حرصت مايكروسوفت على إطلاق إصدارات جديدة من نظام ويندوز من آن لآخر بحيث تتضمّن تلك الإصدارات مزيد من المواصفات والمزايا المطوّرة التي تهدف إلى تحسين تجربة الاستخدام، وتوفّر للمُستخدم أداء أفضل لجهازه. جاء إصدار ويندوز 11 الذي صدر للمرّة الأولى في أكتوبر 2021 على سبيل المثال مزوّدًا بمجموعة من المزايا والمواصفات الجديدة شملت تصميمًا جديدًا لشريط المهام ومجموعة من الأدوات الإضافيّة مثل أداة عرض حالة الطقس، وتصميمًا جديدًا لقائمة ابدأ، وتصميمًا جديدًا لمركز الإجراءات، ورسوم متحرّكة أكثر سلاسة، بالإضافة إلى دعم تشغيل تطبيقات أندرويد، والكثير من المزايا الأخرى.
ولكن بعض التعديلات المذكورة لم تلق استحسان المُستخدمين الذين عبّر الكثير منهم على سبيل المثال عن استيائه من الموضع الجديد لقائمة "ابدأ" التي وُضعت في وسط شريط المهام بدلًا من موضعها التقليديّ عند أحد طرفيّ الشريط ممّا شكّل عائقًا أمام بعض المُستخدمين عند أداء بعض الإجراءات، ورُبّما لم يُحبّ بعضهم فكرة تغيير مثل تلك العناصر المألوفة بالنسبة لهم من الأساس. كان مطوّرو ويندوز 11 قد حرصوا في هذا الإصدار أيضًا على إبقاء عدد من المزايا التقليديّة الموجودة في الإصدارات الأقدم من ويندوز والتي لا تزال تُلبّي مُتطلّبات الكثير من المُستخدمين كما هي ممّا يُرضي قطاعًا عريضًا من أولئك المُستخدمين. وفيما يلي نستعرض مجموعة من تلك المزايا القديمة التي لا تزال مُتاحة في ويندوز 11.
موجّه الأوامر (CMD)
يُعتبر موجّه الأوامر أو "cmd" أداة سطر الأوامر الافتراضيّة في نظام الويندوز، والتي قُدّمت للمرّة الأولى في عام 1987 ليكون نظام Windows NT هو أوّل إصدار يُطرح في الأسواق يحتوي على أداة موجّه الأوامر في عام 1993 والتي تسمح للمُستخدمين بتنفيذ أوامر نظام DOS إلى جانب أوامر اخرى أكثر تقدمًا.
يُعتبر موجّه الأوامر أداة ذات أهمّية كبيرة خاصّة بالنسبة للمُبرمجيّن والمطوّرين. يكون موجّه الأوامر عادةً عبارة عن شاشة سوداء اللون تُكتب أسطر الأوامر فيها باللون الأبيض، ويُمكن من خلال هذه الأداة كتابة الأوامر البرمجيّة المُختلفة باستخدام لغات البرمجة بحيث يُكتب كُلّ أمر باستخدام أزرار لوحة المفاتيح فقط فيما يُعرف بسطر الأوامر، ثُمّ تُنقل هذه الأوامر إلى نواة نظام التشغيل التي تقوم بتنفيذها.
إذا كنت ترغب في إنشاء مُجلّد جديد على سبيل المثال، يُمكنك تنفيذ هذا الأمر البرمجيّ عن طريق كتابة سطر أوامر واحد فقط بكتابة كلمة "mkdir" في واجهة سطر الأوامر. قد يبدو الأمر لا يستحقّ في هذا المثال البسيط، ولكنّه سيوفّر الكثير من الوقت والعناء بالنسبة للمُبرمجين ومطوّري الويب والمُستخدمين الذين يحتاجون لتنفيذ سلسلة من الأوامر البرمجيّة المُعقّدة أو التي يستغرق أداؤها وقتًا طويلًا، فعلى سبيل المثال قد تستغرق عمليّة إعادة تسمية 100 ملفّ موجودين في نفس المُجلّد وقتًا طويلًا للغاية إن حاولت تنفيذها من خلال واجهة المُستخدم الرسوميّة، بينما يُمكن أداء نفس المهمّة بكتابة سطر أوامر واحد عن طريق واجهة سطر الأوامر ولن يستغرق الأمر أكثر من دقيقة واحدة.
في ويندوز 11 جمعت شركة مايكروسوفت للمرّة الأولى ما بين أداة موجّه الأوامر التقليديّة، وبين أداة "PowerShell" الطرفيّة الشاملة التي أصبحت مؤخّرًا هي الأداة الافتراضيّة لكتابة الأوامر البرمجيّة في الإصدارات الأحدث من ويندوز، ولكنّها في إصدار ويندوز 11 صارت موجودة جنبًا إلى جنب مع أداة موجّه الأوامر بحيث يُمكن تبديلها، والعودة إلى استخدام أداة موجّه الأوامر التقليديّة من خلال تغيير بعض إعدادات تطبيق ويندوز تيرمينال.
أداة Run
واحدة من المزايا التقليديّة الأخرى الموجودة في ويندوز والتي تُساهم أيضًا في توفير الوقت والجهد بشكلٍ كبير تتمثّل في أداة Run التي تكون عبارة عن نافذة مُستطيلة شبيهة بنافذة موجّه الأوامر ولكنّها تتألّف من سطر أوامر وحيد. تُوفّر Run وصولًا سريعًا لمُختلف البرامج والتطبيقات والمجلدات والمستندات في الويندوز، ولا يتطلّب ذلك سوى معرفة أمر التشغيل المُناسب. يُستخدم حقل البحث في نافذة Run عادةً للوصول إلى عناصر Control Panel في خطوة واحدة باستخدام الكيبورد فقط بدلًا من اتّباع سلسلة من الخطوات التي تتمّ من خلال واجهة المُستخدم الرسوميّة وقد تتطلّب أدوات إدخال أخرى كمؤشّر الماوس.
كانت Run هي أوّل أداة يُمكن للمُستخدم الوصول إليها في نظام التشغيل ويندوز 95، والآن وبعد مرور ما يزيد عن ربع قرن من الزمن لا تزال الأداة مُتاحة في ويندوز 11 كما كانت مُتاحة من قبل في الإصدارات الأقدم، مع تعديل الأيقونة لتكون أكثر حداثة. ويُمكن الوصول إلى Run بسهولة وباستخدام نفس الأزرار في لوحة المفاتيح من خلال الضغط على زرّ Win مع الضغط على الحرف R في آن واحد، ولكن ينبغي أوّلًا أن يكون المُستخدم على دراية بقائمة أوامر التشغيل الأساسيّة لكي يقوم بكتابتها في نافذة الحوار التي ستظهر بعد ذلك، أو على الأقل يعرف أمر التشغيل المطلوب. ويمكنك مراجعة موضوعنا السابق حيث ألقينا الضوء على أهم 50 أمر من أوامر Run.
أداة Disk Management
طُرحت أداة إدارة الأقراص للمرّة الأولى في نظام ويندوز إكس بي لكي تحلّ محلّ الأمر "fdisk" الذي كان موجودًا في الإصدارات الأقدم، وهي أداة تُمكّن المُستخدمين من عرض وإدارة وحدات التخزين المتصلة بجهاز الكمبيوتر، وتسمح لهم بإعادة تخطيط السعة التخزينيّة والتحكّم في توزيع الأقسام المُرتبطة بها. وعلى الرغم من الأهمّية الكبيرة للأداة، فإنّها ظلّت كما هي لسنوات دون أنّ يلحق بها أيّ تطوير أو يطرأ تغيير يُذكر على مظهر ووظيفة الأداة منذ إصدار ويندوز 2000 وحتّى إصدار ويندوز 11، باستثناء طريقة الوصول إليها التي قد تختلف من إصدار لآخر، ولكن في مُختلف الإصدارات يُمكن الوصول السريع إليها من خلال فتح نافذة Run ثُمّ كتابة الأمر "diskmgmt.msc" والضغط على Enter بعد ذلك.
لوحة التحكّم (Control Panel)
تتألّف لوحة تحكّم الويندوز من مجموعة من البرامج والتطبيقات الصغيرة التي تُستخدم لتكوين جوانب مُختلفة من نظام التشغيل. شكّلت لوحة التحكّم جُزءًا رئيسيًّا من نظام التشغيل ويندوز منذ إصداره الأوّل الذي طرحته شركة مايكروسوفت في عام 1985 وهو إصدار "ويندوز 1.0"، وبدءًا من إصدار ويندوز إكس بي بدأ تصميم لوحة تحكّم الويندوز يتّخذ طابعًا شبه ثابت، باستثناء بعض الإعدادات التي كانت تُنقل تباعًا إلى مواضع أخرى خارج أقسام لوحة التحكّم إلى أن أدخل تطبيق Settings الحديث في إصدار ويندوز 10 لكي يضمّ العديد من إعدادات لوحة التحكّم السابقة.
على الرغم من أنّ إصدار ويندوز 11 جاء مزوّدًا بالعديد من الإعدادات الإضافيّة والتصميمات الجديدة والوظائف المُحسّنة للأشرطة والأدوات والأزرار المُختلفة، ظلّت لوحة تحكّم الويندوز في هذا الإصدار تحتوي على بعض الإعدادات الضروريّة وبتصميم شبيه إلى حدّ كبير بتصميمها في إصدار الويندوز السابق.
أداة Disk Cleanup
تُمثّل أداة تنظيف القرص أو "cleanmgr.exe" أداة مُساعدة في نظام ويندوز تسمح للمستخدمين بإزالة الملفّات التي لم تعد هناك حاجة إليها مثل الملفّات المؤقتة أو الملفات غير الضروريّة التي يمكن حذفها بأمان ممّا يُساعد بشكل فعّال في تحرير مساحة التخزين على القرص الصلب وتسريع أداء وحدة التخزين وتحسين أداء جهاز الكمبيوتر ككُلّ.
طُرحت أداة Disk Cleanup للمرّة الأولى في إصدار ويندوز 98 ثُمّ أصبحت موجودة بعد ذلك في جميع إصدارات الويندوز اللاحقة. جاء إصدار ويندوز إكس بي مُزوّد بنُسخة مُحسّنة بعض الشيء من أداة تنظيف القرص التي ضمّت عددًا من الخيارات الإضافية وهي نفس النُسخة من الأداة تقريبًا التي لا تزال مُستخدمة حتّى الآن باستثناء بعض التغييرات الطفيفة التي أدخلت على فئات التنظيف في الإصدارات الأحدث من ويندوز ومن بينها إصدار ويندوز 11.
أداة Character Map
تُمثّل Character Map أو مُخطّط توزيع الأحرف أداة مساعدة في الويندوز تُساعد على رؤية جميع الأحرف المتوفّرة في جميع الخطوط المُثبّتة على جهاز الكمبيوتر، وعلى الرغم من قلّة شيوعها وعدم بساطة استخدامها مُقارنةً بالأدوات الأخرى، فإنّها لا تزال أداة ذات أهمّية خاصّة وضروريّة بالنسبة لبعض المُستخدمين خاصّة أولئك الذين يحتاجون لكتابة النصوص والوثائق التي قد تحتوي على رموز أو أحرف بلغات مُختلفة على جهاز الكُمبيوتر. لم تشهد أداة مُخطّط توزيع الأحرف أيّ تحسين يُذكر تقريبًا مُنذ نُسختها الأولى التي قُدّمت ضمن إصدار ويندوز 3.1، باستثناء تغييرات طفيفة في شكل النافذة في نُسختها المُدمجة ضمن إصدار ويندوز إكس بي، ولا تزال الأداة موجودة بنفس الوظيفة ولها ذات الأداء تقريبًا في إصدار ويندوز 11.
مدير الملفّات (File Explorer)
تتضمّن جميع إصدارات الويندوز منذ إصدار ويندوز 95 أداة تُعرف باسم مستكشف الملفّات، وهو مُستعرض ملفّات يُستخدم في إدارة الملفات والمجلدات المخزنة على الهارد وتسهيل التنقّل بينها. كان مُستكشف ملفّات الويندوز أحد أبرز الأدوات التي شهدت بعض عمليّات التطوير في إصدار ويندوز 11 فأضيفت لنافذة المُستكشف ميزة التبويبات والتخصيصات الإضافيّة، وأضفي على تصميم أشرطة المُستكشف المزيد من التبسيط، غير أنّ النمط الرئيسيّ ظلّ كما هو مُشابهًا لنُسخة مُستكشف الملفّات السابقة المتوفرة في إصدار ويندوز 10.
——————
يأتي احتفاظ إصدار ويندوز 11 بالعديد من المزايا والأدوات التقليديّة الموجودة في إصدارات سابقة من نظام التشغيل ويندوز بمثابة خبر سارٍ بالنسبة لأولئك المُستخدمين الذين لا يقبلون ببساطة فكرة التخلّي عن المزايا والإعدادات التي ألفوها أو تغيير مظهرها وطابعها العام، أو البحث عن موقعها الجديد في كُلّ مرّة يتعاملون فيها مع إصدار جديد من ويندوز، ولكنّها تكون بمثابة خيبة أمل بالنسبة لأولئك المُستخدمين الراغبين في التجديد والتطوير المُستمرّ والتحسين الدائم لمزايا وإمكانيّات نظام التشغيل في كُلّ إصدار جديد، وهذا يتوقّف في جميع الأحوال على مدى الاهتمام الذي توليه شركة مايكروسوفت لتطوير جزء مُعيّن أو تطبيق ما فنجدها دائمة الحرص على تطوير وتحسين بعض المزايا مع كلّ إصدار جديد أو تطويرها بمُعدّلات أسرع من غيرها ولا يسعنا سوى انتظار المزيد والمزيد من التطوير لمكوّنات تلك المنظومة المُعقّدة التي تتضافر معًا لتُشكّل واحدًا من أكثر أنظمة التشغيل شيوعًا في العالم.