5 دول ينبغي تجنب الاتصال بها عند استخدام شبكة VPN

إذا كنت تستخدم VPN لتصفح الإنترنت دون قيود أو لتعزيز الخصوصية، ينبغي تجنب الاتصال بخوادم هذه الدول الخمس.
يُعاني مُستخدمو الإنترنت في مُختلف أنحاء العالم من قلق مُتزايد فيما يتعلّق بخصوصيّة وأمان بياناتهم، ولأجل هذا الغرض طُوّرت الشبكة الافتراضيّة الخاصّة (VPN) وصارت الوسيلة الأكثر أمانا التي يستخدمها ملايين من الناس للحفاظ على خصوصيّة بياناتهم وخدمة بعض الأغراض الأخرى أثناء تصفّح الإنترنت. وعلى الرغم من قُدرة خوادم VPN على إخفاء بيانات المُستخدم الحقيقيّة، فلا تزال احتماليّة انتهاك بعض الجهات لخصوصيّة المُستخدم قائمة، كما أنّ استخدام الخوادم الخاطئة قد يوقع المُستخدم في فخّ المُحتوى المُقيّد أو المحظور في بعض البُلدان ليُفاجأ عند طلب صفحة ويب مُعيّنة بعدم إمكانيّة الوصول إليها نظرًا لأنّه يستخدم خوادم VPN موجودة في دولة أو نطاق جُغرافيّ لا يُسمح فيه بعرض تلك الصفحة.


تفرض حكومات بعض الدول أشكالًا مُغالية من الرقابة على استخدام الإنترنت، وتُقيّد أكثر من غيرها وصول خوادم الإنترنت الموجودة داخل حدودها إلى بعض المواقع والخدمات الإلكترونيّة والمُحتوى الموجود على شبكة الإنترنت، فماذا لو كان التغلّب على قيود المُحتوى والرغبة في الوصول إلى موقع محظور هو الهدف الرئيسيّ الذي دفع المُستخدم لاستخدام خوادم VPN؟! يعني هذا أنّ خوادم VPN المُستخدمة تلك لن تفي بهذا الغرض وسيتعيّن على المُستخدم قطع الاتّصال بها واستخدام خوادم VPN موجودة في دولة أخرى.

وفيما يلي نستعرض بعض الدول الأسوأ من حيث الخصوصيّة وحُرّية تصفّح الإنترنت وتقييد المُحتوى، والتي لا يُنصح باستخدام خوادمها عند الاتّصال بالإنترنت عبر تطبيقات الـ VPN.

  تأثير الموقع الجُغرافيّ للـ VPN على تصفّح الإنترنت



يُعدّ اختيار خوادم VPN مُناسبة للاتّصال بالإنترنت من خلالها أمرًا ضروريًّا قد ينعكس على مدى سُرعة الإنترنت، ودرجة خصوصيّة وأمان البيانات، كما يُحدّد المحتوى الذي يُمكن الوصول إليه باستخدام تلك الخوادم، وقد يكون له جوانب قانونيّة أيضًا في بعض الأحيان. يعمل الـ VPN على تشفير بيانات المُستخدم وإخفاء موقعه الجُغرافيّ الفعليّ، ثُمّ تُعيد توجيه عنوان بروتوكول الإنترنت أو عنوان الـ IP الخاص به إلى خادم بعيد موجود في دولة أخرى مُنشأ خصّيصًا لهذا الغرض، والذي يتمّ تشغيله من خلال مضيف شبكة VPN، وبالتالي يُصبح خادم VPN هو مصدر بيانات المُستخدم عند تصفّحه لشبكة الإنترنت من خلال الشبكة الافتراضيّة الخاصّة.

وتُعتبر خوادم VPN المُستخدمة مُناسبة إذا كانت موجودة في دولة تتمتّع ببنية تحتيّة رقميّة قويّة يُمكنها أن تدعم سُرعة إنترنت عالية، وتحمي قوانينها خصوصيّة وأمان بيانات المُستخدمين، وتكفل سياساتها حُريّة استخدام الإنترنت فتفرض أقلّ قدر من الرقابة على المحتوى، بحيث يوجد أقلّ قدر من المواقع وصفحات الويب المحظورة والمُقيّدة. يجب أن يراعى أيضًا عامل المسافة، حيث تعتمد سُرعة الاتّصال بشبكة VPN على المسافة الفعليّة بين الموقع الجُغرافيّ لخوادم VPN والجهاز المُستخدم في الاتّصال بها، لذا يُفضّل استخدام خوادم موجودة في نفس الدولة أو في الدول القريبة منها جُغرافيًّا. ثمّة جوانب قانونيّة أيضًا لا ينبغي إهمالها، ففي بعض الدول يُعدّ استخدام أو بيع أو تداول تطبيقات VPN جريمة تُعرّض الشخص للتغريم أو السجن.


  خوادم لا يُنصح باستخدامها عند الاتّصال بالإنترنت عبر VPN


كوريا الشماليّة



يستخدم مُعظم المواطنين في كوريا الشماليّة خدمة إنترنت محدودة النطاق تُعرف باسم كوانجميونج "Kwangmyong"، والتي تخضع لدرجة عالية من الرقابة وقيود المُحتوى، ولا تتوفّر خدمة الإنترنت التي تسمح بالوصول إلى مواقع الويب العالميّة سوى لفئة صغيرة من المواطنين تضمّ المسؤولين الحكوميّين والباحثين والطُلّاب الدارسين في بعض الجامعات. لا تدعم البنية التحتيّة الخاصّة بتقنيات الاتّصالات في كوريا الشماليّة اتّصالًا سريعًا بالإنترنت حيث تحتلّ كوريا الشمالية المرتبة 134 عالميًّا في سُرعة الإنترنت من بين 170 دولة بمتوسّط سُرعة إنترنت يبلغ حوالي 2 ميجابت/الثانية وبالتالي لا توفّر خوادمها اتّصال سلس وسريع بالإنترنت يُناسب شبكات VPN.

من الصعب العثور على تطبيقات VPN تُوفّر خوادم موجودة في كوريا الشماليّة نظرًا لأن خدمة إنترنت كوانجميونج التي يشيع استخدامها هُناك هي خدمة مُغلقة تُستخدم على نطاق ضيّق، ولكن حتّى إن تمكّنت من امتلاك عنوان أي بي كوريّ شماليّ فلسوف يكون قليل النفع حيث يُحظر وصوله إلى مُعظم المواقع الإخباريّة العالميّة ومواقع التواصل الاجتماعيّ مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها، ولن تتمكّن من الوصول سوى لخدمات إلكترونيّة محلّية بطيئة التحميل أو لمواقع مُنحازة للحكومة الكوريّة الشماليّة إلى حدّ كبير.

الصين



تستخدم الحكومة الصينيّة منذ تسعينيات القرن العشرين أكبر أنظمة الرقابة وأكثرها تطوّرًا في العالم، والذي يُطلق عليه اسم "جدار الحماية العظيم". يعمل جدار الحماية الصينيّ العظيم (Great Firewall) على مُراقبة المُحتوى المتداول عبر شبكة الإنترنت، ويفرض حظر الوصول إلى المُحتوى الذي يتعارض مع سياسات الحكومة. حظرت الحكومة الصينيّة في عام 2018 شبكات VPN غير المُرخّصة، واقتصرت خدمات VPN المتوفّرة على أراضيها على شبكات VPN المُعتمدة والمُصرّح لها من الدولة فقط، غير أنّ شبكات VPN المُعتمدة تخضع أيضًا لرقابة الحكومة الصينيّة وهو ما يُفقدها مزيتها الرئيسيّة في حماية الخصوصيّة.

من العسير أن تحصل على عنوان أي بي صيني باستخدام شبكة VPN، فمُعظم تطبيقات الـ VPN محظورة ولا تعمل داخل المُدن الصينيّة، وبوجه عام ليس هُناك الكثير ممّا يُمكنه عمله باستخدام عنوان أي بي صينيّ، فمُعظم منصّات التواصل الاجتماعيّ مثل فيسبوك ويوتيوب وحتى محرك البحث جوجل ومُعظم الصُحف والمواقع الإخباريّة العالميّة محظورة داخل الصين، أمّا إذا كُنت مُقبل على السفر إلى الصين في جولة سياحيّة أو غير ذلك وترغب في استخدام VPN هُناك، فيُمكنك تحميل تطبيق VPN قبل الوصول إلى الصين، إذ لم تفرض الحكومة الصينيّة أيّ نوع من العقوبة على استخدام تطبيقات VPN المحظورة داخل الصين.

روسيا



تُمارس الحكومة الروسيّة دورًا رقابيًّا على استخدام الإنترنت داخل أراضيها من خلال سياسات تسمح لها بحظر المُحتوى وتقييد الوصول إلى بعض المواقع داخل البلاد. حظرت الحكومة الروسيّة منذُ عام 2017 عدد كبير من تطبيقات الـ VPN غير المُعتمدة من الحكومة، وفرضت على مزوّدي خدمة VPN المُعتمدين العاملين داخل روسيا بمُقتضَى هذه السياسات شروطًا صارمة تستوجب أن يقوم مزوّد خدمة VPN بتسجيل بيانات المُستخدمين. لا تُوفّر تطبيقات VPN الموثوقة مثل ExpressVPN، وNordVPN، وIPVanish أيّ خوادم موجودة في روسيا في الوقت الحالي، فإذا كان الهدف الرئيسيّ من استخدام VPN هو حماية خصوصيّة البيانات أو الوصول إلى المحتوى المحظور، فسيكون من الصعب العثور على تطبيقات VPN تُتيح خوادم تفي بهذين الغرضين.

إيران



قامت الحكومة الإيرانيّة على مدى السنوات الماضية بحظر العديد من المواقع ومنصّات التواصل الاجتماعيّ على شبكة الإنترنت مثل تطبيق إنستجرام وتطبيق واتساب على خلفيّة بعض الأحداث السياسيّة، لذا لجأ الإيرانيّون إلى استخدام شبكات VPN للتغلّب على تلك القيود، والوصول إلى المواقع والتطبيقات محظورة. ولقد دفع تزايد أعداد مُستخدمي شبكات VPN في إيران – بنسبة 3000% وفقًا لتقرير Top10VPN – الحكومة الإيرانيّة في أواخر عام 2022 إلى البدء في اتّخاذ إجراءات حظر الشبكات الافتراضيّة الخاصّة داخل الدولة فألغت تنشيط جميع خوادم VPN، وحظرت جميع تطبيقات VPN الموجودة في Play Store و App Store كما حظرت مواقع الويب التي تُقدّم خدمات VPN، وتقترب في الوقت الحالي من سَنّ قوانين تُعاقب على تداول واستخدام شبكات VPN داخل إيران.

لا تمتلك مُعظم تطبيقات VPN خوادم في إيران في الوقت الحاليّ، وحتّى إن وُجد القليل منها، فإنّ استخدام عنوان أي بي إيرانيّ لا يوفّر درجة عالية من خصوصيّة البيانات، ولا يسمح بالوصول إلى بعض المواقع.

سوريا



أدّت الحرب الأهليّة السوريّة خلال السنوات الماضية إلى إلحاق الكثير من الضرر بالبنية التحتيّة في سوريا، ممّا أثر على خدمات الإنترنت وأضعفها بشكلٍ ملحوظ، بل إن بعض المناطق تُعاني من انقطاع خدمات الإنترنت بشكلٍ مُتكرّر.

وازدادت الأمور سوءًا بعدما تدخّلت الحكومة السوريّة للرقابة على استخدام الإنترنت في محاولتها للسيطرة على الأوضاع في البلاد، فحظرت الوصول إلى بعض المواقع الإلكترونية وحظرت بعض الخدمات مثل خدمة نقل الصوت من خلال بروتوكول الإنترنت "VoIP" التي تُستخدم لإجراء المُكالمات الهاتفيّة عبر الإنترنت. خوادم VPN مُراقبة ولا تتمتّع بدرجة عالية من الخصوصيّة، ولا تسمح بإجراء المُكالمات الهاتفيّة عبر الإنترنت وتحظر الوصول إلى بعض المواقع الإلكترونيّة، كما أنّها تُبطئ من سُرعة الإنترنت، فهي ليست الخيار الأفضل عند استخدام شبكات VPN.

———————

المُلخّص | يلجأ الكثير من مُستخدمي الإنترنت حول العالم إلى استخدام الـ VPN لعدة أسباب من أهمّها إضفاء مزيد من الخصوصيّة وأمان البيانات أثناء اتّصالهم بالإنترنت، والتغلّب على قيود المُحتوى والوصول إلى المواقع المحظورة في بعض الدول. ويُعدّ اختيار خوادم VPN المُناسبة مسألة ضروريّة في سبيل تحقيق الهدف الرئيسيّ من استخدامها، فهُناك بعض الدول التي لا تتمتّع ببنية تحتيّة وخدمات إنترنت جيّدة، أو لا توفّر قوانينها درجة معقولة من حماية أمن البيانات واحترام الخصوصيّة، أو تفرض رقابة صارمة تحظر الوصول إلى عدد كبير من مواقع وتطبيقات الإنترنت ممّا يحدّ من حُرّية استخدام الإنترنت، لذا لا يُنصح بالاتّصال بخوادمها عند استخدام شبكات VPN.

تسمح سياسات كلّ من كوريا الشماليّة والصين وروسيا وإيران وسوريا للحكومات في هذه الدول بمُراقبة استخدام الإنترنت وفرض رقابة صارمة تؤدّي إلى تقييد وحظر العديد من المواقع والتطبيقات والخدمات، والتي قد تشمل تطبيقات VPN أيضًا داخل أراضيها، فتحظر الحكومة السوريّة عدّة مواقع وخدمات مثل خدمة نقل الصوت عن طريق الإنترنت، وتحظر الحكومات في كُلّ من روسيا والصين تطبيقات VPN غير المُرخّصة والمُعتمدة من الدولة والتي تخضع لرقابتها، وتحظر الحكومة الإيرانيّة تطبيقات VPN بشكل كامل، وتوشك على سن قوانين تُعاقب على استخدامها وتداولها داخل إيران، كما قد تتسبّب سوء البنية التحتيّة وضعف خدمات الإنترنت في بعض الدول مثل كوريا الشماليّة وسوريا في جعل سُرعة الإنترنت أقل عند استخدام خوادم VPN الموجودة فيها. لذلك يُعدّ استخدام خوادم VPN في الدول الخمس التي ذكرناها مُغامرة لا طائل منها من ناحية الخصوصيّة، ورُبّما تحُدّ من إمكانيّة وصولنا لعدد أكبر من المواقع والخدمات.
يارا فاروق
يارا فاروق
مهندسة كهرباء وكاتبة محتوى تقني بخبرة تزيد عن 6 سنوات، مهتمة بمجال التقنية، حصلت على خمسة جوائز من مؤسسة ويكيميديا في مسابقات كتابة المحتوى.
تعليقات

احدث المقالات