وفقًا لأحدث الإحصائيات، تخطى عدد مستخدمي ChatGPT؛ روبوت المحادثات المعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي والأشهر في العالم حاليًا، المئة مليون مستخدم والعدد في ازدياد مستمر رُغم القيود المعروفة مثل عجزه عن الرد على الأسئلة التي تحتاج إجاباتها لمعرفة ما جرى في العالم بعد سبتمبر 2021 ناهيك عن انقطاعه عن محركات البحث وعدم ذكره لمصادر الإجابات، إلخ. بعيدًا عن كل هذه القيود، يمتلك هذا الروبوت القوي معرفةً يستحيل أن تقاومها، هو يعرف كل شيء عن أي شيء، أو على الأقل لا يقول "لا أعرف"؛ ولهذا ستجد من يستخدمه في أبحاثه العلمية، وستجد من يسأله عن توقعاته للمستقبل، وآخرٌ يطلب منه إلقاء نكات مضحكة وهلم جرا، ولكن هل تعلم أن هناك حدودًا يجب أن تضعها بينك وبين ChatGPT ؟ فيما يلي نوضح بعض الأشياء التي لا يجب عليك استخدام ChatGPT من أجلها.
لا تشارك بياناتك الشخصية مع ChatGPT
قد تقول "وما المانع في ذلك؟" والجواب ببساطة هو أن شركة OpenAI – مطور هذه الأداة الجبارة – تقوم بتحديث القاعدة المعرفية باستمرار من خلال جمع كل البيانات الممكنة من أجل تدريب ChatGPT على معرفة كل شيء والوصول إلى أجوبة كل الأسئلة الممكنة بدقة تجعل المستخدمين يندهشون. المشكلة أن ما تُرسله إلى هذا البوت لا يمكنك أن تتراجع عنه؛ فبمجرد تغذيته ببعض المعلومات، لن يصبح في الأمر رجعة، وأغلب الظن أن بياناتك ستُستخدم، والدليل؟
الدليل أن هناك تقاريرًا تفيد بأن بعض الدول، مثل إيطاليا وكندا، بدأت تتوخى الحذر وتأخذ خطوات رسمية في التحقق من سياسيات الخصوصية لهذا الروبوت المُستخدم في الدردشات، وبالأخص إيطاليا التي حظرت ChatGPT بالفعل وصرحت هيئة حماية البيانات هناك (GPDP) بأن OpenAI تجمع البيانات الشخصية بدون الخضوع لأي قوانين داعية إلى الحظر الفوري والمباشر لهذه الأداة.
لك أن تتخيل أن شركة مثل سامسونج هي الأخرى قد حظرت على موظفيها استخدام ChatGPT بعد مشاركة أحد العاملين بالشركة معلومات شخصية حساسة مع روبوت الذكاء الاصطناعي. ونظرًا لكل هذه التحفظات من الدول والشركات، أضافت OpenAI وضعًا جديدًا يُشبه وضع "المتصفح الخفي" ووعدت بأن استخدامك للأداة في هذا الوضع لن يؤدي إلى تخزين أو حفظ بياناتك، وأنت – عزيزي القارئ – بيدك القرار، ولكن خلاصة، لا ننصحك بمشاركة أي شيء شخصي مع الذكاء الاصطناعي بشكل عام.
إذا كنت ستستخدم ChatGPT، فاستخدمه من المصدر الأصلي
لسوء الحظ أن ChatGPT ليس متاحًا بشكل رسمي في جميع الدول، وعلى رأسهم مصر، ما يُجبر مواطني هذه الدول إلى اللجوء لطرق بديلة لئلا يفوتوا على أنفسهم اللحاق بركب هذه الأداة المتفشية في كل شيء. من ضمن الحيل التي يلجأ إليها البعض لاستخدام ChatGPT هي تنصيب تطبيقات أو استخدام مواقع وإضافات تدعم هذه الأداة، وغيرها من أدوات الذكاء الاصطناعي، وتجعلك تستخدمها دون الحاجة حتى لتسجيل الدخول.
ولكن هل تعلم أن بعض "الهاكرز" يستغلون هذه الحاجة الآن في اختراق أجهزة المستخدمين؟ نحن لا نقول إن كل المواقع أو التطبيقات التي تدعم ChatGPT ملغمة، ولكن بحسب مصادر عديدة، فإن هناك هجمات Malware تحدث علنًا على حِس هذا الروبوت؛ فتنصيبك لبرنامج مجهول المصدر أو استخدامك لإضافة متصفح غريبة قد تكون بابًا خلفيًا يستغله بعض المخترقين في التلصص على بياناتك وسرقتها، وهذا أقل ما قد يحدث، فهناك تطبيقات أخرى تطلب من المستخدمين دفع رسوم مقابل استخدام ChatGPT الذي هو في الأصل أداة مجانية!
ChatGPT ليس طبيبًا
أتعجب حقيقة من هؤلاء الذين يثقون بـ ChatGPT ثقة عمياء – وسنأتي على هذه الجزئية لاحقًا – بل ويستخدمونه في الحصول على استشارات طبية! صحيحٌ أن ChatGPT خارق ويمتلك من البيانات ما يمتلك، ولكن أرجوك لا تعتمد عليه أو على أي مصدر آخر سوى الأطباء في الاستشارات الطبية على وجه الخصوص.
لا شك أن الذكاء الاصطناعي بدأ يُنحي بعض الأطباء عن وظائفهم – كما هو الحال مع جميع الوظائف – ويتم الاعتماد عليه الآن في بعض المستشفيات ويعد بمستقبل مُشرق فاتحًا الباب على مصراعيه أمام ثورة في التشخيص، ولكنه مع ذلك ليس جاهزًا، وبالأخص ChatGPT وأمثاله. هذه الروبوتات تقدم أجوبة عامة وبنسبة كبيرة لن تفهم احتياجك الشخصي، وقد تودي عواقب الاعتماد عليها إلى ما لا يُحمد عُقباه.
ChatGPT ليس مصدرًا موثوقًا
بعد تجربتي الشخصية الأولية لهذه الأداة التي أعترف بأنها ثورية، أصابتني الدهشة وانبهرت من معرفته بأدق التفاصيل، ولكن ذات يوم سألته عن معلومة ما، ولكن جوابه لم يقنعني، فسألته: “?Are you sure” فوجدت الجواب بالاعتذار وأنه لا زال في مراحله الأولية وأنه يطور من نفسه، واكتشفت لاحقًا أن هذا السؤال يسبب لأنظمة الذكاء الاصطناعي المشابهة (مثل ChatGPT و Bard) ارتباكًا واضحًا.
جرب أن تفعل مثلما فعلت وسل ChatGPT عما إذا كان متأكدًا من جوابه، وستجده في أحيانٍ كثيرة يجيبك بأنك أنت على صواب وأنه متأسف على الارتباك رُغم أن إجابته قد تكون صحيحة. هذا يحدث كثيرًا في الأمور المتعلقة بالأخبار أو الحقائق العلمية أو الأحداث التاريخية على وجه الخصوص لدرجة أنه أحيانًا يختلق ردودًا قد تبدو حقيقية، ولكنها ليست كذلك، فضلًا عن أنك إذا سألته عن المصدر سيأتيك بروابط لمواقع شهيرة، ولكنها لا تعمل، ولا أعرف لماذا. ولتتأكد بنفسك أن ChatGPT لا يُعتمد عليه، سأطلب منك أن تسأله سؤالًا بسيطًا للغاية، فقط اطلب منه أن يذكر لك 5 مغنيين راب مصريين وانتظر الرد!
لا تجعله يقرر نيابة عنك
إذا كان عليك أن تتخذ قرارًا مصيريًا فلا يجب عليك أن تطلب نصيحة ذكاء اصطناعي مثل ChatGPT؛ لأنه ببساطة لا يفهم تعقيدات العالم الحقيقي فضلًا عن معرفته بالأخلاقيات والمشاعر والقيم الإنسانية وغيرها من العوامل التي قد تحسم قرارات مصيرية يجب على إنسان أن يفاضل بيها. يُذكر أن OpenAI طورت هذه الجزئية في GPT 4 بسبب النتائج الكارثية التي كانت تنبع من نسخة GPT 3.5، ومع هذا، لا يزال الاعتماد على ChatGPT في هكذا أمور شيئًا لا ننصح به على الإطلاق.
وأخيرًا، أريد منك معرفة شيء في غاية الأهمية: ليس معنى أن ChatGPT أجابك من قبل بدقة على بعض تساؤلاتك، أنه يصلح لكل شيء طوال الوقت؛ فصحيحٌ أن هذا البوت قادر على تشخيص بعض الأمراض واتخاذ بعض القرارات السليمة والإتيان بتواريخ وحقائق مدهشة والتفكير بمنطقية شديدة، ولكن هذا لا يعني أنه لا يُخطئ، فحاول بقدر المستطاع أن تعفي نفسك من أفعالٍ قد تندم عليها بعد فوات الأوان.