تُعدّ وحدات تخزين البيانات من المكونات الرئيسيّة التي لا يُمكن الاستغناء عنها في الكمبيوتر. وبالرغم من حداثة عهدها مُقارنة بوحدات التخزين الأخرى، فإنّ وحدات SSD أصبحت أكثر انتشارًا خلال السنوات الأخيرة، وبدأت تحلّ محلّ الـ HDD في الكثير من أجهزة الكمبيوتر الحديثة، نظرًا لسُرعتها وصغر حجمها، بالإضافة إلى كونها أقلّ عرضة للأعطال الميكانيكيّة نظرًا لعدم احتوائها أيّ أجزاء مُتحرّكة. وعلى الرغم من جميع المميّزات التي تتفوق بها وحدات SSD على الـ HDD فلا تزال الأخيرة تمتلك عدد من المميّزات تجعلها مرغوبة في بعض الأحيان، فهُناك حالات عديدة قد يكون من الأفضل فيها استخدام هارد HDD بدلًا من SSD الأسرع!
شراء هارد HDD بدلًا من SSD
أولًا: أبرز الاختلافات بين هاردات HDD و SSD
إنّ الاختلاف الرئيسيّ بين HDD و SDD يتمثّل في آليّة عمل كُلّ منهما، بحيث يتكوّن هارد HDD من قرص دوّار مزود بإبرة مغناطيسيّة مُثبّتة على ذراع ميكانيكيّة تُسمى المُشغّل، وتقوم هذه الإبرة بقراءة وكتابة البيانات على القُرص الدوار على صورة شُحنات كهرومغناطيسيًة. وتلعب سُرعة دوران القرص دورًا هامًّا في تحديد سُرعة الأداء الذي يُمكن الحصول عليه من تلك الهاردات، فكُلّما ازدادت سُرعة القرص في الـ HDD المُستخدم، كلّما ازدادت سُرعة قراءة الكمبيوتر وتخزينه للبيانات، أيّ أنّ الهارد الذي يحتوي على قُرص يدور بمُعدّل 7200 دورة في الدقيقة، يُعطي أداءًا أفضل وأسرع للكمبيوتر من HDD الذي يحتوي على قُرص يدور بمعدّل 5400 دورة في الدقيقة.
ونتيجة لوجود القُرص الدوّار والأجزاء المُتحرّكة الأخرى في الـ HDD فإنّه يُصدر بعض الضجيج أثناء تشغيله، ويكون أكثر عرضة للتلف والتآكل والأعطال الناجمة عن الاهتزازات والصدمات التي من المُمكن أن يتعرّض لها، كما أنّ الخصائص المغناطيسيّة يمكن أن تتسبّب بدورها في حدوث بعض الأعطال الميكانيكيّة.
أمّا وحدات SSD فتتكوّن من وحدة تحكُّم ومجموعة ذواكر فلاش NAND المصنوعة من السيليكون والتي ترتبط ببعضها البعض وتستخدم عددًا من ترانزستورات البوابة العائمة (FGTs) التي تحتفظ بالبيانات في صورة شحنات الكهربائيّة، بحيث تحتوي كل خليّة على بت واحدة من البيانات تُساوي قيمتها 1 في حالة الخليّة المشحونة، وتساوي قيمتها صفرًا في حالة الخلية غير المشحونة، ومن ثَمّ يُمكنها تخزين البيانات حتّى عندما لا تكون مُتّصلة بمصدر للكهرباء.
وتقوم وحدة التحكُّم بمسح البيانات وكتابتها إلكترونيًّا على رقائق السيليكون بسرعات كبيرة ممّا يجعلها وسيلة أسرع لتخزين البيانات مُقارنةً بالـ HDD. لذلك لا تحتوي وحدات SSD على أيّ أجزاء مُتحرّكة، وبالتالي لا تُصدر ضجيجًا أثناء تشغيلها، وتكون أكثر متانة، وأصغر حجمًا، وأخفّ وزنًا، وأقلّ استهلاكًا للطاقة، ولا تكون عرضة للتلف أو التآكل أو الأعطال الميكانيكيّة الأخرى الناتجة عن الاهتزازات والصدمات.
ثانيًا: أسباب تدفعك لتفضيل استخدام هارد HDD عن SSD
1- التكلفة المنخفضة
عندما تحتاج لتجميع كمبيوتر جديد، فإنّ التكلفة الإجماليّة (الميزانية) للجهاز تكون من العوامل الرئيسيّة التي تُحدّد على أساسها اختيارك لكُلّ مكوّن من المكوّنات الرئيسية. وبسبب آليّة العمل المُعقّدة لوحدات SSD، تُعتبر هاردات HDD رخيصة الثمن إذا ما قورنت بـ SSD. نجد على سبيل المثال أن تكلفة هارد HDD تبلغ سعته التخزينيّة 20 تيرابايت يُمكن أن تُساوي تقريبًا نفس تكلفة وحدة SSD بسعة تخزين قدرها 4 تيرابايت، وبالتالي عندما تكون الميزانيّة المُخصّصة للتجميعة محدودة، قد يُكون من المفيد تزويد الجهاز بسعات تخزين كبيرة وبتكلفة أقلّ عن طريق استخدام هارد HDD.
2- عندما لا تكون السرعات العالية مطلوبة
تقوم وحدات الـ SSD بكتابة وقراءة البيانات بسرعات كبيرة مُقارنةً بالـ HDD، حتّى أنّ أبطأ أنواع وحدات SSD توفّر أداءًا أسرع بنحو عشر مرات من أسرع هارد HDD، وهو ما يجعل استخدامها مُفيدًا بشكل خاص لأداء مهام مُعيّنة، مثل استخدامها في الحواسيب المُخصّصة للألعاب، حيث يُمكنها أن تقلل بصورة كبيرة الزمن الذي يستغرقه الجهاز في التمهيد وتحميل الألعاب.
ومع هذا، فلا تحتاج جميع الألعاب إلى سُرعات التخزين العالية تلك، خاصّة ألعاب الفيديو القديمة حيث يُمكن لهارد HDD عادي أن يفي بالغرض، ولن تتأثّر سُرعته كثيرًا. هُناك الكثير من المهام الأخرى في الواقع التي لا يتطلّب أداءها على الكمبيوتر سُرعات عالية لتخزين أو قراءة البيانات، مثل تخزين الصور مقاطع الفيديو، وإذا كان الغرض الأساسيّ من الكمبيوتر لا يتطلّب سُرعات عاليّة، فلا حاجة لإهدار الكثير من المال لشراء وحدة SSD.
3- عند الحاجة لسعات التخزين الأكبر
على الرغم من أنّ وحدات SSD تسمح للمُستخدمين بتحميل الملفّات كبيرة الحجم وحفظها بصورة أسهل وبسُرعة أكبر، كما تُساعد على تسريع أداء المهام المُختلفة وعمليّات النسخ الاحتياطيّ ممّا يجعل الكمبيوتر المكتبيّ أو اللابتوب خاصتك يبدو أسرع كثيرًا، ويُسهّل حماية الملفّات والبيانات المُعرّضة للفقد، غير أنّها تأتي بسعات تخزين صغيرة نسبيًّا على عكس هاردات الـ HDD التي تتميّز بسعات تخزين كبيرة يُمكن أن تصل إلى 22 تيرابايت. تُفيد مثل هذه السعات الكبيرة في عمليّات النسخ الاحتياطيّ للبيانات والملفّات، وبالتالي تُعدّ أقراص HDD ملائمة جدًّا لهذا الغرض، حيث يُمكنها الاحتفاظ بكمّ أكبر من الملفّات والبيانات.
4- في حالة استخدام كمبيوتر مكتبي
تُعتبر وحدات SSD الخيار الأمثل للاستخدام في حالة وجودها في اللابتوبات كونها مُعرّضة للسقوط أو الصدمات أثناء التنقل أو السفر وذلك بسبب متانتها وقلّة أعطالها الميكانيكيّة، على حين يُمكن أن يؤدّي السقوط أو التعرّض للصدمات أو الوقوع تحت تأثير قوّة خارجيّة في هارد HDD إلى إحداث أعطال ميكانيكيّة قد تتسبّب في حدوث تلف دائم مثل ما يُسمّى بصدمة الإبرة المغناطيسيّة، والذي يحدُث عندما يصطدم هارد HDD بجسم صلب أو يسقط على الأرض أثناء التشغيل فتتحرّك الذراع الميكانيكيّة أو المُشغّل أثناء كتابة أو قراءة البيانات وتضرب الإبرة المغناطيسيّة أجزاء من القُرص الدوّار بصورة خاطئة.
يُمكن أن يؤدّي مثل هذا التلف إلى فقد البيانات المُختزنة في الهارد، وهو ما يجعل الـ HDD أقل مُلاءمة للاستخدام في اللابتوبات ووحدات التخزين الخارجيّة على الرغم من أنّ هاردات HDD المحمولة تكون عادةً مزوّدة بحماية جيّدة ضد الصدمات.
أمّا في حالة أجهزة الكمبيوتر المكتبيّة الثابتة، قد لا يكون الجهاز عُرضة عادةً لمثل هذه الصدمات في ظروف التشغيل العاديّة وما يترتّب عليها من مُشكلات، وبالتالي يُمكن أن يكون المُستخدم الذي يرغب في تجميع كمبيوتر مكتبيّ في غنى عن شراء SSD باهظ الثمن إذا لم يكُن الهدف الرئيسيّ من شرائه هو تسريع أداء الكمبيوتر.
5- إمكانيّة استعادة البيانات
بسبب متانته وقلّة أعطاله الميكانيكيّة، فمن المُمكن أن يتراوح العُمر الافتراضيّ المتوقّع لوحدة SSD من 5 إلى 10 سنوات، وهو أعلى من العًمر الافتراضيّ لهاردات HDD الذي يتراوح ما بين 3-5 سنوات. ومع هذا، فإنّ استعادة البيانات المفقودة من الـ HDD التالفة تظلّ مُمكنة ولو بصورة جزئيّة، حتّى إذا تعرّض الهارد للكسر وأصبح غير قابل للتشغيل، قد لا يزال من المُمكن تفكيكه والوصول إلى القُرص الداخليّ الدوّار الذي يختزن البيانات، وهو ما يستحيل عمله في حالة وحدات SSD، والتي يصعُب تحديد موقع البيانات المُختزنة عليها ولا يُمكن استعادتها في حالة تلف المُحرّك إلّا بعمليّات مُعقّدة وفي حالات مُعيّنة. تُحاول الوحدات الحديثة من SSD تفادي هذه المُشكلة عن طريق تنبيه المُستخدم عند اكتشاف عُطل أو خطأ في عمل المُحرّك قد يُنبئ بفشل تشغيل وشيك، لكي يتمكّن من عمل نُسخ احتياطيّة من ملفّاته وبياناته الهامّة.
يعتمد الأمر في النهاية على احتياجات كُلّ مُستخدم، وما إذا كان يُعطي الأولويّة في جهاز الكمبيوتر الخاص به للسرعة الكبيرة أو لسعة التخزين الكبيرة. يُمكن الجمع في بعض الأحيان بين كلا النوعين في جهاز كمبيوتر واحد للاستفادة من مزاياهما معًا مثل بعض أجهزة الكمبيوتر المُخصّصة للألعاب، والتي تأتي مزوّدة بـ HDD للاستفادة من سعته التخزينيّة الكبيرة ووحدة SSD للاستفادة من سُرعة التحميل وكتابة وقراءة البيانات. كما تحتوي بعض أجهزة الكمبيوتر على مُحرّكات أقراص هجينة وهي هاردات HDD تحتوي على ذواكر فلاش من نوع NAND ممّا بُتيح سُرعة تشغيل عالية وسعات تخزين كبيرة في نفس الوقت، وغالبًا ما تكون تكلفة مُحرّكات الأقراص الهجينة أقلّ من وحدات SSD.