لم يكن العام الجاري، الذي لم يتبق منه سوى أيام معدودة، من أفضل الأعوام بالنسبة
لمحبي الهاردوير، خاصة على مستوى الحواسيب المكتبية. فعلى الرغم من التوقعات المرتفعة في
البداية، لاسيما بعد إطلاق كروت الشاشة RTX 40 Super
مطلع العام الجاري، فإن ما شهدناه على مستوى
المعالجات وكروت الشاشة
وغيرهما من قطع الهاردوير كان مُخيبًا للآمال. لا شك أننا حصلنا على معالجات قوية
جدًا مثل الـ
Ryzen 7 9800X3D
الذي يُصنّف على أنه
الأفضل لتشغيل الألعاب
حاليًا، لكن عدا ذلك – تقريبًا – كانت الأمور مُحبطة إلى حدٍ كبير. بانتظار حدوث
انفراجة كبيرة في سوق الهاردوير بدايةً من مؤتمر CES 2025 القادم في مطلع يناير،
لكن حتى ذلك الحين، دعونا نستعرض الأسباب التي تجعل 2024 سنةً مخيبةً للآمال على
مستوى هاردوير الحواسيب المكتبية تحديدًا.
أسباب جعلت سوق الهاردوير محبطًا في 2024
تأجيل إطلاق كروت الشاشة المنتظرة إلى 2025
اعتاد محبي الهاردوير على ظهور أجيال جديدة من البطاقات الرسومية لـ Nvidia و AMD
كل عامين تقريبًا، حيث أُصدرت سلسلة الـ RTX 40 والـ RX 7000 في أواخر 2022، ومن
قبلهما الـ RTX 30 والـ RX 6000 في أواخر 2020، وهكذا. بناءً على هذا التسلسل
الزمني المعتاد، كان متوقعًا أن تُصدر شركة Nvidia أو AMD سلسلتي البطاقات الرسومية
الجديدة RTX 50 و RX 8000 في نهاية هذا العام، إلا أن هذا التوقع تبخر سريعًا
عندما أكدت الشركتان تأجيل الإطلاق إلى 2025 وأن الأسواق لن تشهد أي تحديثات
كبيرة قبل مؤتمر CES القادم في مطلع 2025.
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، إذ تبين أن كروت الشاشة الجديدة مثل الـ RTX 5090
وRTX 5080 ستأتي بأسعار مرتفعة بشكلٍ ملحوظ مقارنةً بسابقاتها دون تقديم تحسينات
جوهرية في الأداء. على الجانب الآخر، من المتوقع ألا تقدم شركة AMD بطاقات رسومية
عالية الأداء خلال العام الجديد مما يترك الساحة خالية لشركة Nvidia ويجعلها تفرض
الأسعار حسب مزاجها!
أزمة معالجات الجيل الثالث والرابع عشر من إنتل
لا شك ان 2024 كانت واحدة من أسوأ الأعوام التي مرت على شركة إنتل. هذه المرة
الأولى تقريبًا التي نرى فيها AMD تهيمن على إنتل بهذا الشكل. أبرز مشاكل الشركة
في هذا العام تمثلت في معالجات الجيلين الثالث والرابع عشر (Raptor Lake) التي صدرت في عامي 2022 و2023. عانى هذان الجيلان من مشاكل كبيرة في الأداء
خاصةً في معالجات الفئة العليا مثل الـ Core i9، حيث أشار مطورو الألعاب إلى وجود
"عيوب" واضحة في هذه المعالجات مما اضطُر مصنعو اللوحات الأم إلى العمل على
تحديثات البيوس بهدف حل هذه المشكلات.
اعترفت إنتل بالمشكلة وفي سبتمبر الماضي وُجد أن السبب يكمن في الجهد الكهربائي
وفي التعليمات البرمجية الدقيقة (Microcode) الخاصة بخوارزميات المعالجات،
بالتالي اضطرت إنتل إلى تمديد فترات الضمان الخاصة بمعالجات الـ Core i5 وCore i7
وCore i9 من الجيلين المذكورين.
لم يكن الأمر محض سوء حظ بالنسبة لإنتل؛ بل كانت الأزمة أعمق وأكثر تعقيدًا.
لقد تلقت الشركة ضربة قاسية مع معالجات Arrow Lake التي كانت محبطة بشكلٍ مروع،
وعلى رأسها الـ Core Ultra 9 285K، الذي أجمع معظم المراجعين على انتقاده بشدة.
وكأن الأمر لم يكن كافيًا، جاء التغيير المفاجئ في الإدارة ليزيد الطين
بلة، فبينما نكتب هذه السطور تفاجئنا بإعلان الرئيس التنفيذي "بات
جيلسنجر"
تنحيه عن مجلس الإدارة. لذا يبدو أن العملاق الأزرق يمر بمرحلة عصيبة، وسيحتاج وقتًا طويلًا
لاستعادة سمعته وموقعه في السوق!
معالجات Arrow Lake
اعترفت إنتل بنفسها أن أداء معالجات "الجيل الخامس عشر"، أو معالجات الـ Arrow
Lake Core Ultra 200، كان مخيبًا للشركة خاصةً في الألعاب وأن الإطلاق لم يكن كما
قد خُطط له.
واجهت هذه المعالجات مشكلات كبيرة في التوافق مع الرامات، حيث كانت بعض وحدات الـ
DDR5 ترفض العمل عند تفعيل إعدادات الـ XMP. الفرق في الأداء عمومًا بين هذه
المعالجات ومعالجات الجيل الرابع عشر مثلًا كان بالكاد ملحوظًا. السعر مقابل
الأداء ليس منطقيًا، والحسنة الوحيدة الفارقة حقًا كانت في استهلاك الطاقة.
بالمجمل، كانت معالجات "الجيل الخامس عشر" مزحة كبيرة!
معالجات AMD Ryzen 9000 كانت مُحبطة هي الأخرى
ليس بنفس درجة معالجات Arrow Lake، لكن هذا لا يعني أنها لم تكن مُحبطة. فعندما
أعلنت شركة AMD عن معالجات الـ Ryzen 9000 بمعمارية Zen 5، كانت التوقعات حول تحسين
الأداء وكفاءة استهلاك الطاقة – مقارنة بالجيل السابق – مرتفعة. لكن ماذا حدث؟
عند إطلاق المعالجات في الربع الأول من 2024، كان استهلاك الطاقة أعلى بشكلٍ
ملحوظ مما ادعته AMD سابقًا، في الواقع، كان مطابقًا تقريبًا لمعالجات الـ Zen 4.
أما على مستوى الأداء، فكان أفضل بنسبة طفيفة تصل إلى 2-3% في الألعاب مثلًا،
وهذه لم تكن النسبة المُنتظرة. باختصار، لم تكن معالجات Ryzen 9000 جذابة بالنسبة
للكثير من المستخدمين، حتى بعد إصدار تحديثات البيوس لتحسين الأداء، حيث لم يجد
أحد أن الترقية لهذا الجيل تستحق الفارق المادي.
في النهاية، يشهد سوق الهاردوير الخاص بالحواسيب المكتبية ركودًا واضحًا، حيث
تراجعت ابتكارات أهم الشركات التي يُعتمد عليها. هذا لا يعني أن بعض الشركات، مثل
Nvidia، تنمو وتبتكر وتتعملق، وربما تُجهز لنا شيئًا يستحق هذا الانتظار، لكننا
نتحدث عن سوق هاردوير الحواسيب المكتبية وعام 2024 تحديدًا. عمومًا، نتوقع أن
يكون العام المقبل 2025 مختلفًا تمامًا وأن يكون مُحمّلًا بالكثير من المفاجآت التي كنا
ننتظرها في هذا العام ولم نجدها.