بعد الكشف عن نموذج الذكاء الاصطناعي الأكثر تطورًا "GPT-4o" في حدث OpenAI الأخير ومفاجئتنا جميعنًا بأنه سيكون متوفرًا لمستخدمي النسخة المجانية والمدفوعة من بوت ChatGPT، قد يتساءل البعض عن الهدف من الاشتراك في "ChatGPT Plus" ودفع 20 دولارًا (ما يعادل 599 جنيه مصري) شهريًا في حين يمكن استخدام النموذج الأقوى مجانًا. على الرغم من أن هذا السؤال مشروعٌ تمامًا ومنطقي، إلا أن الأسباب أو الأهداف من وراء الاشتراك بإصدار ChatGPT المدفوع كثيرة، والحقيقة أن إتاحة GPT-4o بالمجان لم تكن سوى خطوة ترويجية ذكية من OpenAI والمستخدم العادي للنموذج لن يُلاحظ الفارق بينها وبين GPT 3.5 (النسخة المجانية) لأسباب عديدة، فما الدوافع الحقيقة للاشتراك بـ ChatGPT Plus؟
الاشتراك في ChatGPT Plus
أولًا: حتى 5 أضعاف الوصول لـ "GPT-4o"
على الرغم من إمكانية وصول مستخدمي النسخة المجانية من ChatGPT إلى نموذج "GPT-4o" الجديد، فإن هذا الوصول محدود للغاية مقارنةً بالوصول المدفوع. ولمن لا يعرف، فـ "GPT-4o" أسرع من النموذج السابق المدفوع "GPT-4 Turbo" مرتين وفي نفس الوقت أرخص منه بنسبة 50% (عند استخدامه كتطبيق API)، ولهذا فالنموذج الجديد هو الافتراضي الآن سواء للمشتركين أو لغير المشتركين بالخدمة، إلا أن وصول غير المشتركين محدودٌ للغاية وفور انتهاء الوصول يتم التبديل تلقائيًا إلى النموذج المجاني "GPT-3.5".
والمشكلة بالنسبة لغير المشتركين أنهم لا يعرفون متى ينتهي وصولهم إلى "GPT-4o"، فالأمر في نهاية المطاف يعتمد على مدى تكدس السيرفرات، ومع ذلك، لا يمتلك المشتركون بـ ChatGPT Plus وصولًا لا نهائيًا لـ "GPT-4o" أيضًا، ولكنه على الأقل يصل في بعض الأحيان إلى 5 أضعاف النسخة المجانية. في أغلب الأوقات، يستطيع مستخدمو ChatGPT Plus إرسال 80 رسالة تقريبًا كل 3 ساعات في حين يجب أن يكون مستخدمو النسخة المجانية محظوظين كفاية حتى يتمكنوا من إرسال 16 رسالة فقط بالساعة، وهو الرقم الذي يتضاءل عند تكدس السيرفرات لدرجة أن يصبح الفارق 5 أضعاف كما أشرنا.
ولا يحمل المشتركون بـ ChatGPT Plus هم تكدس السيرفرات الذي يعانيه مستخدمو "GPT-3.5"، وهذا سببٌ بارز للاشتراك بالنسخة المدفوعة، لا سيما أن نموذج OpenAI الشهير يزداد شهرة واستخدامًا من قِبل الأفراد والمؤسسات.
ثانيًا: الوصول اللانهائي لـ "GPT-4 Turbo"
على الرغم من أن قياسات "البنشمارك" تُشير إلى تفوق "GPT-4o" من حيث السرعة، فإن "GPT-4 Turbo" (نموذج النسخة المدفوعة من ChatGPT) قد يكون الأدق في بعض الفئات، وإذا كان النموذج الأحدث متوفًا على "GPT-4 Turbo" بميل، فهو متفوق على الخيار المجاني "GPT-3.5" بعشرة أميال. الجدير بالذكر أن OpenAI اعترفت بنفسها أن "GPT-4 Turbo" قد تفوق على "GPT-4o" في معايير التعقل والمنطق (DROP) كما أكد بعض المستخدمون ذلك، لا سيما في حل المشاكل الحسابية والبرمجية.
إذا لم تقتنع بعد، فدعنا نُذكرك بأن اشتراكك في ChatGPT Plus سيضمن لك وصولًا غير محدود لـ "GPT-4" وإصدارته المختلفة بعد انتهاء باقة "GPT-4o" التي تنفد بعد درجة معينة مثلما أوضحنا، وهذا مقارنة بأداء "GPT-3.5" المجاني سببٌ كافٍ للاشتراك.
ثالثًا: إمكانية إنشاء بوتات GPT مخصصة
واحدة من أبرز الامتيازات التي يحصل عليها مستخدمو النسخة المدفوعة من ChatGPT هي إمكانية تخصيص النماذج من خلال المتجر GPT Store، بمعنى أنك تستطيع صنع النموذج الخاص بك بنفسك حسب طبيعة عملك ودون أدنى علمٍ بالبرمجة، هذا سيساعدك كثيرًا لأن الذكاء الاصطناعي سيكون مُفصَّلًا عليك وعلى ما تريده منه تحديدًا، وكل من استخدم هذه الميزة يعرف أهميتها جيدًا. على سبيل المثال إذا كنت مُصممًا فتستطيع أن تُنشئ نموذج GPT ليتخصص بالتصميم فقط، وإذا كنت باحثًا فستستطيع أن تُبرمج النموذج على المنهج العلمي وهكذا، ونفس الشيء ينطبق على بقية المجالات.
حتى الآن لا يستطيع مستخدمو النسخة المجانية الاستفادة من هذه الميزة أو حتى مجرد الوصول لنماذج GPT التي يخصصها الآخرون، وعلى الرغم من أن OpenAI قد قالت بأن وصول غير المشتركين بـ ChatGPT Plus للنماذج المُخصصة سيكون أمرًا متاحًا في المستقبل، إلا أن إمكانية التخصيص نفسها لن تتوفر سوى للمشتركين فقط.
رابعًا: توليد الصور باستخدام DALL-E
على الرغم من المزايا الجديدة التي أعلنت OpenAI عن قدومها للنسخة المجانية من ChatGPT، مثل الوصول – المحدود جدًا – لنموذج "GPT-4o" ونماذج GPT المخصصة، إلا أن هذه المزايا لا زالت عاجزةً عن توليد أو إنشاء الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي. تمتلك الشركة نموذجًا مُخصصًا لهذه الوظيفة يسمى DALL-E، في البداية كان مجانيًا، أما الآن فاستخدامه يتطلب الاشتراك بخدمة ChatGPT Plus، ولأجله وفقط يشترك عددًا كبيرًا من مستخدمي ChatGPT بالنسخة المدفوعة.
الجدير بالذكر أن مجرد الوصول لنماذج GPT المخصصة قد يتيح لك إنشاء الصور باستخدام الأوامر النصية نظرًا لأن الكثير من هذه الـ "GPTs" تعتمد على نموذج DALL-E بالأساس، ولكني شخصيًا جربت ذلك بالنسخة المجانية وفوجئت بالرسالة الآتية: "التفاعل مع هذا الـ GPT ليس مسموحًا" Interaction with this GPT is not allowed.
خامسًا: الوصول لميزة الدردشة الصوتية مبكرًا
تستطيع النسخة المجانية من ChatGPT أن تتحدث معك صوتيًا، ولكن شتان بينها وبين النسخة المدفوعة التي تستطيع القيام بأشياء مُرعبة مثل التفاعل معك بسرعة وكأنها إنسان، ورؤية العالم الحقيقي من حولك من خلال كاميرا الهاتف، وغيرهم من الأشياء التي تم استعراضها في حدث OpenAI، ويمكنك رؤية ذلك بالصوت والصورة عبر هذا المقطع الرسمي من OpenAI. لذا فباشتراكك في ChatGPT Plus ستحصل على هذه المزية المرعبة مُبكرًا وستستطيع استخدامها على الهاتف الذكي وعلى الحاسوب كتطبيق، حيث يُفترض أن تصل هذه الميزة للحواسيب العاملة بنظام macOS أولًا، ولكنها في الوقت الحالي ليست متوفرة – تقريبًا – سوى على الهواتف الذكية فقط.
سادسًا: تحليل البيانات، ورفع الملفات، والرؤية!
أخيرًا وليس آخرًا، باشتراكك في ChatGPT Plus ستحصل على مميزات استثنائية يفتقد إليها كل مستخدم لـ "GPT-3.5" حقًا، منها مثلًا تحليل البيانات بشكلٍ متقدم، والوصول إلى الإنترنت، ورؤية الأشياء من حولك، ورفع الملفات، وغيرهم من المزايا الحصرية للنسخة المدفوعة. صحيحٌ أن معظم هذه الأشياء متوفرة الآن للنسخة المجانية، ولكن نقول مرةً أخرى: إنها محدودة جدًا وكأن OpenAI تجر أرجلنا للاشتراك!
في النهاية، ومراعاةً للشفافية والموضوعية، يجدر بالذكر أننا لسنا منحازين لنسخةٍ على الأخرى ولا مصلحة لنا سوى إفادة قرائنا الأعزاء. إذا كنتم تستخدمون ChatGPT بكثرة وتعتمدون عليه في شتى أعمالكم اليومية، فننصحكم بشدة بالاشتراك في النسخة المدفوعة ولو لشهرٍ واحد على سبيل التجربة، أما لو كان استخدامكم متقطعٌ وللضرورة، فالنسخة المجانية ستفي بالغرض والوصول المحدود للمزايا الجديدة سيكفيكم. لا ننسى أن هناك الكثير من النماذج الأخرى التي يمكنكم أن تُعوضوا بها نواقص "GPT-3.5"، على سبيل المثال لو أردتم استخدام نموذجًا يستطيع الوصول للإنترنت، فيمكنكم استخدام Gemini، ولو أردتم نموذجًا لإنشاء الصور، فعليكم بـ Copilot، وهكذا.