تُعتبر بطاقات SD Card واحدة من هذه أهم مُعجزات التكنولوجيا في العصر الحديث، وذلك لصِغر حجمها، وكِبَر سعتها التخزينية، وعُمرها الافتراضي، والذي يكون طويلًا بالنسبة لحجمها الصغير. ومع تقدُّم تصميمها وتطويرها على مر السنين مُنذ تم اختراعها، فقد أصبحت هذه البطاقات لا غنى عنها في كثيرٍ من الأجهزة الإلكترونية، من هواتف ذكيّة، وكاميرات وأجهزة لوحية وأجهزة الألعاب المحمولة مثل "Steam Deck"، وغيرها من الأجهزة الأخرى. وبما أنّنا نعيش في عصرٍ رَقمي تُعتبر فيه قوّة التخزين وقُدرة الأجهزة على الاحتفاظ بالمعلومات لأطول فترة مُمكِنة من أساسياته، فقد يتبادَر إلى الأذهان سؤالٌ مُهِم وهو إلى أي مدى تصمد بطاقات SD Card قبل الحاجة لاستبدالها؟ وهل يمكن الوثوق بها للاحتفاظ بالبيانات على المدى البعيد؟ حسنًا، في هذا المقال سنُجيبك عن تلك التساؤلات.
أولًا: كيف تعمل بطاقات SD ؟
للحصول على إجابة دقيقة وصحيحة على السؤال الرئيسي في هذا الموضوع، يجب أولًا معرفة الآلية التي تعمل بها بطاقات SD. بكل بساطة، تعمل ذاكرة الفلاش عبر مصفوفات من خلايا الذاكرة التي يُمكِن برمجتها ومحوها كهربائيًا لتخزين أو حذف واستبدال البيانات وتُسمى بتقنية NAND Flash Memory وبالفعل هي نفسها الذواكر المُستخدمة في وحدات الفلاش ميموري USB وأيضًا وحدات SSD.
تحتوي كل خلية ذاكرة في الـ NAND Memory على بٍت واحد أو أكثر من البيانات المُخزّنة على هيئة شُحنات كهربائية، ومع مرور الوقت، وكثرة حذف وتخزين واستبدال البيانات تُصبِح هذه الشُحنات الكهربائية غير مُستقرّة، مِمّا قد يُؤدّي إلى فُقدان بعض البيانات مع كثرة الاستخدام، أو تلف الذاكرة كُلّها، لكِن ليس هذا هو السبب الوَحيد الذي يؤدّي إلى تلف بطاقات SD Card كما أن تدهور حالة الذاكرة بمرور الوقت أمر طبيعي ويحدث في أي وحدة تخزين، لكِن هناك العديد من الأسباب الأخرى التي قد تؤدّي إلى تلف هذه البطاقات دعونا نتعرف عليها عبر السطور الآتية.
ثانيًا: العوامل التي تؤثّر على العمر الافتراضي لبطاقة SD Card
توجد مجموعة كبيرة من العوامل المُختلفة التي قد تؤثّر على عُمر بطاقة SD وتؤديّ إلى تلفها، لعل أبرزها هو الاستخدام الخاطئ لها، فطبيعة تخزين بطاقات SD للبيانات قد تؤدي أحيانًا إلى تلفها إن لم يكن المستخدم على دراية كافية بآلية استخدام وتخزين هذه البطاقات.
على سبيل المثال، إذا خزّنتها في مكان شديد البرودة أو في مكان شديد الحرارة، فذلك حتمًا سيؤثّر عليها ويدمّر الشُحنات الكهربية الموجودة بداخلها، وبالتالي النتيجة الحتمية لذلك هو تلف البطاقة والبيانات. كذلك تكرار الاستخدام بشكلٍ مُنتظم قد يؤدّي إلى تلفها حتى ولو لم تنكسر البطاقة، وذلك لأنّ الاستخدام المُنتظِم يُمكِن أن يتسبب في تلف البطاقة بشكلٍ أسرع من استخدامها بشكلٍ عشوائي بسبب تلف كُل بِت في الذاكرة بعد الاستخدام.
بالطبع كذلك فإنّ جودة بطاقة SD لها دورٌ مُهمٌ في تحديد طول فَترة الاستخدام أو قِصَرها، حيث أنّ البطاقات المصنوعة من مواد رديئة لا تدوم فترةً طويلة عادةً، وذلك على عكس تلك التي عالية الجودة من شركات معروفة في هذا المجال، حيث يمكنها تحمّل الضغط أو درجة الحرارة والبرودة، أو حتى كثرة الاستخدام المنتظم أو العشوائي. كذلك من الأسباب التي يجهلها البعض، كمية البيانات المُخزّنة على البطاقة، فكُلّما كانت البيانات كبيرة، كُلّما زاد استخدام مجموعة أكبر من بتات التخزين، وهو ما يعني تلف الكثير عن تكرار استبدال البيانات، وبالتالي فإن البيانات الكثيرة قد تكون إحدى عوامل التلف بصورةٍ أسرع من المُعتاد.
ثالثًا: ما هو العُمر الافتراضي لبطاقة SD ؟
قد تسأل سؤالًا آخرًا؛ إذًا، ما هي المُدّة التي ستحتفظ بطاقة SD التي لم يتم توصيلها وتُرِكَت في وِحدة التخزين ببياناتها قبل أن تتسرّب الشُحنة التي تُمثّل الآحاد والأصفار وتمحو المعلومات؟
وِفقًا لمعايير بطاقات SD وذاكرات الفلاش، فإن رقائق الذاكرة في وحدات تخزين مثل بطاقات SD، لها معايير احتفاظ مختلفة عند درجات حرارة معينة، تختلف من نوع لآخر، مثلًا لو ألقينا نظرة على معايير منظمة JEDEC JESD47 نجدها تتطلب أن تحتفظ ذاكرة الفلاش بالبيانات لمدة تصل إلى 10 سنوات على الأقل عند درجة حرارة 55 درجة مئوية، وإذا انخفضت درجة الحرارة، فمن المُتوقّع أن يرتفع العمر الافتراضي لها بشرط أن يكون هذا الانخفاض غير ضار لبطاقة SD Card.
ونظرًا لأنّ بطاقات SD ليست مُصمّمة لتُترَك في التخزين البارد لذا فمن الصعب تحديد المُدّة التي ستحتفظ فيها بشُحنتها، على عكس الفلاشات التي قد تُخبرنا الشركة بمُدّة العُمر الافتراضي لها أو قد نتوقّعه من جودة واستخدام الذاكرة نفسها، ولكِن من خلال القصص المتناقلة، تبين أن الكثير من الأشخاص يزعمون قدرة بطاقة SD Card على مواصلة العمر بعد تركها في الدرج لسنوات وأن جميع البيانات تبدو جيدة وتعمل دون أيّة مُشكلة. في الوقت نفسه قد تفقد بطاقة SD التي تستخدمها في جهازك باستمرار جميع بياناتها تلقائيًا وتتلف دون سابِق إنذار.
لذلك، فإنّ النّصيحة التي سأقدّمها لك هي ألّا تستخدم بطاقات SD كوسيلة حفظ أساسية لبياناتك، وإن كان ولا بُدّ استخدامها، فمن الواجِب أن تحتفظ بنُسخة احتياطية من بياناتك في مكانٍ آخر كي لا تفقدها، وإن كان استخدامك لها في الكاميرا الرقمية مثلًا ولا غِنى لك عنها، فقُم بتفريغ صورك وتسجيلاتك الصوتية وفيديوهاتك باستمرار بعد الانتهاء من الاستخدام، أمّا عن الهواتف الذكية التي لا تزال تعمل ببطاقات SD فإن حفظ نسخة من البيانات على خدمة تخزين سحابية أمر ضروري.
رابعًا: كيف يتم حساب قُدرة تحمّل SD ؟
بنفس الطريقة التي يُقاس بها قدرة تحمل الـ SSD وأي وحدة تخزين تعتمد على ذاكرة NAND الفلاشية، إذ يتعلق التحمُّل لبطاقات SD بمصطلح الـ TBW وقد فسرنا ماهيته في مقال سابق. عمومًا، فإن الـ TBW (اختصارًا لـ TeraBytes Written) يعبر عن إجمالي عدد البيانات التي يمكن كتابتها "تراكميًا" على وحدة تخزين بطاقة SD Card طوال مدة استخدامها، هذا العدد بطبيعة الحال يقاس بوحدة التيرابايت، وهو ما يعادل الألف جيجابايت. هو، بمعنى آخر، يشير إلى كمية البيانات المكتوبة على بطاقة الـ SD Card قبل أن تنتهي صلاحيتها. وعلى الرغم من أن مقياس TBW يُعتمد عليه كمعيار دقيق للعمر الافتراضي لبطاقات SD Card، إلا أنه يستحيل على الأغلبية الساحقة من المستخدمين العاديين أن يصلوا للاستهلاك الكامل لقيمة TBW خلال دورة حياة البطاقة لديهم.
للأسف، لا تُفصح معظم الشركات المصنعة لبطاقات SD عن قيمة الـ TBW التي تُبين العمر الافتراضي للبطاقة، ولكن إذا تمكنت من معرفة نوع ذاكرة الـ NAND المُستخدمة فحينها يمكن تخمين هذه القيمة. على سبيل المثال، إذا كانت الذاكرة من نوع SLC فهذا يعني أن البطاقة لديها أعلى قدرة على التحمل بما يصل إلى كتابة 100,000 تيرابايت من البيانات، بينما لو كانت من نوع MLC فهذا يشير إلى أن البطاقة لديها قدرة تحمل أقل بما يصل إلى كتابة بين 3,000 إلى 30,000 تيرابايت من البيانات، وأما النوع الثالث والأخير وهو TLC لديه أدنى قدرة على التحمل بما يصل إلى كتابة 300 إلى 1,500 تيرابايت من البيانات.
خامسًا: كيف تُطيل عُمر بطاقة SD Card ؟
لا توجد طريقة مؤكّدة ومضمونة لإطالة عُمر بطاقات SD، لكن لعلّ الالتزام ببعض الأمور يُمكِن أن يُساعِد في إطالة عُمرها الافتراضي، وأوّل ما يجب أن تفعله هو أن تستثمر في بطاقات عالية الجودة، ومن شركة معروفة، وحبّذا لو كان لهذه البطاقة ضمان أو أنّ تعليقات العُملاء والمُجرّبين عنها حَسنة، كذلك تجنّب قدر استطاعتك ملئ السعة التخزينية كاملة إلى أقصى حد مُمكن، فإنّ تركك بعض المساحة الخالية على البطاقة يساعد في مَنع التآكُل السريع لها.
قُم دائمًا بإخراج بطاقة SD بأمان من جهازك سواء لابتوب أو هاتف قبل إزالتها لتجنُّب تلف البيانات، وذلك عبر خيار Safely Remove Hardware. قم أيضًا بتخزين البطاقة في مكان بارد وجاف بعيدًا عن أشعة الشمس المباشرة ومصادر الحرارة المُختلفة، كذلك يُمكنك اتّباع إرشادات الشركة المُصنِّعة، والتي غالبًا ما تكون داخل العبوّة أو على ظهرها.
سادسًا: العلامات التي تُشير إلى تلف بطاقة SD
إذا بدأت بمُلاحظة إحدى هذه العلامات على بطاقة SD الخاصة بك، فتأكّد أنّها في نهاية عُمرها الافتراضي، وعلى وشك التلف، وعندها أنصحك بأن تُبادِر بأخذ نُسخة احتياطية منها كيف لا تفقد بياناتك، لنستعرض بعض هذه العلامات:
- يعد تلف البيانات إحدى العلامات المُهمّة والتي تُشير إلى وجود مشكلة مُحتملة في بطاقة SD، فإذا تعرضت الملفات الموجودة على بطاقة SD للتلف أو تعذّر الوصول إليها أكثر من مرّة، أو تكرّرت المُشكلة في أكثر من ملف في وَقتٍ واحد، فهذه علامة واضحة على وجود خطأ ما، وأنّ البطاقة على وشك التلف.
- الأداء البطيء هو أيضًا علامة أخرى تُنذر بقُرب تلف البطاقة، فإذا استغرقت البطاقة وقتًا أطول من المُعتاد لقراءة البيانات الموجودة بداخلها، فقد تكون هذه إحدى العلامات التي تُشير إلى قُرب انتهاء عُمرها الافتراضي.
- كذلك فإنّ رسائل الخطأ التي تظهر عند محاولة قراءة البيانات الموجودة على بطاقة SD تدُل على أنّها بدأت تتلف.
- كما أنّ الأضرار المادية المرئية على جسم البطاقة كالتشققات أو الكسور، أو البلى قد يكون دليلًا آخرًا على اقتراب تلفها.
وبناءً على هذه الأسباب والتفصيلات التي استعرضناها في هذا المقال، يُمكنك أن تُحدّد ولو بنسبةٍ ما مدى اقتراب بطاقة SD الخاصة بك من نهايتها، وانتهاء عُمرها الافتراضي، لذا اهتم دائمًا بتلك التفاصيل كي لا تفقد بياناتك إلى الأبد في لحظة دون أن تدري.