شهدت شبكة الإنترنت تحولًا جذريًا منذ بداية الألفية الجديدة، إذ حققت قفزات كبرى متجاوزة كل التوقعات في نموها وانتشارها. فمن سرعات متواضعة لم تتجاوز 56 كيلوبت في الثانية، أصبحنا اليوم نتحدث عن سرعات تقاس بالميجابت وحتى الجيجابت. هذا التطور المذهل لم يقتصر على زيادة السرعة فحسب، بل امتد ليشمل عدد المستخدمين وحجم البيانات المتداولة عبر الشبكة العنكبوتية. وفي خضم هذا التطور، رسخت بعض الدول العربية مكانتها بين النخبة العالمية في مجال سرعات الإنترنت. لذا دعونا في هذا الموضوع نتناول استعراض أسرع وأبطأ اتصالات الإنترنت – كلًا من الإنترنت المحمول (شبكات الهواتف) والإنترنت الثابت – في المنطقة العربية أولاً، ومن ثم في العالم بأكمله.
يجدر بالذكر أن الأرقام المذكورة أدناه تتناول سرعات التنزيل فقط وليس سرعات الرفع، إذ اعتمدنا في جمع البيانات على مؤشر Ookla Speedtest العالمي والذي يضيف إلى قائمته أي بلد مع أكثر من 300 مستخدم مختلف جرب اختبار السرعة عبر أداة SpeedTest وبالتالي يعكس المؤشر بيانات مجمعة من ملايين الاختبارات التي أجراها المستخدمون، ما يوفر رؤية شاملة لأداء الإنترنت العالمي، ولكن في الوقت ذاته يلاحظ أن بعض البلدان مستثناة من الترتيب أصلاً، وبعضها ربما لا تعكس القيم والمتوسطات الحقيقية.
أعلى سرعات الإنترنت لعام 2024
الإنترنت المحمول في العالم العربي: تفوق خليجي واضح
- الإمارات — متوسط سرعة تنزيل حوالي 400 ميجابت في الثانية.
- قطر — متوسط سرعة تنزيل حوالي 350 ميجابت في الثانية.
- الكويت — متوسط سرعة تنزيل حوالي 250 ميجابت في الثانية.
- السعودية — متوسط سرعة تنزيل حوالي 120 ميجابت في الثانية.
- البحرين — متوسط سرعة تنزيل حوالي 110 ميجابت في الثانية.
- عُمان — متوسط سرعة تنزيل حوالي 85 ميجابت في الثانية.
- المغرب — متوسط سرعة تنزيل حوالي 40 ميجابت في الثانية.
- لُبنان — متوسط سرعة تنزيل حوالي 34 ميجابت في الثانية.
- العراق — متوسط سرعة تنزيل حوالي 33 ميجابت في الثانية.
- الأردن — متوسط سرعة تنزيل حوالي 29 ميجابت في الثانية.
تتصدر دول الخليج المشهد في مجال الإنترنت المحمول في العالم العربي، فالمراكز الأولى تحتلها بلدان خليجية وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة، تليها قطر عن كثب، ثم الكويت والمملكة العربية السعودية والبحرين التي أظهرت أداءً قويًا أيضًا على عرش سرعات الانترنت المحمول عربيًا، فيما أبطأ سرعة إنترنت خليجية موجودة في عُمان حيث ولا تزال أفضل من أي بلد عربي غير خليجي.
يعزى هذا التفوق الخليجي إلى الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية الرقمية وتبني التقنيات الحديثة بوتيرة متسارعة. حيث ينبع الأداء المتميز لدولة الإمارات من اعتمادها المبكر لتقنية الجيل الخامس والاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية، بالإضافة إلى الدعم الحكومي القوي لمبادرات التحول الرقمي وجهود التحديث المستمرة للبنية التحتية. كما يعكس أداء الإنترنت المحمول المثير للإعجاب في كلًا من قطر والكويت نهجهما الشامل لتطوير البنية التحتية الرقمية مدعومة باستثمارات كبيرة مستمرة، والتغطية الواسعة لشبكة الجيل الخامس. كما أظهرت السعودية تقدمًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة فيما يبدو أن مبادرات التحول الرقمي لرؤية المملكة 2030 حفزت على الانتشار السريع لشبكات الـ 5G وزيادة المنافسة بين مقدمي الخدمات، ما أدى إلى تحسينات ملحوظة في أداء الإنترنت المحمول.
ولعل سبب التباين الكبير في سرعات الإنترنت المحمول في العالم العربي هو أن البلدان الخليجية حصلت على شبكات الجيل الخامس بسرعة كبيرة، ومعظمها تستعد لشبكات الجيل السادس حتى، بينما لا تزال العديد من الدول العربية الأخرى تكافح لتوفير تغطية شاملة لشبكات الجيل الرابع. حتى عُمان، التي تسجل أبطأ سرعات إنترنت محمول بين دول الخليج، تتفوق على جميع الدول العربية الأخرى. في المقابل، تعاني دول مثل مصر (25 ميجابت/ثانية) والجزائر (24 ميجابت) وليبيا (15 ميجابت) وسوريا (12 ميجابت) واليمن (8 ميجابت/ثانية) من أبطأ سرعات الإنترنت المحمول في المنطقة العربية، مع غياب البيانات عن فلسطين بسبب الظروف الراهنة.
الإنترنت الثابت: صورة مختلفة للواقع العربي
- الإمارات — متوسط سرعة تنزيل ~ 300 ميجابت في الثانية.
- الكويت — متوسط سرعة تنزيل ~ 200 ميجابت في الثانية.
- قطر — متوسط سرعة تنزيل ~ 181 ميجابت في الثانية.
- الأردن — متوسط سرعة تنزيل ~ 155 ميجابت في الثانية.
- السعودية — متوسط سرعة تنزيل ~ 112 ميجابت في الثانية.
- البحرين — متوسط سرعة تنزيل ~ 85 ميجابت في الثانية.
- مصر — متوسط سرعة تنزيل ~ 76 ميجابت في الثانية.
- عُمان — متوسط سرعة تنزيل ~ 74 ميجابت في الثانية.
- فلسطين — متوسط سرعة تنزيل ~ 67 ميجابت في الثانية.
- العراق — متوسط سرعة تنزيل ~ 33 ميجابت في الثانية.
كما يُستشف من القائمة السابقة، يختلف المشهد بشكل كبير نسبيًا عند الحديث عن الإنترنت الثابت، رغم استمرار تفوق دول الخليج في هذا المجال أيضًا حيث لا تزال تحتل المراتب الأولى مع الإمارات والكويت وقطر في قمة الترتيب، ربما نتيجة نجاح هذه الدول في توسيع انتشار شبكة الألياف البصرية، لكن بالمقارنة مع سرعات الإنترنت المحمول لا بد من ملاحظة بعض الاختلافات.
بينما اتصال الإنترنت المحمول في الأردن هو الأدنى بين أفضل 10 دول أداءً على المستوى العربي، فالإنترنت الثابت أفضل بمراحل مع متوسط سرعة أعلى من المملكة العربية السعودية والبحرين حتى. كذلك مصر، فبالرغم من كون سرعة الإنترنت الثابت في مصر أدنى من المتوسط العالمي، إلا إنها لا تزال ممتازة بالمقارنة مع البلدان العربية الأخرى، بينما تعُد ضمن أسوأ سرعات الإنترنت المحمول عربيًا.
وتبرز حالة لبنان كمثال مثير للاهتمام، حيث تتمتع بسرعات إنترنت محمول متميزة تجعلها الثامنة عربيًا، ومع ذلك فإن لبنان تمتلك واحدًا من أسوأ سرعات الإنترنت الثابت في المنطقة العربية والعالم حتى مع متوسط سرعة تنزيل 16 ميجابت/ثانية. ويمكن تفسير هذا التباين بالطبيعة الجغرافية الجبلية للبنان، التي تجعل من شبكات الاتصال اللاسلكية خيارًا أكثر عملية من الشبكات السلكية التقليدية.
في أدنى الترتيب نجد دول عربية مثل الجزائر (14 ميجابت/ثانية) وتونس (10 ميجابت) وسوريا (3 ميجابت) التي تعد الأسوأ عربيًا ومن الأسوأ في العالم، وأعلاها اليمن (8 ميجابت) التي تمتلك ترتيبًا سيئًا جدًا في مجال الإنترنت المحمول كذلك.
المشهد العالمي للإنترنت المحمول: حضور عربي متميز
- الإمارات — متوسط سرعة تنزيل ~ 413 ميجابت في الثانية.
- قطر — متوسط سرعة تنزيل ~ 350 ميجابت في الثانية.
- الكويت — متوسط سرعة تنزيل ~ 257 ميجابت في الثانية.
- كوريا الجنوبية — متوسط سرعة تنزيل ~ 143 ميجابت في الثانية.
- هولندا — متوسط سرعة تنزيل ~ 142 ميجابت في الثانية.
- الدنمارك — متوسط سرعة تنزيل ~ 133 ميجابت في الثانية.
- النرويج — متوسط سرعة تنزيل ~ 129.16 ميجابت في الثانية.
- بلغاريا — متوسط سرعة تنزيل ~ 129.07 ميجابت في الثانية.
- السعودية — متوسط سرعة تنزيل ~ 120 ميجابت في الثانية.
- لوكسمبورج — متوسط سرعة تنزيل ~ 119 ميجابت في الثانية.
على الصعيد العالمي، حققت الإمارات العربية المتحدة إنجازًا تاريخيًا بتصدرها قائمة أسرع شبكات الإنترنت المحمول في العالم، متفوقة على كوريا الجنوبية التي هيمنت على هذا المركز لسنوات طويلة. ومن المثير للاهتمام أن هناك 4 بلدان عربية في الصدارة ضمن أفضل 10 دول أداءً على مستوى العالم، فبالإضافة إلى الإمارات، تأتي قطر في المركز الثاني عالميًا، تليها الكويت ثم المملكة العربية السعودية وإن كانت لا تضاهي السرعات الاستثنائية التي حققتها كلاً من الإمارات وقطر. وفي حال كانت القائمة أطول بقليل لكانت البحرين التي تحتل المرتبة 12 ظاهرة كذلك مؤكدة التقدم التقني الملحوظ في المنطقة الخليجية.
وبينما تتمتع دول الخليج بواحد من أسرع خدمات الإنترنت المحمول في العالم، فإن الوضع مختلف تمامًا في الدول الأخرى. في الواقع ومن بين أسوأ 10 بلدان من حيث الإنترنت المحمول، هناك 3 بلدان عربية، وفي حال النظر إلى المتوسط العالمي، فجميع البلاد العربية باستثناء بلدان الخليج والمغرب تمتلك اتصال إنترنت محمول دون المتوسط العالمي.
الأداء العالمي لاتصالات الإنترنت الثابت: توازن آسيوي أوروبي
- سنغافورة — متوسط سرعة تنزيل ~ 305 ميجابت في الثانية.
- الإمارات — متوسط سرعة تنزيل ~ 300 ميجابت في الثانية.
- هونج كونج — متوسط سرعة تنزيل ~ 285 ميجابت في الثانية.
- تشيلي — متوسط سرعة تنزيل ~ 273 ميجابت في الثانية.
- الولايات المتحدة — متوسط سرعة تنزيل ~ 246 ميجابت في الثانية.
- تايلاند — متوسط سرعة تنزيل ~ 233 ميجابت في الثانية.
- فرنسا — متوسط سرعة تنزيل ~ 230 ميجابت في الثانية.
- الدنمارك — متوسط سرعة تنزيل ~ 223 ميجابت في الثانية.
- أيسلندا — متوسط سرعة تنزيل ~ 211 ميجابت في الثانية.
- رومانيا — متوسط سرعة تنزيل ~ 208 ميجابت في الثانية.
بشكل مشابه للإنترنت المحمول، تهيمن كلًا من الدول الأوروبية والآسيوية على المشهد العالمي للإنترنت الثابت، حيث تتصدر سنغافورة الترتيب، وتأتي هونج كونج وتشيلي بعد الإمارات العربية المتحدة ضمن مقدمة الدول العشر الأفضل على مستوى العالم، إذ تحتل الإمارات المركز الثاني، مما يجعلها في الصدارة بشكل واضح عربيًا، تليها الكويت في المركز 16 ثم قطر في المركز 21 عالميًا. في الجانب المقابل من الترتيب، توجد 3 بلدان عربية بين الأسوأ (ليبيا واليمن وسوريا). كما أن للقارة السمراء الحصة الأكبر مع 5 من أسوأ 10 اتصالات إنترنت.
ملاحظات حول سرعات الإنترنت العربية والعالمية
الفجوة الرقمية وفقًا لنوع الاتصال
تكشف الإحصاءات السابقة عن فجوة رقمية كبيرة في سرعات الإنترنت حسب نوع الاتصال، فبمقارنة أسرع وأبطأ اتصال إنترنت محمول في العالم، نجد أن الاتصال الأبطأ يشكل حوالي 2.1% فقط منه. وهذه فجوة كبيرة دون شك، وتشير إلى اختلاف عظيم بين البلدان وبالأخص كون كل من الأسرع والأبطأ بلدين عربيين في الشطر الآسيوي. وتبرز هذه الفجوة بشكل أكثر وضوحًا في الإنترنت الثابت، حيث تقل النسبة عن واحد بالمئة بين أسرع وأبطأ اتصال، ومجددًا كل من القيمتين واقعان في آسيا.
أمريكا الشمالية تتمتع بأفضل سرعات إنترنت
من الملاحظ أن كلًا من الولايات المتحدة وكندا تحتلان مراكز متقدمة في سرعات الإنترنت الثابت والمحمول. وحتى مع كون السرعات أقل بشكل واضح في المكسيك وكوبا، تظل أمريكا الشمالية الأفضل من حيث سرعات الإنترنت. من ناحية أخرى، تحتل أوروبا مرتبة قريبة، حيث تتميز دول شمال أوروبا بسرعات إنترنت عالية جدًا، بينما تعاني العديد من دول الجنوب والبلقان من اتصالات إنترنت أبطأ نسبيًا. أما إفريقيا تتذيل ترتيب سرعات الإنترنت في الواقع، ورغم أن بعض دولها توفر سرعات عالية وجيدة نسبيًا، إلا أن معظم البلدان الأفريقية تعاني من بطء شديد في الإنترنت.
التباين الجغرافي المُثير للإعجاب
يظهر التباين في سرعات الإنترنت بشكل واضح بين الدول المتجاورة، متأثرًا بعوامل اقتصادية وسياسية متعددة. ويتجلى هذا التباين في حالات عديدة، مثل الفارق الكبير بين سنغافورة وماليزيا، والمغرب والجزائر، ومصر وليبيا، والسعودية واليمن. هذه الاختلافات تعكس التحديات الاقتصادية والتقنية التي تواجه تطوير البنية التحتية للإنترنت في المنطقة.
التفوق العربي الخليجي
أثبت العالم العربي، ولا سيما منطقة الخليج، ريادته العالمية في مجال الاتصال بالإنترنت. وتشكّل الإمارات العربية المتحدة وقطر نموذجين للتميز، بينما تواصل دول المنطقة الأخرى تقدمها من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والسياسات الاستشرافية، إذ يظل الاستثمار في البنية التحتية محركًا رئيسيًا لتحسين أداء الإنترنت. يضع هذا التقدم المنطقة في وضع إيجابي لمبادرات التحول الرقمي والتقدم التكنولوجي في المستقبل واللذان يعتمدان على الاتصال عالي السرعة في المقام الأول.
