يُعد
المعجون الحراري
عامل رئيسي ضمن منظومة
تبريد مكونات الكمبيوتر، سواء مكتبي او محمول، حيث يحافظ على مكونات الجهاز الداخلية من عدوها الأول،
وهو ارتفاع درجة الحرارة، وبالتالي يحافظ على
عُمر الجهاز
بصورة عامة. وعلى الرُغم من هذه الأهمية، نجد إهمالًا واضحًا في حق المعجون
الحراري! لدرجة أن البعض ينسى أنه موجود ويحتاج إلى
استبدالٍ دوري. المعجون الحراري رخيص الثمن؛ ربما حتى أرخص "مسند الفأرة"، ومع ذلك يحمل على
عاتقه حماية المعالج من
ارتفاع الحرارة
التي قد تؤدي إلى إتلافه أو حدوث مشاكل غريبة
كالإغلاق المفاجئ للحاسوب
أو سماع صفارات مزعجة
عند تشغيل الكمبيوتر. لِما المعجون الحراري بهذه الأهمية؟ ومتى تُغيره؟ وما هو
أساسًا؟ إليكم الأجوبة المُفصَّلة على هذه الأسئلة.
تغيير المعجون الحراري للمعالج
أولًا: ما هو المعجون الحراري أصلًا ؟
المعجون الحراري «Thermal Paste» هو مادة سميكة تُشبه معجون الأسنان في قوامها،
وتعمل على تقليل درجة الحرارة عندما ترتفع في أجهزة اللابتوب والحواسيب المكتبية،
إذ تُوضَع هذه المادة بين المعالج/كارت الشاشة الخارجي والمُبدد الحراري «Heat
Sink» المصنوع من النحاس أو الألومنيوم حتى تضمن بقاءهما (المعالج وكارت الشاشة)
ضمن درجة الحرارة الطبيعية. بفضل المعجون الحراري تنتقل الحرارة إلى المُبدد أو
المُشتت الحراري والذي بدوره ينقلها إلى مروحة الجهاز فيبرّده من الداخل.
على الرغم من أن سطحيّ المعالج والمُبددات الحراري يبدوان ملساوين، إلا أن بهما
ثقوبًا صغيرة جدًا (تُرى بالميكروسكوب) تعمل على اختزان الحرارة بينهما، وهذا
يُفسر ارتفاع درجة حرارة الجهاز. هُنا يأتي دور المعجون الحراري، والذي يملأ هذه
الثقوب أو يسدّها، وبالتالي يسهل من انتقال الحرارة إلى المبدد ثم إلى المروحة
كما ذكرنا.
إذًا فبدون المعجون الحراري ستظل درجة حرارة المعالج ترتفع – كلما أُثقِلَ
بالمهام – حتى تجد الجهاز قد انطفئ فجأة، أو على الأقل أصبح بطيئًا، هذا إن كنت
محظوظًا، إذ قد يصل الأمر إلى عطب البروسيسور أو ربما بقية مكونات الجهاز
الداخلية. عندما تشتري حاسوبًا جديدًا فإنه سيحتوي على معجون حراري لا ريب، ولكن
مع مرور الوقت، وكأي مادة أخرى، سيبلى، والمعالج خاصتك سيكون في أمس الحاجة إلى
معجون حراري جديد، فكيف تعرف أن الوقت قد حان لتغيير المعجون الحراري؟ لا سيما في
أجهزة اللابتوب كونها أقل مرونة من كيسة الحاسوب التي نستطيع فتحها وفحص كل
مكوناتها في أي وقت وبسهولة شديدة.
ثانيًا: متى تُغير المعجون الحراري ؟
إذا كنت قد اشتريت حاسوبًا جديدًا توًا، سواء لابتوب أو كمبيوتر مكتبي، فلا تحمل
هم المعجون الحراري قبل بضع سنوات، إذ عادةً ما يستمر حتى 3 سنوات على الأقل.
عندما تُصمَمَ المعالجات، يُراعى أن تتحمل حتى 100 درجة مئوية على الأقل. ومن
البديهي أنه كلما زاد استخدامك للّابتوب، خصوصًا لفترات طويلة ومستمرة، زادت درجة
حرارة المعالج وقلت سرعته واستهلاكه للطاقة حتى يحافظ على درجة مناسبة قدر
المستطاع. تُسمى هذه العملية بتقنية "الخنق الحراري" Thermal throttling والتي
إذا لم تكن كافية لإخماد حرارة المعالج، سيُطفَئ الجهاز على حين غُرَّة ليمنع
حدوث الضرر الأكبر، وهو عطب المعالج أو الجهاز نفسه.
مع الاستخدام المستمر للحاسوب يتم استهلاك المعجون الحراري شيئًا فشيئا ويكون
أكثر عُرضة للجفاف. عندما يحدث هذا الأمر – جفاف المعجون الحراري – لا تجد
الفتحات الميكروسكوبية الصغيرة ما يسدها فتمتص الحرارة وتتسبب بارتفاع حرارة
المعالج كما شرحنا. حتى تضمن عدم حدوث هذه المشكلة، يمكنك أن تُغير المعجون
الحراري بشكل دوري، ربما كل سنة، وإن كنت لن تلاحظ أي فارقٍ يُذكَر. الجدير
بالذكر أن جهازك قد يصبح بطيئًا لأسباب أخرى مثل تعرضه للأتربة؛ ليس شرطًا أن
تكون الحرارة هي السبب، ولهذا ننصحك بقراءة موضوعنا السابق حيث تحدثنا عن
تنظيف الكمبيوتر من الداخل.
أما إذا كنت متأكدًا من أن حرارة الجهاز هي السبب، وسنعرف طريقة التأكد من ذلك
بعد قليل، فيمكنك أن تذهب باللابتوب أو بالكيسة إلى فنيّ حتى يُغير لك المعجون
الحراري (لا ننصح أن تُغير المعجون بنفسك إلّا إذا كنت مُعتادًا على ذلك). حينها
قد تلاحظ أن الجهاز أصبح أسرع فعلًا نظرًا لأن المعالج سيستعيد سرعته ويستغل
الطاقة الكهربائية أفضل استغلال بفعل استقرار الحرارة.
ثالثًا: متى تتأكد من حاجة جهازك لتغيير المعجون الحراري ؟
تختلف طبيعة استخدام الحاسوب من شخصٍ لآخر، وبينما قد يحتاج أحدنا إلى تغيير
المعجون الحراري كل 3 سنوات، قد يحتاج شخصٌ آخر – قلما يستخدم حاسوبه –
إلى 5 أو 6 سنوات حتى يغير المعجون الحراري. يمكنك أن تتأكد من حاجة حاسوبك إلى
معجون حراري جديد ليس عن طريق استشعار الحرارة المُبدَدَة منه، وإنما باستخدام
البرامج المُخصصة لقياس درجة حرارة المعالج وكارت الشاشة الخارجي. من هذه
البرامج مثلًا ستجد "Core Temp"؛ أداة مجانية يمكنك تحميلها بسهولة واستخدامها لقياس درجة حرارة
المعالج، هناك أيضًا أداة مثل "HWMonitor" والتي لا تقيس درجة حرارة المعالج فقط مثل "Core Temp"، وإنما درجة حرارة
كارت الشاشة ومعظم مكونات الكمبيوتر كذلك.
عندما تُثبّت "Core Temp" على جهازك وتفتحه، ستجد واجهة تعرض المعلومات بشكل
منظم، ولكن ما يهمنا منها هو جزئية Temperature Readings حيث يتم عرض أقصى
درجة حرارة آمنة للمعالج "Tj. Max" وحرارة كل نواة من أنوية المعالج. شغّل
لعبة أو برنامجًا يستهلكان موارد الجهاز في العادة وألق نظرة على المؤشرات
الثلاثة بعد حوالي 15 دقيقة. إذا لم تتجاوز درجة الحرارة الحد المسموح، خاصةً وإن
كانت أقل بكثير، فلا داعي للقلق واستمتع باستخدام الجهاز، ولكن إذا وجدت الحرارة
قد ارتفعت عن الـ 100 درجة مئوية، فهنا ينبغي إيقاف اللعبة أو البرنامج فورًا
وتغيير المعجون الحراري.
بالأخير؛ قد يؤدي فعلٌ بسيط وغير مكلف بالمرة مثل تغيير المعجون الحراري إلى
الحفاظ على جهازك الثمين. لا تتكاسل عن تَفَقُد هذا الأمر بين كل حين وآخر، حمّل
البرامج المذكورة، أو أي برنامجٍ آخر يؤدي نفس الوظيفة مثل
Afterburner
واختبر حرارة المعالج وكارت الشاشة قبل أن يفوت الأوان.