لا يمكن لأحد أن يُنكر دور برامج مكافحة الفيروسات على أيٍ من أجهزة الكمبيوتر سواء العاملة بنظام التشغيل ويندوز أو لا، فأجهزة الحاسوب عمومًا تحتاج حتمًا إلى هذه النوعية من البرامج لا سيما مع تطور أساليب الاختراق وتزايد قيمة البيانات، والأهم من ذلك أن نظام الويندوز تحديدًا أكثر عرضةً للاختراق من أنظمة تشغيل أخرى. ومع ذلك، هناك بعض الخرافات أو دعنا نقل المفاهيم والمعلومات المغلوطة حول برامج مكافحة الفيروسات. من هذا المنطلق أردنا أن نستعرض أشهر هذه الخرافات ونُفنّدها كي تغير مفهومك واستخدامك لبرامج "الأنتي فيرس" بمختلف أشكالها ومسمياتها.
مفاهيم خاطئة حول برامج الحماية
الخرافة الأولى: تثبيت برنامج حماية إلزامي لنظام ويندوز
يعتقد البعض أن تثبيت برامج مكافحة الفيروسات على أنظمة الويندوز هو أمر واجب، والحقيقة أن هذه ليست سوى خرافة، فبداية من ويندوز 8 وأنظمة الويندوز تأتي ببرنامج "أنتي فيرس" قوي مُثبت مسبقًا، نحن نتحدث عن Windows Secuirty، والذي يُعد جزءًا من حزمة أدوات الحماية الخاصة بإصدارات ويندوز الحديثة، وعلى الرغم من أنه قد يبدو بدائيًا، فإنه فعال للغاية ويعمل في الخلفية تلقائيًا لحماية جهازك، وقد استعرضنا بعض من قدراته في مقال سابق حول هل يحتاج ويندوز 11 إلى برنامج مكافحة فيروسات إضافي ؟ فنوصي بشدة مراجعته.
عمومًا، إذا مررت بتجربة سيئة تم اختراق جهازك فيها، فأغلب الظن أنه كان يعمل بويندوز XP أو Vista أو حتى ويندوز 7، فمستوى الحماية هذه الأنظمة متواضع للغاية، وهذا لا يعني أن ويندوز 8 والإصدارات الأحدث مُحصنة، ولكنهم أكثر أمانًا بكثير. الخلاصة أن نظام الأمان الافتراضي بدايةً من ويندوز 8 لا يستوجب تثبيت "أنتي فيرس"، وإن كنت مصرًا فاعلم أن ميزة المسح التلقائي التي تعمل في الخلفية ستتعطل.
الخرافة الثانية: الفيروسات لا تُصيب سوى الويندوز
يعتقد البعض أن البرمجيات الخبيثة، بما في ذلك فيروسات الفيدية والـ Trojans والـ Worms والـ Rootkits وغيرهم، لا تُصيب سوى أنظمة الويندوز، وهذا لا أساس له من الصحة، فنظامٌ مثل Linux يمكن أن يُصاب بالبرمجيات الخبيثة ولا عجب، فمؤخرًا استطاع "الهاكرز" أن يستغلوا ثغرة في أداة الضغط الشهيرة، ومفتوحة المصدر، XZ Utils على العديد من توزيعات Linux مما عرض أجهزة لا تُحصى إلى الخطر. حادثة مشابهة، ولكن لسرقة العملات الرقمية، أصابت أنظمة Ubuntu، وبشكلٍ عام فإن محاولات اختراق Linux وتوزيعاته عادةً ما تستهدف السيرفرات وليست الأجهزة نفسها كون هذه الأنظمة شائعة الاستخدام في مراكز البيانات.
نحن هنا لا نحاول التقليل من أمان أي نظام تشغيل، ما نريد قوله إن أي نظام تقريبًا معرض للاختراق، حتى لو كان Linux الذي يُضرب بمستويات أمانه المثل، ونفس الشيء ينطبق على أنظمة الماك مثلًا، والتي لا تحتاج إلى برامج "أنتي فيرس" أيضًا بالمناسبة لامتلاكها نظام أمان خاص بها يسمى XProtect.
الخرافة الثالثة: "الأنتي فيرس" يُضعف أداء الحاسوب
تعمل برامج مكافحة الفيروسات في الخلفية لتمسح النظام وتحميه من أي تهديد محتمل بفحص الملفات التي قمت بتحميلها مثلًا. قبل أن يتم تشغيل أي برنامج، تفحص برامج مكافحة الفيروسات هذا البرنامج بشكلٍ سريع وتحذرك من تشغيله أو تحذفه مباشرة – حسب ما تعطيلها من صلاحيات – إذا وجدت به تهديدًا. هذه العملية تستهلك جزءًا من موارد الجهاز لا ريب، ولكننا في 2024! سابقًا كانت هذه النوعية من البرامج تضعف من الأداء بشكلٍ واضح نعم، ولكن الآن الوضع مختلف ولا ينبغي أن تُبطئ هذه البرامج من حاسوبك، ستظل تستهلك جزءًا من الموارد، ولكنه جزء ضئيل يكاد لا يُذكر.
لاحظ أن برنامج الحماية الافتراضي بالويندوز يستهلك جزءًا من موارد الجهاز، هل تشعر بتأثر الأداء؟ نفسُ الفكرة؛ إذا قمت بتثبيت "أنتي فيرس" من الطرف الثالث بدلًا من برنامج مايكروسوفت فغالبًا ستحصل على نفس الأداء إلا إذ كان البرنامج معيبًا أو إذا كان جهازك به الكثير من الفيروسات والبرنامج لا ينفك عن رصدها بطريقة أو بأخرى. أيضًا عندما تفحص الجهاز فحصًا كليًا باستخدام برنامج مكافحة الفيروسات، فبالتأكيد سيكون الأداء أبطأ وهذا شيء طبيعي، ولكنه ليس دائمًا ويُنَفَّذ مرةً في الأسبوع أو ما شابه.
الخرافة الرابعة: عليك بتشغيل "الأنتي فيرس" يدويًا
لا؛ ليس من المفترض أن تفتح برنامج مكافحة الفيروسات، تضغط على كلمة "فحص" Scan حتى يقوم بوظيفيته، فهذه البرامج من المفترض أن تعمل تلقائيًا وتكتشف البرمجيات الخبيثة التي لا تُنبئنا قبل أن تُفسد أجهزتنا بفضل ميزة تتضمنها تُسمى Real-Time Protection. أتذكر الفحص الشامل الذي يتم بشكلٍ دوري وفي أوقات مُعينة؟ من المفترض أن يحدث هذا الفحص تلقائيًا أيضًا وأنت لا تستخدم الحاسوب من الأساس.
إذًا فلا تُضع وقتك في حتى التفكير باستخدام برامج مكافحة الفيروسات بشكل يدوي إلا إذا كنت تشك في أن برمجية خبيثة ما مُختبئة هنا أو هناك بحاسوبك، في هذه الحالة قم بإجراء فحصٍ شامل لجميع الملفات لأن رادار "الأنتي فيرس" قد يفوت الفيروسات في بعض الأحيان، وبخاصة في الفحص السريع، ما يأخذنا للخرافة التالية.
الخرافة الخامسة: "الأنتي فيرس" سيحميك من كل البرمجيات الخبيثة
ليت الأمر كان بهذه السهولة؛ البعض يعتقد أن جهازه بمأمنٍ ما دام يعتمد على برنامج مكافحة الفيروسات، والحقيقة أن هذه البرامج تكون بمثابة خط الدفاع الأخير عن الجهاز والذي إذا فشلت احتياطات أمانه أو احتوى على برامج ذات ثغرات أمنية، سيسهل على المخترق أن يصل إليه لولا وجود "الأنتي فيرس".
ولكن كما أشرنا؛ برامج مكافحة الفيروسات ليست مثالية، إذ تعمل هذه البرامج على رصد التطبيقات أو الملفات التي تحتوي على ثغرات ثم تحاول اكتشاف ما إذا أُصيبت بفيروس أم لا عن طريق النظر في قواعد بياناتها التي تحتوي على ما يُشبه بصمة الفيروسات، فإذا وجدت تطابقًا، ترصد الخطر، والعكس بالعكس.
وإذا استثنينا فكرة الثغرات أو الفيروسات غير الموجودة بقواعد بيانات برنامج مكافحة الفيروسات، فماذا عن الهجمات المباشرة مثل التصيد الاحتيالي الذي لن تحميك منه برامج الفيروسات مهما كانت قوتها (يعتمد هذا النوع على معرفتك به وحسب؛ فقط لا تضغط على روابط مشبوهة) أو مواقع الكراك المكدسة بالبرمجيات الخبيثة؟ وإن كانت الكثير من البرامج المدفوعة ستحميك من هذه الأخيرة. الشاهد أنك لا يمكن أن تعتمد على برامج مكافحة الفيروسات كليًا، يجب أن تُعمل عقلك أيضًا ولا تخاطر بحاسوبك لأجل لعبة "مُكركة" أو جائزة وهمية يخبرك أحدهم بأنها لك إن ضغطت على هذا الرابط.
الخرافة السادسة: لن تحتاج "أنتي فيرس" إن كنت مُنتبهًا
على الجانب الآخر، يعتقد البعض أن برامج مكافحة الفيروسات ضرورية فقط لمن هم مبتدؤون باستخدام الحاسوب أو لمن يعتمدون على أنظمة تشغيل ضعيفة مثل Vista – إن كان أحد يعتمد عليها اليوم – أما المحترفون، فيعرفون من أين يأتي "الفيروس" وسيستطيعون تجنبه وتوفير استهلاك "الأنتي فيرس" لموارد الجهاز. هذا أيضًا ليس صحيحًا، فلا أحد آمن بنسبة 100%، أضعف الإيمان أنك قد تضغط على رابط صفحة ويب مُلغمة سهوًا، وهذا وارد الحدوث، أليس كذلك؟
تخيل أن حسابات مطوري الألعاب على Steam اختُرِقَت واستُخدِمَت لزرع برمجيات خبيثة في تحديثات الألعاب! هذا يعني أنك قد تُصاب بفيروس من أحد أكثر – إن لم يكن أكثر – متاجر الألعاب الموثوقة. شركة Valve (المسؤولة عن متجر Steam) عالجت هذا الأمر بتحديث المتجر سريعًا، ولكن من يدري، فربما تُعاد الكرة وبأشكال وحيل مختلفة لم يُحسَب لها حساب.
في النهاية، وختامًا بنصيحة مهمة فيما يتعلق بالحماية من أساليب التصيد الاحتيالي، والذي لا تستطيع برامج "الأنتي فيرس" حمايتك منها: لا تضغط على أي روابط مشبوهة، وهذا يتضمن مجرد فتح الإيميلات من المصادر أو الجهات التي لا تعرفها أو التي تشك بأمرها. كذلك إياك وأن تُفصح بكلمة السر الخاصة بأيٍ من حساباتك لأي شخص كان، واستخدم كلمات سر قوية يصعب معرفتها، وإذا أردت أن تدفع ثمن خدمةٍ ما على الإنترنت مثلًا، فابحث أولًا عن خيارٍ مجاني لأن هناك الكثير من البدائل المُعتبرة، وإن كان ولا بد من الاشتراك بخدمة بعينها، فتأكد من سُمعة مقدم الخدمة، وللمرة الأخيرة.. لا تُعطِ كلمات السر لأي شخص.