لم يكُن
مُستخدمو الكمبيوتر
منذ عقدين من الزمن فقط يملكون الكثير من حرّية الاختيار عند الحاجة إلى
شراء جهاز جديد، إذ كانت الخيارات محدودة تكاد تنحصر في تلك
المكتبيّة وأجهزة اللابتوب
فقط. أصبحت الخيارات المُتاحة الآن مُتنوّعة للغاية بعدما توفّرت في أسواق
التقنية أنواع مُتعدّدة لأجهزة الكمبيوتر التي تُناسب مُختلف الأغراض
وأنماط الاستخدام، فإلى جانب أجهزة اللابتوب، ظهرت أنواع أخرى كأجهزة الكمبيوتر اللوحيّة
(التابلت)، والتي سُرعان ما وجدت طريقها إلى أيدي مليارات المُستخدمين بسبب خفّة
وزنها وسهولة حملها. وإلى جانب
أجهزة الكمبيوتر المكتبيّة
ظهرت أجهزة الكونسول
وأجهزة الكمبيوتر المكتبيّة المُصغّرة
التي يُمكن أن تفي باحتياجات الحوسبة الأساسيّة عندما لا نملك مساحة كافية لوضع
أجهزة كمبيوتر مكتبيّة تقليديّة. فما هيّ أجهزة الـ Mini PC؟ في هذه المقالة
نتعرّف على أهمّ عيوبها وأبرز المُميّزات والأسباب التي يُمكن أن تدفعك
لاقتنائها.
نظرة شاملة على أجهزة Mini PC
ما هي أجهزة الكمبيوتر المصغّرة؟
يعدّ جهاز الكمبيوتر المُصغّر Mini PC نوعًا خاصًّا من أجهزة الكمبيوتر المكتبيّة
صًمّم بحجم أصغر لكي يُناسب الاستخدام في المساحات المحدودة حيث لا يكون هُناك
حيّزًا مكانيًّا كافيًا لوضع جهاز كمبيوتر مكتبيّ تقليديّ، وفي نفس الوقت لا تكون
هُناك حاجة إلى نقل الكمبيوتر من موضعه، وبالتالي فلا حاجة لدفع تكلفة إضافيّة
لشراء جهاز لابتوب.
يأتي الـ Mini PC على شكل عُلبة أو صندوق بأحجام مُتعدّدة يوجد على جوانبه
عدّة منافذ ويحوي داخله المكونات المعتادة مثل المعالج والرامات ووحدة تخزين
تُشبه إلى حدّ كبير مثيلاتها المُستخدمة في أجهزة اللابتوب. تكون جميع هذه
المكوّنات الداخليّة لجهاز الكمبيوتر المُصغّر أصغر حجمًا من مثيلاتها الموجودة
في الكمبيوتر المكتبيّ التقليديّ، وفي كثير من الأحيان تكون مُلتحمة باللوحة
الأمّ مُباشرةً ممّا يحدّ من إمكانيّة استبدال المكوّنات أو ترقيتها.
ولا تأتي أجهزة الكمبيوتر المُصغّرة مُرفقة بأيّ أجهزة أو مُلحقات طرفيّة كالشاشة
والكيبورد والماوس، ولكن يُمكن توصيلها من خلال المنافذ المُتعدّدة المُنتشرة على
جوانبها بمُختلف أنواع الشاشات والأجهزة الطرفيّة التي قد يكون بعضها متوفّرًا
بالفعل لدى المُستخدم، وهو ما يجعلها صالحة للاستخدام كوحدات تحكُّم مُخصّصة.
يُمكن لأجهزة الكمبيوتر المصغّرة القيام بمهام الحوسبة الأساسيّة مُعتمدة على
وحدات إمداد طاقة أقلّ قوّة، ولا تعتمد أنظمة التبريد الخاصّة بها على وجود
المراوح، بل تتّبع بدلًا من ذلك طُرق الإدارة الحراريّة السلبيّة نهجًا للتبريد.
يُعدّ كمبيوتر Intel NUC الذي طرحته شركة إنتل في الأسواق العالميّة لأوّل مرّة
عام 2013 واحدًا من أشهر إصدارات أجهزة الكمبيوتر المصغّرة ويُعدّ
كمبيوتر Mac Mini
من أبل هو أكثرها شعبيّة وانتشارًا حتّى الآن.
أسباب تدفعك لشراء أجهزة Mini PC
صغر حجمها
إنّ أهمّ ما يُميّز أجهزة الكمبيوتر المصغّرة عن أجهزة الكمبيوتر المكتبيّة
التقليديّة هو صغر حجمها وخفّة وزنها، وهو ما يجعلها مفيدة بشكل خاص لأولئك الذين
لديهم مساحة مكتب محدودة لا تكفي لوضع أجهزة الكمبيوتر المكتبيّة القياسيّة.
يُمكن وضع أجهزة الكمبيوتر المصغّرة في أيّ مكان تقريبًا حتّى داخل السيّارات
والبيوت المتنقّلة، فباستخدام حامل VESA أو مشبك مطبوع ثلاثي الأبعاد أو أربطة
بلاستيكيّة يُمكن تثبيت جهاز الكمبيوتر المصغّر في الجزء الخلفيّ من شاشة
التليفزيون أو شاشة العرض واستخدامه لعرض الفيديو وبثّ المؤتمرات أو لتشغيل
الألعاب، كما يُمكن وضعه بالقرب من أماكن وجود الأجهزة المنزليّة الذكيّة
واستخدامه كوحدة تحكُّم ذكيّة في المنزل.
كفاءة استخدامها للطاقة
تستخدم أجهزة الكمبيوتر المصغّرة وحدات إمداد طاقة اقلّ قوّة من تلك الموجودة في
أجهزة الكمبيوتر المكتبيّة التقليديّة، وهو ما يعني أنّ الجهاز يستهلك طاقة أقلّ
عند التشغيل، وبالتالي تنخفض الحرارة المتولّدة المُصاحبة لتشغيل الجهاز، لذلك
تخلو أجهزة الكمبيوتر المصغّرة في مُعظم الأحيان من مراوح التبريد، وبدلًا من ذلك
تعتمد أنظمة التبريد الخاصّة بها بشكل أساسيّ على مُبدّدات الحرارة، وهو ما
يجعلها أقلّ استهلاكًا للكهرباء وأكثر كفاءة في استهلاك للطاقة من أجهزة
الكمبيوتر القياسيّة.
العمل في صمت
لا تُصدر أجهزة الكمبيوتر المصغّرة أيّ ضجيج يُذكر أو أصوات مُزعجة أثناء التشغيل
بسبب خلوّها من مراوح التبريد والاكتفاء بمُبدّدات الحرارة لتبريدها والتخلُّص من
القدر الضئيل من الحرارة الناتجة أثناء تشغيلها، وهو ما يوفّر للمُستخدم بطبيعة
الحال تجربة تشغيل هادئة أقلّ تشتيتًا للانتباه.
تكلفتها المنخفضة
تُعتبر أجهزة الكمبيوتر المصغّرة رخيصة الثمن مُقارنةً بمُختلف أنواع أجهزة
الكمبيوتر المكتبيّة الأخرى وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، نظرًا لأنّك لا تدفع
المال نظير شراء جهاز كمبيوتر مُتكامل، وإنّما نظير شراء وحدة مُعالجة مركزيّة
ووحدة إمداد طاقة وذاكرة وصول عشوائيّ وقُرص صلب وبعض المكوّنات الداخليّة الأخرى
على حين تكون عناصر الكمبيوتر الأخرى كالشاشة ولوحة المفاتيح متوفّرة لديك بالفعل
أو تنوي شراءها بشكل مُنفصل.
كذلك تلعب وحدات إمداد الطاقة الأقلّ قوّة التي تتمتّع بها أجهزة الكمبيوتر
المصغّرة دورًا هامًا في خفض التكلفة الإجماليّة للجهاز، فمع انخفاض الطاقة
المُستهلكة لتشغيل الجهاز، تنخفض الحرارة المتولّدة في مكوّنات الجهاز نتيجة
التشغيل، وبالتالي يُمكن الاستغناء عن مراوح التبريد والاكتفاء بمُبدّدات الحرارة
لتبريد مكوّنات الجهاز. لذلك فإنّ شراء أجهزة الكمبيوتر المصغّرة يُمكن أن يكون
حلًّا مناسبًا عندما تكون الميزانيّة محدودة، أو عندما تكون لديك بالفعل شاشة عرض
وبعض المكوّنات الأخرى التي تُريد استغلالها للتحكُّم في المنزل الذكيّ أو أداء
مهام أخرى مثل مُشاهدة الفيديو أو تشغيل الألعاب.
عيوب أجهزة الكمبيوتر المصغّرة
لا تخلو أجهزة الكمبيوتر المصغّرة من بعض العيوب ونقاط الضعف شأنها في ذلك شأن
أيّ جهاز كمبيوتر آخر. ويتمثّل العيب الرئيسيّ الذي تتّسم به مكوّنات أجهزة
الكمبيوتر المصغّرة في قابليّتها المحدودة للترقية، فبسبب صغر حجمها ووجود بعض
المكوّنات الداخليّة مُلتحمة مُباشرةً باللوحة الأمّ يكون من المُستحيل إزالة هذه
المكوّنات أو استبدالها للترقية.
وبسبب القيود الحرارية وقيود الطاقة، فلا تتمتع أجهزة الـ Mini PC بأداء
يطابق الحواسيب المكتبية التقليدية، حيث تواجه صعوبات في التعامل مع المهام
الثقيلة مثل تحرير الفيديو أو تشغيل الألعاب الثقيلة. وبخصوص الألعاب، فهذه
الأجهزة أيضًا تعتمد في معظمها على معالجات رسومية مدمجة، مما يحد من قدرتها
على تشغيل البرامج والألعاب التي تتطلب معالجة رسومية عالية.
استخدامات أجهزة الكمبيوتر المصغّرة
على الرغم من إمكانيّاتها التي لا تزال محدودة مُقارنةً بأجهزة الكمبيوتر
المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المكتبيّة القياسيّة، فقد تطوّرت أجهزة الكمبيوتر
المُصغّرة على مدار السنوات القليلة الماضية ولم تعُد استخداماتها قاصرة فقط على
القيام بمهام الحوسبة الأساسيّة والأنشطة اليوميّة كتصفُّح الويب وتشغيل مقاطع
الفيديو وإنجاز بعض المهام المكتبيّة كتحرير النصوص وإدارة جداول البيانات، بل
تجاوزت ذلك إلى إنجاز بعض المهام الأكثر تعقيدًا مثل تطوير الويب.
ونظرًا لخفّة وزنها وصغر حجمها، فمن الشائع استخدامها لتشغيل اللافتات الرقميّة
والأكشاك وفي محلّات البيع بالتجزئة وفي المكاتب، وفي البيوت المُتنقّلة
والسيّارات. أمّا في المنازل، فمن المُمكن توصيلها بشاشات التليفزيون التي تتمتّع
بجودة 4K واستخدامها لبثّ خدمات الفيديو عبر المنصّات الرقميّة المُختلفة مثل
يوتيوب ونتفليكس، أو استخدامها لمُحاكاة أجهزة الألعاب (الكونسول)، أو كوحدات
تحكُّم في المنزل الذكيّ.
تُناسب أجهزة الكمبيوتر المُصغّرة أيضًا الاستخدام في المكاتب والشركات، وحتّى
الشركات المنزليّة والمؤسّسات التي تعتمد على عمل موظّفيها عن بُعد، بفضل قُدرتها
على تشغيل البرامج والتطبيقات المكتبيّة وبثّ مقاطع الفيديو والبثّ الحيّ
للمؤتمرات. كذلك تُعدّ أجهزة الكمبيوتر المُصغّرة خيارًا مُمتازًا عند الحاجة إلى
استخدامها كأجهزة توجيه مُخصّصة، أو
كأجهزة NAS
حيث يُمكن استخدامها كخوادم منزليّة لإعداد خدمات التخزين السحابيّ من خلال
برنامج مثل
FreeNAS، كما
يُمكن استخدامها لتشغيل خوادم الوسائط إمّا من خلال بعض التطبيقات والبرامج مثل
PLEX أو عن طريق مُشاركة
الملفّات باستخدام أدوات مُشاركة الملفّات المضمنة في العديد من أنظمة التشغيل
كالويندوز واللينكس والماك، وحتى إنشاء
خوادم VPN، بالإضافة إلى إمكانيّة استخدامها لمنع الإعلانات على مستوى الشبكة بالاستعانة
ببرامج مثل Pi-hole أو
AdGuard.
تتوفّر أجهزة الكمبيوتر المصغّرة في الأسواق بأحجام مُختلفة وبمواصفات
وإمكانيّات متنوّعة، فبينما تمتلك بعضها إمكانيّات وقُدرات مُعالجة محدودة لا
تجعلها صالحة سوى لإجراء مهامّ الحوسبة الأساسيّة، فإنّ بعضها الآخر يأتي
بمُعالجات قويّة وذاكرة وصول عشوائيّ كبيرة ووحدات معالجة رسوميّة مُخصّصة تجعل
أداءها قويًّا بما يكفيّ للقيام ببعض المهام المُعقّدة كتطوير الويب وتشغيل ألعاب
الفيديو غير الرسميّة، وبالتالي فإنّ تحديد مواصفات جهاز الكمبيوتر المُصغّر الذي
يُناسبك يتوقّف بشكل أساسيّ على نوع المهام المطلوبة من الجهاز.