، لكنها ليست الشيء الوحيد المهم. فالسرعة مثلًا تلعب دورًا مهمًا لا سيمًا في المعالجات الحديثة للكمبيوتر والتي أصبحت تركز على تردد الذاكرة العشوائية، مثل معالجات Ryzen التي كانت حساسة في البداية لاختيارات الذاكرة العشوائية وكانت تحتاج لإعدادات معينة، أما الآن، فهي تدعم مختلف السرعات. ومع ذلك، لا زال هناك ما يمكن أن نُسمه بـ "النقطة المُثلى" Sweet Spot، وهي السرعة المثالية التي يعمل عندها المعالج بأفضل أداء. على سبيل المثال، تعمل معالجات الـ X3D تحديدًا (مثل الـ Ryzen 7 9800X3D) بكفاءة أعلى عند السرعات الأعلى. وطبعًا كلما زادت سرعة الرامات، زاد الأداء عمومًا نظرًا لأن الوصول للبيانات المخزنة مؤقتًا سيكون أسرع.
لكن السؤال: هل ننصحك بترقية الرامات لأجل السرعة فقط؟ الجواب سيعتمد على طبيعة عملك وفرق السعر؛ إذا كنت مهتمًا بالمونتاج والتعامل مع فيديوهات مُتطلبة وتصميمات ثلاثية الأبعاد، فالسرعة العالية ستُحدث فارقًا، عدا ذلك لو كانت الرامات خاصتك تعمل بسرعات جيدة من 3000 ميجاهرتز (في نطاق الـ DDR4) أو 5200 ميجاهرتز (في نطاق الـ DDR5)، فلا حاجة للترقية خصوصًا لو كان فارق السعر كبيرًا.
أنوية أكثر، معالج بأداء أفضل
هذه ليست خرافة في العموم، لكنها ليست قاعدة أيضًا؛ الأمر يعتمد على استخدامك. إذا ركّزت على عدد الأنوية فقط، فمن الممكن أن تحصل على معالجٍ بأداء ممتاز خاصة في المهام التي تتطلب تعدد الأنوية مثل المونتاج، لكن هذا لن يفيدك كثيرًا في مهام أخرى مثل الألعاب. إذا كنت "جيمر"، فغالبًا لن تحتاج أكثر من 8 أنوية حتى تحصل على أفضل تجربة، بل في بعض الأحيان لن تحتاج أكثر من 6 أو حتى 4 أنوية.
يمكننا أن نستشهد بمعالج حديث مثل 7800X3D ومعالج الـ 7950X3D مثلًا؛ على الرغم من أن الثاني يمتلك عدد أنوية أكبر ويمكننا القول إنه أفضل بشكلٍ عام، فإنه قد يكون أبطأ قليلًا في الألعاب نظرًا لأنه يتعامل مع نواتين أو شريحتين منفصلتين (Core Complex Die) وهذا يؤخر عمليات المعالجة قليلًا في الألعاب، ولكن يعوّض ذلك في المونتاج والبرامج الأخرى الثقيلة.
الانتظار حتى حدوث تقييد الأداء الحراري
يمكن أن يعمل حاسوبك بشكلٍ جيد حتى عند درجات الحرارة المرتفعة، لكن المشكلة الحقيقية تبدأ عند الوصول لمرحلة "تقييد الأداء الحراري" Thermal Throttling، وهي المرحلة التي يبدأ عندها المعالج أو كارت الشاشة بتقليل السرعة تلقائيًا حتى يسيطروا على الحرارة الزائدة. لكن، هل يعني هذا أننا لا يجب أن نهتم بالحرارة إلا عند الوصول لمرحلة الاختناق الحراري كما يروج البعض؟ قطعًا لا! حتى إذا لم يصل جهازك لهذه المرحلة، فمن المهم جدًا أن تراقب درجة الحرارة باستمرار لسببين رئيسيين؛ زيادة عمر المكونات وتحسين الأداء. كلما زادت درجة حرارة القطع، تآكلت المكونات الداخلية بسرعة مع الوقت وقل عمرها الافتراضي، هذا شيء؛ الشيء الثاني أنه كلما كانت المكونات أبرد، زادت كفاءتها مما سيعود بالنفع على الأداء العام للجهاز.
كسر السرعة يهدد عمر القطع
نختتم بواحدة من أكثر الخرافات المنتشرة عن الكمبيوتر وهي أن كسر السرعة يقلل العمر الافتراضي للمعالج أو كارت الشاشة. يهرب كثيرٌ من الأشخاص من أي شيء يتطرق إلى كسر السرعة رُغم الفوائد الكثيرة التي يمكن حصدها من هذه العملية. مبدأيًا، يرفع كسر السرعة من درجة حرارة المكونات نعم، وهذا يمكن أن يؤثر على عمرها الافتراضي حال استمرت حرارتها المرتفعة، لكن في المقابل، إذا كان جهازك مزودًا بتبريدٍ جيد فإن العملية لن تُشكل أي خطرٍ على حاسوبك خصوصًا في ظل وجود الملفات المُعدة مُسبقًا في بعض اللوحات الأم وفي ظل وجود البرامج المُخصصة التي تفعل كل شيء بشكلٍ آليّ وآمن تمامًا.
إذا كنت مُبتدئًا في عالم الكمبيوتر، فلا ننصحك بكسر السرعة فعلًا، أما إذا كنت تعرف ما الذي تفعله فلا بأس من اتباع دليلٍ موثوق لكسر السرعة والحصول على أفضل أداء ممكن من القطع. فقط احذر وراقب درجات الحرارة باستمرار حتى تتجنب المشاكل المحتملة. في النهاية، هناك الكثير من الخرافات المنتشرة حول الحاسوب وقطعه المختلفة مثل أقراص الـ SSD، وبرامجه مثل برامج مكافحة الفيروسات، لكننا هنا في عالم الكمبيوتر نسعى لدحض ما نقدر عليه من الخرافات ونزودكم بالمعلومات التقنية القيّمة فتابعونا!