أعلنت OpenAI عن نموذجٍ جديد من روبوت الدردشات الشهير ChatGPT، وهو "GPT-4o mini"، وكما يتضح من الاسم، فهو نُسخة مُصغرة من نموذجها الخارق وأحد أقوى نماذج الذكاء الاصطناعي على الساحة في الوقت الراهن GPT-4o. وبحسب الشركة، فإن "GPT-4o mini" سيستبدل نموذج GPT-3.5 Turbo وسيتوفر رسميًا لمستخدمي النسخة المجانية والمدفوعة ChatGPT Plus، على أن يتوفر لنسخة الأعمال لاحقًا. وفقًا لبيان OpenAI فإن GPT-4o mini سيكون نموذجًا متعدد الاستخدامات، مثل GPT-4o الذي صدر في مايو الفائت، ما يعني أن مهامه لن تقتصر على إنشاء النصوص وفقط، بل ستمتد لأكثر من ذلك حيث تقول OpenAI إن نموذجها الجديد سيستطيع تفسير الصور والمقاطع الصوتية أيضًا في المستقبل القريب، ناهيك أنه سيتمكن من توليد الصور بالطبع، ولكن بالطبع هناك بعض الاختلافات دعونا نوضحها.
نموذج GPT-4o mini من OpenAI
أولًا: مواصفات GPT-4o mini
مبدئيًا، يستطيع نموذج OpenAI الجديد أن يستوعب حتى 128 ألف رمز مميز (Token)، ولكن معرفته متوقفة عند أكتوبر 2023. ولا يُكلف GPT-4o mini الشركة كثيرًا مقارنةً بـ GPT-3.5 Turbo مثلًا، فهو أرخص بنسبة 60% بواقع 15 سنت فقط مقابل كل مليون حرف مميز تكتبه و60 سنت مقابل كل مليون حرف مميز يُخرجه النموذج. والحروف المميزة هي أجزاء من البيانات تستخدمها أنظمة اللغات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لمعالجة المعلومات.
وقالت OpenAI إن نموذج GPT-4o mini سيكون أول نموذجٍ لها يستخدم تقنية جديدة تُسمى "Instruction Hierarchy"، وذلك لإعطاء بعض التعليمات الأولوية على حساب تعليمات أخرى، والفائدة من ذلك – بشكلٍ مقتضب – أنه سيُصعب من محاولات التحايل على برمجيات النموذج، وهذا سيتضح أكثر عندما يتوفر GPT-4o mini لعامة المستخدمين.
ثانيًا: أداء نموذج GPT-4o mini
تقول OpenAI، وكما هو متوقع، إن نموذجها الجديد أدى جيدًا عند اختباره بمقاييس البنشمارك المختلفة مثل MMLU (للمعرفة العامة) و HumanEval (للبرمجة) ولكن الحقيقة أن هذه الاختبارات لا تعني الكثير، والاختبار الحقيقي هو التجربة العملية من قِبل عامة المستخدمين، وهذا لأن الأمر متعلق بأسلوب وجودة الكتابة (وأشياء أخرى مثل عدم الهلوسة) أكثر منه إلى رصِ المعلومات بشكلٍ خام أو حل بعض المعضلات الحسابية، وهذه مشكلة أغلب نماذج الذكاء الاصطناعي الموجودة على الساحة حاليًا.
الشيء المبشر حقًا أن نموذج GPT-4o mini تفوق على GPT-4 Turbo على منصة LMSYS Chatbots Arena التي تقيس مدى رضا المستخدمين أنفسهم، وإن كان هذا المقياس نسبيًا أيضًا لأن OpenAI قالت الشيء نفسه على نموذج GPT-4o، ولكن بعض المستخدمين فضلوا GPT-4 Turbo عليه لأن نموذج "Omni" يجوّد في الإجابات أحيانًا ومن الوارد جدًا أن يُسهب في تفاصيل أنت لم تطلبها من الأساس.
الجدير بالذكر أن OpenAI ليست الشركة الأولى التي تصدر نموذجًا مُصغرًا من نماذجها الكبيرة، فشركات مثل Meta وGoogle وAnthropic سبقها لذلك. وتُصمم النماذج المُصغرة بشكلٍ رئيس بهدف تأدية المهام بأقرب كفاءة ممكنة من النماذج الكبيرة، ولكن بأقل تكلفة ممكنة. وعادةً ما تُوجّه النماذج المُصغرة هذه لمستخدمي الفئات الأدنى من الإصدارات المدفوعة، ولهذا فإن OpenAI تستحق الإشادة لطرح هذا النموذج الجديد لمستخدمي النسخة المجانية من ChatGPT.
وقال "أوليفير جودمينت"، وهو مدير قسم الواجهات البرمجية بـ OpenAI، إن الشركة تسعى لامتلاك أفضل النماذج المُصغرة على الإطلاق، وهذا بجانب سعيها لتطوير الخدمات التي تقدمها بالطبع.
أخيرًا وليس آخرًا، يتم تطوير النسخ المُصغرة من النماذج اللغوية بحيث تمتلك عدد أقل من المتغيرات أو الـ "Parameters"، والتي يمكن اعتبارها "مخازن رقمية" ذات قيم محددة في الشبكات العصبية التي تُخزن المعلومات المستقاة من قواعد البيانات، وهذا بالتبعية يعني أن هذه النوعية من النماذج تمتلك عدد أقل من الشبكات العصبية، وبالتالي فإن قدرتها على فهم السياقات تكون أضعف بقليل من النماذج الكبيرة، وإن كان هذا ليس الحال دائمًا، ببساطة لأنه ليس شرطًا أن يؤثر حجم المتغيرات بشكلٍ مباشر على الاستيعاب.
وإذا كنت تتساءل عن العوامل الأخرى التي تؤثر على قدرات النماذج الاستيعابية فستجد المعمارية وكفاءتها، وجودة قواعد البيانات من أهم العوامل، والدليل على ذلك يتجسد في بعض النماذج المصغرة مثل Microsoft Phi-3. وختامًا، عليك أن تعرف أنه كلما قل عدد المتغيرات، قلت الحسابات اللازمة لتشغيل النموذج، وهذا يوفر الطاقة ولا يحتاج من الشركات أن تستخدم أقوى المعالجات الرسومية، وبالتالي تقل التكلفة عليهم.
