يلجأ الكثير من مُستخدمي الإنترنت حول العالم إلى استخدام الشبكة الافتراضيّة الخاصّة (VPN) لعدّة أسباب تتضمّن تأمين اتّصالهم بشبكة الإنترنت، وضمان خصوصيّة بياناتهم، وتمكين الوصول إلى المواقع المحظورة وعرض المحتوى المُقيّد في بلدانهم، ومع ذلك لا تعمل جميع خوادم VPN بنفس الكفاءة لتُحقّق الأهداف المنشودة، فهُناك دول تتمتّع بخوادم أفضل من غيرها فيتيح الاتّصال بخوادم هذه الدول امتيازات أكثر لمُستخدمي VPN، لذا يُعتبر اختيار الخوادم المُناسبة مسألة بالغة الأهمّية عند استخدام الشبكة الافتراضيّة الخاصّة.
ولقد استعرضنا من قبل قائمة صغيرة تضمّ أسوأ خمس دول من حيث الامتيازات التي توفّرها خوادمها عند استخدامها للاتّصال بالإنترنت عبر الـ VPN، وفي هذه المقالة نُرشّح لكم خمس دول تُعدّ خوادمها هي الأفضل في العالم والأكثر أمانًا للاتّصال بالإنترنت من خلالها عند استخدام شبكة VPN.
معايير اختيار الموقع الجُغرافيّ لخوادم VPN المُناسبة
تعتمد معايير اختيار الموقع الجُغرافيّ في الـ VPN على السبب الرئيسيّ الذي يدفعك إلى استخدام شبكة VPN في المقام الأوّل، فإذا كُنت تستخدم VPN لأسباب تتعلّق بمسألة الخصوصيّة فإنّ الدولة التي تتمتّع بأفضل قوانين لحماية أمن وخصوصيّة البيانات ستكون خوادم VPN الموجودة فيها هي خيارك الأمثل، أمّا إذا كُنت تستخدم VPN للوصول إلى مُحتوى مُقيّد أو موقع محظور في نطاقك الجغرافيّ فإنّ الدولة التي تكفُل قوانينها حُرّية استخدام الإنترنت دون رقابة، وتتمتّع بأقلّ قدر من المُحتوى المُقيّد ستكون خوادمها VPN الموجودة فيها هي أفضل الخيارات المُمكنة.
تلعب اللوائح والقوانين المُنظّمة للاتّصالات أيضًا دورًا هامًا في اختيار الموقع الجُغرافيّ المُناسب، فقد تحُدّ قوانين بعض الدول من الامتيازات التي يُمكن الحصول عليها باستخدام VPN، فإذا كُنت ترغب على سبيل المثال في الاستمتاع بمزايا التورنت، سيتعيّن عليك اختيار خوادم الدول التي تعتبر استخدام التورنت للأغراض الشخصية قانونيًا إذ يُعتبر تحميل المواد المحميّة بحقوق الطبع والنشر من خلال مُشاركة الملفّات بطريقة النِدّ للنِدّ P2P أمرًا غير قانونيّ في مُعظم دول العالم، بل إنّ قوانين بعض الدول تحظر استخدام وتداول تطبيقات VPN على أراضيها من الأساس.
تأتي في المرتبة التالية العوامل التي تُساهم في الحصول على أفضل تجربة اتّصال بالإنترنت أثناء استخدام VPN مثل سُرعة التحميل ووقت الاستجابة أثناء الاتّصال، والتي تتأثر بما يلي:
- سُرعة الإنترنت في الموقع الجغرافيّ لخوادم VPN التي نستخدمها، والتي تعتمد بدورها على مدى جودة البنية التحتيّة الرقميّة لخدمات الإنترنت الموجودة في تلك الدولة أو ذلك الحيّز الجغرافيّ.
- المسافة المُباشرة بين موقع خادم VPN، وبين الموقع الفعليّ للجهاز المُستخدم في الاتّصال بهذا الخادم، فكُلّما اقتربت المسافة بينهما كان الاتّصال بالإنترنت عبر خوادم VPN أسهل وأسرع لأنّ حزم البيانات تستغرق وقتًا أقلّ لكي تصل من الجهاز إلى خادم VPN ثُمّ تعود إلى الجهاز مرّة أخرى لتعرض صفحة الويب المطلوبة.
- عدد خوادم VPN الموجودة في الموقع الجُغرافيّ المُختار، فكُلما قلّ عدد الخوادم كُلّما كانت أكثر ازدحامًا وأصبح الاتّصال بالإنترنت أكثر بُطئًا وأكثر عرضة لانقطاع الخدمة بصورة مُتكرّرة.
أفضل دول يُمكن الاتّصال بخوادمها عند استخدام VPN
سويسرا
تُعدّ خوادم VPN الموجودة في سويسرا هي أفضل الخيارات المُتاحة لمُستخدمي الشبكة الافتراضيّة الخاصّة القلقين بشأن خصوصيّة بياناتهم، إذ لا تنتمي إلى أيّ من التحالفات الأوروبيّة الثلاث التي تتعهّد دولها بمُشاركة المعلومات الرقميّة والبيانات الخاصّة بمواطنيها فيما بينها، وهي تحالف العيون الخمس، وتحالف العيون التسع، وتحالف العيون الأربع عشرة. كما تمتلك سويسرا قوانين صارمة لحماية خصوصيّة المُستخدمين تُحدّد نوع المعلومات والبيانات التي يُمكن للشركات جمعها حول الأشخاص وكيفيّة مُعالجتها والطُرق المشروعة للوصول إليها، كما تُتيح القوانين السويسريّة المساحة القصوى من حُرّية استخدام الإنترنت فتسمح للمُستخدمين على سبيل المثال بتحميل المحتوى المحميّ بحقوق الطبع والنشر للاستخدام الشخصيّ دون التعرّض لمساءلة قانونيّة.
وتتألّف البنية التحتيّة للإنترنت في سويسرا، باستثناء بعض المناطق الريفيّة، من شبكات الألياف الضوئيّة التي توفّر اتّصالًا رقميًّا مُستقرًّا، وتتميّز خدمات الإنترنت أيضًا بسُرعات عالية، إذ يبلغ متوسّط سُرعة الإنترنت في سويسرا حوالي 229.96 ميجابت في الثانية، وبالتالي لن يؤدّي الاتّصال بخوادمها إلى انخفاض كبير في سُرعة الإنترنت ما لم يُكن البُعد الجغرافيّ بينها وبين الموقع الفعليّ للمُستخدم كبيرًا للغاية.
أيسلندا
تتمتّع أيسلندا بأفضل مجموعة من القوانين التي تحمي خصوصيّة وأمان البيانات وتكفُل حُرّية التعبير وحُرّية استخدام الإنترنت فلا يخضع المُحتوى المتداول على شبكة الإنترنت هُناك سوى لرقابة ذاتيّة محدودة للغاية تفرض القليل من القيود على المُحتوى الذي ينتهك حقوق الطبع والنشر فقط.
تتميّز خدمات الإنترنت في أيسلندا أيضًا بموثوقيّة عالية فتكون أقلّ عُرضة للانقطاع بسبب فشل الشبكة نظرًا لجودة البنية التحتيّة للإنترنت التي تستخدم كابلات الألياف الضوئيّة، لذا يُمكن أن تُوفّر خوادم VPN الموجودة في أيسلندا امتيازات رائعة لمُستخدمي VPN خاصّة أولئك الموجودين في أوروبا وأمريكا الشماليّة فلن يُحدث الاتّصال بها انخفاضًا كبيرًا في سُرعة الإنترنت عند استخدام VPN.
إسبانيا
تتميّز إسبانيا ببنية تحتيّة رقميّة متطوّرة للغاية تجعلها واحدة من أعلى دول العالم في متوسّط سُرعة الإنترنت. تسمح القوانين الإسبانيّة بتحميل المُحتوى المحميّ بحقوق الطبع والنشر للاستخدام الشخصيّ ولا تعتبر أنشطة التورنت مُخالفة للقانون ممّا يجعل الاتّصال بخوادم VPN الموجودة فيها خيارًا مثاليًّا للراغبين في مُشاركة المحتوى عن طريق خدمات التورنت.
وفيما يتعلّق بمسألة الخصوصيّة، فإنّ إسبانيا واحدة من دول تحالف العيون الأربع عشرة بحيث تخضع خصوصيّة تداول المعلومات فيها لقوانين التحالف بالإضافة إلى اللائحة العامة للاتّحاد الأوروبيّ فيما يختصّ بحماية البيانات، ولكنّها تكفُل للمُستخدم على أيّ حال الحقّ في قبول أو رفض جمع واستخدام معلوماته الشخصيّة، ولكن في حالة الموافقة فقد تتمّ مُشاركة بيانات الشخصيّة مع دول التحالف الأخرى عند الحاجة لذلك، لذا تُعتبر خصوصيّة البيانات المُنخفضة نسبيًّا إحدى نقاط الضعف عند الاتّصال بخوادم VPN الإسبانيّة.
كندا
على الرغم من وجود قوانين صارمة تتعلّق بمُكافحة الإرهاب والتي تمتلك الحكومة الكنديّة بمُقتضاها الحقّ في مُراقبة البيانات المُتداولة عبر شبكة الإنترنت ممّا يُحدّ من خصوصيّة وأمان الاستخدام، تظلّ خوادم VPN الموجودة في كندا واحدة من أفضل الخيارات لمُستخدمي الشبكة الافتراضيّة الخاصّة حول العالم، وأفضل الخوادم المُتاحة بالنسبة للمتواجدين في الولايات المُتّحدة الأمريكيّة وأمريكا الشماليّة بفضل البنية التحتيّة المُتميّزة، والقدر الضئيل من المُحتوى المُقيّد في كندا.
يُعتبر الحصول على خدمات إنترنت عالية السُرعة حقّ أساسيّ تكفله القوانين المُنظّمة للاتّصالات في كندا لجميع المواطنين منذ عام 2016، كما تكفل القوانين الكنديّة درجة عالية من حُرّية التعبير وحُرّية استخدام الإنترنت، وبالتالي تسمح خوادم VPN في كندا بالوصول إلى الكثير من المُحتوى المُقيّد في مناطق أخرى من العالم، فيما عدا مُقاطعة كيبيك ذات الثقافة الفرنسيّة التي تفرض قوانين خاصّة بها تُلزم مواقع الويب التي تُمارس أنشطة تُجاريّة بتوفير نُسخة باللغة الفرنسيّة من صفحات الويب الخاصّة بها والموجّهة لمواطني كيبيك، ممّا يدفع بعض هذه المواقع إلى حظر ظهور صفحات الويب الخاصّة بها في مُقاطعة كيبيك بدلًا من تكبّد تكاليف إضافيّة لترجمة المُحتوى إلى الفرنسيّة وصيانة النُسخ الإضافيّة من صفحات الويب.
المملكة المُتّحدة
تمتلك مُعظم تطبيقات VPN الموثوقة مثل NordVPN و ExpressVPN خوادم لها في المملكة المُتّحدة التي تتمتّع بسُرعات إنترنت عالية بفضل البنية التحتيّة الرقميّة الجيّدة وشبكات الألياف الضوئيّة التي توفّر خدمات اتّصال مُستقرّة بالإنترنت، كما يُلزم قانون الاقتصاد الرقميّ للمملكة المُتّحدة الصادر في عام 2017 مزوّدي خدمة الإنترنت بتوفير سُرعات اتصال لا تقلّ عن 10 ميجابت في الثانية.
تُعدّ خوادم VPN الموجودة في المملكة المُتّحدة خيارًا مُمتازًا أيضًا للراغبين في التغلّب على الوصول إلى مزيد من المحتوى المُقيّد، حيث تكفل قوانين المملكة المُتّحدة درجة معقولة من حُرّية استخدام الإنترنت، ويقتصر دور الدولة الرقابيّ في تنظيم الاتّصالات فقط على مُراقبة الجهات التي تتداول معلومات مُضلّلة على شبكة الإنترنت، وتتولّى برامج التصفيّة الآليّة لدى مزوّدي خدمة الإنترنت حظر تداول المحتوى الضارّ الذي ينتهك حقوق الطبع والنشر، أو يُحرّض على العُنف أو إساءة مُعاملة الأطفال على شبكة الإنترنت.
———————
المُلخّص | يُعدّ اختيار الموقع الجُغرافيّ المُناسب لخوادم VPN المُستخدمة عند الاتّصال بشبكة الإنترنت عبر الشبكة الافتراضيّة الخاصّة VPN مسألة ضروريّة تتحدّد على أساسها درجة الخصوصيّة وأمان البيانات التي توفّرها الشبكة، وإمكانيّة الوصول إلى المُحتوى المُقيّد من خلالها، ومدى تأثير الاتّصال بها على سُرعة الإنترنت أثناء استخدام VPN. وتتوقّف معايير اختيار الموقع الجُغرافيّ المُناسب لخوادم VPN على الغرض الرئيسيّ من استخدام شبكة VPN، وحالة القوانين المُنظّمة للاتّصالات، ودرجة حماية خصوصيّة البيانات، ومدى حّرّية استخدام الإنترنت دون رقابة، وجودة البنية التحتيّة الرقميّة وسُرعة الإنترنت وعدد خوادم VPN الموجودة في الدولة التي نحن بصدد الاتّصال بخوادم VPN الموجودة فيها.
تؤثّر المسافة المُباشرة بين الموقع الجُغرافيّ لخوادم VPN وبين موقع المُستخدم الفعليّ أيضًا بشكل ملحوظ على سُرعة الإنترنت أثناء استخدام VPN، فتكون خوادم VPN الموجودة في مواقع جُغرافيّة قريبة أو في نفس الدولة أقلّ تأثيرًا على سرعة الإنترنت ما لم يكُن الغرض من استخدام VPN هو التغلّب على الرقابة والوصول إلى المُحتوى المُقيّد في نفس النطاق الجُغرافيّ، وما لم تكُن البنية التحتيّة الرقميّة في ذلك الموقع القريب مُنهارة وضعيفة للغاية ممّا يجعل الموقع الجغرافيّ البعيد ذو البنية التحتيّة الرقميّة الجيّدة خيارًا أفضل.
تتمتّع إسبانيا ببنية تحتيّة رقميّة متطوّرة للغاية ممّا يجعلها أفضل الخيارات بالنسبة للباحثين عن اتّصال سريع بالإنترنت أثناء استخدام VPN، أمّا بالنسبة للمُستخدمين المُهتمّين بمسألة الخصوصيّة فتُعتبر خوادم VPN الموجودة في كُلّ من سويسرا وأيسلندا هي أفضل الحلول بفضل القوانين الصارمة التي تحمي خصوصيّة وأمان تداول البيانات عبر شبكة الإنترنت في كُلّ من البلدين، وفي حالة البحث عن خوادم VPN تُتيح وصولًا سريعًا لأكبر عدد مُمكن من المواقع بأقلّ قدر من المُحتوى المُقيّد فإنّ خوادم VPN الموجودة في كندا والمملكة المُتّحدة قد تفي بهذا الغرض بفضل قوانينها التي توفّر درجة عالية من حُرّية استخدام الإنترنت، وتُلزم مزوّدي خدمات الإنترنت بتوفير سُرعة إنترنت عالية للمُستخدمين.