نجحت شركة سامسونج في الاستحواذ على اهتمام مُستخدمي الهواتف الذكيّة والمهتمّين بالسوق التقني حول العالم منذ أعلنت في مطلع عام 2024 عن إطلاق سلسلة هواتف Galaxy S24 أحدث أجهزتها التي ضمت ثلاث إصدارات جديدة والتي جاءت مزوّدة بمجموعة رائعة من الميزات الاستثنائيّة المدعومة بالذكاء الاصطناعيّ والتي يُطلق عليها "Galaxy AI". وسُرعان ما وسّعت الشركة دائرة المُستفيدين من ميزات الذكاء الاصطناعيّ على أجهزتها لتشمل جمهورًا أكبر من المُستخدمين، فأصبحت ميزات الذكاء الاصطناعيّ مُتاحة أيضًا على هواتف Galaxy S23 بفضل تحديث One UI 6.1 الأخير الذي صدر في شهر مارس الماضي. الآن دعونا نُلقي نظرة على أهمّ الميزات المدعومة بالذكاء الاصطناعيّ التي تُوفّرها العديد من هواتف سامسونج جالاكسي في الوقت الحالي.
مزايا Galaxy AI في هواتف سامسونج
الترجمة المباشرة للمُكالمات الهاتفيّة
رُبّما كانت عمليّة تحويل الكلام المنطوق إلى نصّ مكتوب ثُمّ ترجمته من لغة إلى لغة أخرى مُتاحة من قبل من خلال خدمة ترجمة جوجل والعديد من التطبيقات والخدمات الأخرى، ولكن ما قدّمته سامسونج هذه المرّة كان بمثابة ميزة استثنائيّة بحقّ، بعدما أتاحت إمكانيّة ترجمة المُكالمات الهاتفيّة في الوقت الفعليّ وفي كلا الاتجاهين، وهو ما يُمكن أن يُفيد بشكل خاص أثناء السفر ويُمكن أن يُساعد على التواصل بصورة أفضل مع أشخاص من مختلف أنحاء العالم من غير الناطقين بلغاتنا.
تسمح هذه الميزة حتّى الآن بترجمة الكلام المنطوق خلال المُكالمات الهاتفيّة من وإلى 13 لغة مختلفة من بينها اللغات الصينية والفرنسية و الإسبانية والألمانية والهندية والكورية وحتى العربية، ولا يشترط اتّصال الهاتف بشبكة الإنترنت لتشغيل ميزة ترجمة المُكالمات في الوقت الفعليّ، فقط تحتاج لتمكين Live Translate أوّلا على الهاتف الذي يدعم هذه الميزة، ثُم تقوم بضبط إعدادات اللغة واختيار الأصوات المُستخدمة في الترجمة.
يُمكنك ضبط إعدادات اللغات التي تُريد الترجمة منها وإليها أثناء إجراء أو تلقّي المُكالمات الهاتفيّة مع جهات اتّصال مُحدّدة، وبناءًا على اللغات المُحدّدة سيتمّ تنزيل القواميس والحزم الصوتيّة المُلائمة، والتي سوف تسمح للخاصّية بالعمل على هاتفك في وضع "الاوفلاين". وفي أثناء إجراء المُكالمات الهاتفيّة، يُمكنك تغيير لغة الترجمة أو حتّى تعطيل ميزة "الترجمة المباشرة"، ويُمكنك أيضًا كتم صوتك أو كتم صوت الشخص الذي تتحدث معه بحيث تستمع أنت أو يستمع مُحدّثك إلى الترجمة الصوتيّة فقط بدلًا من الاستماع إلى الصوت الأصليّ متبوعًا بالترجمة الصوتيّة.
تلخيص التسجيلات الصوتيّة
في هواتف سامسونج الجديدة، أصبح تطبيق مُسجّل الصوت (Voice Recorder) مدعومًا أيضًا بمجموعة من أدوات الذكاء الاصطناعيّ المُتقدّمة والتي قمنا باستعراضها في مقال سابق بشكل تفصيلي. جعلت هذه الأدوات التطبيق يتمتّع بميزات استثنائيّة وبإمكانيّات مذهلة، فبنقرات معدودة يُمكن للمُستخدم تحويل الكلام المنطوق في المقاطع المُسجّلة إلى نصّ مكتوب. ليس هذا فحسب، بل يُمكنه أيضًا ترجمة محتوى تسجيلاته الصوتيّة، أو تلخيصه في عدة نقاط مختصرة.
يُمكن أن يُفيد تحويل الكلام المُسجّل إلى نصّ بشكل خاص في تسجيل وكتابة المُحاضرات بدلًا من كتابتها يدويًّا ممّا يُضيع الكثير من الوقت والجهد، كما يُمكن لميزة تلخيص محتوى التسجيلات الصوتيّة أن تكون ذات نفع كبير في استخلاص النقاط الهامّة من اجتماعات العمل الطويلة.
عند تحويل محتوى التسجيلات الصوتيّة إلى نصوص مكتوبة من الوارد أن يتضمّن النصّ بعض أخطاء الكتابة أو الكلمات التي لم يتمكّن الذكاء الاصطناعيّ من التعرُّف عليها وكتابتها على النحو الصحيح. ويُتيح لك التطبيق في مثل هذه الحالة إمكانيّة تحديد هذه الكلمات الخاطئة، ثمّ تصويبها يدويًّا قبل الاحتفاظ بنسخة من النصّ المكتوب. تستطيع أداة الذكاء الاصطناعيّ المُضمّنة في التطبيق التمييز بين أصوات عدّة مُتحدّثين، وتتم تسمية هؤلاء المتحدّثين افتراضيًّا بأسماء مثل (متحدث 1) و (متحدّث 2)، ولكن يُمكنك إعادة تعيين هذه الأسماء وتسمية المُتحدّثين في التسجيلات الصوتيّة بأسمائهم الحقيقيّة.
تلخيص وترجمة محتوى صفحات الويب
يمتلك مُتصفّح سامسونج (Samsung Internet) – والذي يأتي مُثبّتًا بشكل مُسبق على هواتف سامسونج – ميزة أخرى يُمكن للمُستخدم تفعيلها، وتتمثّل في أداة "مُساعد التصفح" Browsing Assist التي يُمكنها تلخيص مُحتوى صفحات ومواقع الويب عند زيارتها. وكما هو الحال مع ميزة تلخيص محتوى التسجيلات الصوتيّة، يُمكن لهذه الميزة أن تُساعد المُستخدم على إلقاء نظرة سريعة وخاطفة على محتوى مواقع وصفحات الويب من خلال الاطّلاع على العناوين والنقاط الرئيسيّة بدلًا من إضاعة الوقت في التنقُّل والتمرير لأسفل حتّى نهاية الصفحة.
يستطيع "مُساعد تصفُّح سامسونج" كذلك ترجمة مُحتوى صفحات الويب بنقرة واحدة على أداة الترجمة التي تظهر في شريط الأدوات أعلى نافذة المُتصفّح. يقتصر عمل مُساعد التصفّح في هواتف سامسونج حتّى الآن على مُتصفّح إنترنت سامسونج فقط، أي أنّ ميزات تلخيص أو ترجمة محتوى صفحات الويب لن تكون مُتاحة إذا كُنت تستخدم مُتصفّح ويب آخر مثل مُتصفّح جوجل كروم.
ترجمة المُحادثات في الوقت الفعليّ
مثلما تُساعدك أدوات الذكاء الاصطناعيّ المُدمجة في الإصدارات الأحدث من هواتف سامسونج على ترجمة مُكالماتك الهاتفيّة، فإنّها تُساعدك بنفس الكيفيّة على ترجمة رسائلك النصّية ودردشاتك المكتوبة مع الآخرين في الوقت الفعليّ باستخدام أداة "مُساعد الدردشة" Chat Assist. بنقرات بسيطة يُمكن لمُساعد الدردشة المُدمج في بعض هواتف وأجهزة سامسونج في الوقت الحالي ترجمة الدردشات والرسائل النصّية بالكامل وفي الوقت الفعليّ إلى أكثر من 13 لغة مختلفة من بينها العربيّة والإندونيسيّة والروسيّة والكوريّة، بدلًا من أن يقوم المُستخدم بنسخ النص ولصقه في تطبيق ترجمة خارجيّ مُتخصّص.
لا تقتصر مزايا مُساعد دردشة سامسونج المدعوم بالذكاء الاصطناعيّ على ترجمة الدردشات والرسائل النصّية فقط، بل يُمكنه أن يقوم كذلك بإعادة صياغة رسائلك النصّية كما يُمكنه تدقيقها إملائيًّا ونحويًّا قبل إرسالها. تكون جميع هذه الميزات مُتاحة فقط عند الكتابة باستخدام لوحة مفاتيح سامسونج، أي أنّها لا تكون مُتوفّرة عند استخدام تطبيقات لوحة المفاتيح الأخرى مثل تطبيق جيبورد أو تطبيق سويفتكي.
تحرير الصور باستخدام الذكاء الاصطناعيّ
لم تخلو أحدث إصدارات هواتف سامسونج من بعض أدوات الذكاء الاصطناعيّ التوليديّة، وواحدة من أهمّ هذه الأدوات أداة "تحرير الصور التوليديّة" Geneative Edit التي تُتيح للمُستخدم إمكانيّة تعديل الصور التي يلتقطها وتحريرها باستخدام الذكاء الاصطناعيّ. باستخدام أداة Geneative Edit يُمكن للمُستخدم على سبيل المثال تكبير أو تصغير أو إمالة الصورة، ويُمكنه التحكُّم في حجم وموضع عناصر الصورة، أو إزالة بعض العناصر وحتّى الأشخاص من الصورة، أو استبدال خلفيّة الصورة بخلفيّة جديدة، أو حتّى إنشاء أجزاء إضافيّة للصورة لم تكُن موجودة من قبل مثل تكملة الأجزاء المفقودة من الصور أو توسعة إطار الصورة عبر ملء المساحة الإضافيّة الفارغة من الإطار.
يُضيف تطبيق تحرير الصور في هواتف سامسونج بشكل تلقائيّ لجميع الصور التي تم تحريرها باستخدام أداة Geneative Edit علامة مائيّة في الجزء الأسفل من الصورة توضّح أن هذه الصورة مُعدّلة باستخدام الذكاء الاصطناعيّ، وعلى الرغم من ذلك لا يزال بإمكان المُستخدم محو هذه العلامة المائيّة من الصور باستخدام أداة إزالة العناصر المُدمجة في تطبيق مُحرر صور سامسونج.
إضافة تأثير الحركة البطيئة للفيديوهات
يهوى البعض تصوير مقاطع الفيديو بأسلوب التصوير البطيء أو الحركة البطيئة، والذي يُعطي الفيديو طابعًا فنّيًا في كثير من الحالات، ويسمح بمُلاحظة تفاصيله الدقيقة والتركيز عليها بصورة أكبر. وفكرة التصوير بنمط الحركة البطيئة بسيطة للغاية، ففي مقاطع الفيديو التقليديّة يتمّ عرض الصور المُلتقطة بمُعدّل قد يصل إلى 60 إطار في الثانية الواحدة، أمّا عند الحاجة لعرض الفيديو بالحركة البطيئة يتمّ تقليل عدد الإطارات المُعروضة إلى 24 إطار أو أقلّ من ذلك في الثانية الواحدة ممّا يوحي للمُشاهد بأنّ العناصر تتحرّك بشكل أبطأ أماه على الشاشة.
إنّ ميزة التقاط مقاطع الفيديو بنمط تصوير الحركة البطيئة لا يُعتبر جديدًا على هواتف سامسونج فهو مُتاح للتطبيق بالفعل في إصدارات أقدم، أمّا ما تُقدّمه ميزة Instant Slow-Mo الجديدة فيتمثّل في إمكانيّة العرض اللحظيّ البطيء لمقاطع فيديو سابقة مُسجّلة وموجودة على الهاتف بالفعل. فبفضل هذه الميزة، يُمكنك اختيار وتشغيل أيّ مقطع فيديو قديم موجود في تطبيق المعرض، والتحكُّم في سُرعة تشغيل الفيديو عن طريق النقر المطوّل في أيّ موضع في شاشة الفيديو لكي يتمّ عرض الفيديو بنمط الحركة البطيئة. يُمكن كذلك تشغيل الفيديو بنمط الحركة البطيئة بشكل دائم من خلال أدوات تحرير الفيديو المُتاحة في تطبيق "الاستوديو" من سامسونج.
البحث الذكيّ عن العناصر
لا يُمكن أن نغفل كذلك أداة البحث الذكيّة Circle to Search لتكون سهولة إجراء عمليّات البحث على مُحرّك بحث جوجل من بين اللمسات الأخرى التي يُضفيها الذكاء الاصطناعيّ على استخدام أحدث هواتف سامسونج. فباستخدام Circle to Search يُمكنك تحديد أيّ عنصر يظهر على شاشة هاتفك عن طريق رسم دائرة حوله لكي يبدأ هاتفك في إجراء عمليّة بحث مدعومة بالذكاء الاصطناعيّ على جوجل حول هذا العنصر. لم تكُن سامسونج هي أوّل شركة تطرح ميزة البحث المدعوم بالذكاء الاصطناعيّ، فلقد سبقتها جوجل إلى هذه الميزة عندما أتاحتها للاستخدام على هاتف جوجل بيكسل 8، غير أنّ سامسونج ساعدت على انتشار هذه الخاصّية وتقديمها على نطاق أوسع لمزيد من المُستخدمين.
جميع أدوات سامسونج المدعومة بالذكاء الاصطناعيّ التي ذكرناها في هذه المقالة لا تأتي مُفعّلة بصورة افتراضيّة بطبيعة الحال وإنّما تحتاج لاتخاذ إجراء لتمكينها على الهاتف أوّلًا قبل التمكُّن من استخدامها. تطوّر شركة سامسونج على أيّ حال إمكانيات وأدوات الذكاء الاصطناعيّ لديها بوتيرة سريعة، وبالتالي، فمن المتوقّع أن تجد المزيد من الميزات المدعومة بالذكاء الاصطناعيّ طريقها إلى هواتف سامسونج في المُستقبل القريب.