اتّجهت الكثير من شركات الهواتف المحمولة في الآونة الأخيرة إلى انتهاج أسلوب جديد في شحن وبيع مُنتجاتها للمُستخدمين، والذي يتمثّل في عدم احتواء عُلبة الهاتف عند بيعه للمُستهلك على ملحقات إضافيّة للهاتف مثل الشواحن وسمّاعات الأذن. كانت شركة أبل هي أوّل من انتهج هذه السياسة في عام 2020 عندما باعت أوّل شحنة لها من هواتف آيفون 12 بدون شاحن، ثُم بدأت بعض شركات الهواتف الأخرى تحذو حذوها مثل سامسونج التي باعت هواتفها بدون مُلحقات بدءًا من هواتف الفئة S22.
زعمت بعض الشركات أنّ هذه المُمارسة جاءت بداعي الحدّ من تلوّث البيئة بالنفايات الإلكترونيّة والبلاستيكيّة، حيث يتراوح متوسّط عُمر العديد من الهواتف الذكيّة ما بين عامين ونصف إلى ثلاث أعوام، وبالتالي؛ قد يختزن المُستخدم في منزله خلال 10 سنوات على سبيل المثال عددًا من شواحن الهواتف التي لم يعُد يستخدمها فعلًا. لذا؛ تأتي المُمارسة الجديدة من شركات الهواتف لحضّ المُستخدمين على استخدام نفس الشواحن لشحن هواتفهم الجديدة بدلًا من تكديس المزيد من الشواحن.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن الآن هو هل يُعتبر شحن الهواتف المحمولة الجديدة باستخدام شواحن قديمة عمليّة آمنة أم أنّها قد تسبّب أضرارًا للهاتف الجديد ؟ انطلاقاً من السطور الآتية سوف نُجيب عن هذا التساؤل.
التفاصيل حول استخدام شاحن هاتفك القديم لشحن الهاتف الجديد
كيف يعمل شاحن بطّاريّة الهاتف ؟
لكي نفهم الأجزاء اللاحقة من المقال فلا بُد لنا من فهم آليّة عمل شواحن الهواتف أوّلًا. يتكوّن شاحن الهاتف عادةً من جزأين يكون أوّلهما عبارة عن محوّل كهربيّ، والآخر يكون عبارة عن سلك أو كابل ناقل للطاقة والبيانات "USB Cable"، ويحتوي الهاتف المُراد شحن بطّاريّته بالطاقة على منفذ يتناسب مع هذا الشاحن لكي يتمّ توصيله بالبطّاريّة من خلاله.
يقوم محوّل الشاحن بخفض قيمة التيّار الكهربيّ القادم من مقبس التيّار لقيمة مُناسبة لا تتجاوز 3-5% من قيمة أقصى تيّار يُمكن لبطّاريّة الهاتف تحمّله ممّا يحافظ على سلامتها لأطول فترة ممكنة اعتمادًا على ما يُعرف بقانون فاراداي للحث الكهرومغناطيسيّ، والذي ينصّ على أنّه إذا قطع موصّل خطوط مجال مغناطيسيّ مُتغيّر فسوف ينشأ على أطراف هذا الموصّل جُهدًا كهربيًّا مُستحثًّا يُمرّر فيه تيّارًا كهربيًّا مُستحثًّا يتناسبة طرديًا مع مُعدّل التغيّر في ذلك المجال المغناطيسيّ، وبالتالي؛ فعند توصيل طرفيّ الملفّ الابتدائيّ لمحوّل الشاحن بمصدر تيّار متردّد يكون مرور التيّار المُتغيّر داخل الملف مصحوبًا بمجال كهرومغناطيسيّ متغيّر.
يقطع الملفّ الثانويّ للمحوّل هذا المجال الكهرومغناطيسيّ فيتولّد على أطرافه جهدًا متغيّرًا يؤدّي بدوره إلى مرور تيّار في الملفّ الثانويّ يتناسب مع التيّار الأصليّ المار في الملفّ الابتدائيّ للمحول. ويخرج هذا التيّار في النهاية من محوّل الشاحن مارًّا عبر الكابل ليشحن البطّاريّة.
تتمّ عمليّة الشحن من خلال عكس التفاعلات الكيميائيّة التي حدثت داخل البطّاريّة أثناء عمليّة التفريغ، ففي بطّاريّة أيّون الليثيوم على سبيل المثال تفرغ البطّاريّة ما بها من طاقة أثناء التشغيل من خلال انتقال أيّونات الليثيوم من الطرف السالب للبطّاريّة إلى الطرف الموجب للبطّاريّة، وبالتالي؛ فينبغي لإعادة شحن البطّاريّة إعادة مُراكمة أيّونات الليثيوم مرّة أخرى عند الطرف السالب للبطّاريّة.
هل شاحن هاتف قديم يضرّ بسلامة الهاتف الجديد؟
لا يضُرّ استخدام شاحن هاتف قديم لشحن الهاتف الجديد بسلامة هذا الهاتف الجديد، إذ لا تزال بعض شواحن الإصدارات الأقدم من الهواتف الذكيّة متوافقة وتعمل بشكل جيّد مع الإصدارات الأحدث من هذه الهواتف، حيث لا يزال بإمكانك على سبيل المثال شحن حتى أحدث هواتف آيفون باستخدام نفس الشاحن القديم من أبل Apple 5W USB-A، والذي كان يُباع مع إصدار هاتف أيفون 6، والشيء ذاته ينطبق على جميع الهواتف الأخرى الموجودة في السوق تقريبًا. على الرغم من أنّ هذه المُمارسة تُعتبر آمنة ولا تُضرّ بسلامة بطّاريّة الهاتف أو أيًّا من أجزائه بصورة مُباشرة، غير أنّ لها عيوبها كذلك.
عيوب شحن الهاتف الجديد باستخدام شاحن قديم
الحاجة إلى استخدام مُلحقات إضافيّة
على الرغم من أنّ الشحن باستخدام شاحن إصدار قديم من الهاتف أمر مُمكن نظريّا ولا غُبار عليه كما ذكرنا، فإنّ أولى المُشكلات التي من المُمكن أن تواجهك عند مُحاولة إجراء هذه العمليّة فعليًّا هي عدم توافق كابلات بعض الشواحن القديمة مع منفذ الشحن في الهاتف الجديد، حيث يختلف تصميم الهاتف من إصدار لآخر، وقد يشمل هذا الاختلاف تغيّر حجم منفذ الشحن ونوع ناقل البيانات والطاقة المُستخدم.
يُمكن التغلّب على هذه المُشكلة أحيانًا باستخدام بعض الأجهزة أو الكابلات الإضافيّة، فعلى سبيل المثال؛ تحتوي بعض الإصدارات القديمة من هواتف سامسونج على منفذ "Micro-USB"، بينما تحتوي الإصدارات الأحدث من هواتف سامسونج على منفذ "USB-C". في هذه الحالة سوف يتعذّر توصيل الهاتف بالشاحن من خلال الكابل مُباشرة، ولكن يُمكن حلّ هذه المُشكلة باستخدام وصلة USB-A إلى USB-C والتي يكون طرفها الأوّل هو طرف كابل يو إس بي من النوع "A"، وطرفها الثاني هو منفذ يو إس بي من النوع "C".
الحرمان من مزايا الشحن السريع
يًعتبر الشحن السريع خاصّية حديثة العهد نسبيًّا لم تكُن موجودة في الإصدارات الأقدم من بعض الهواتف، وتعتمد هذه التقنية بشكلٍ رئيسيّ على زيادة الجُهد المُستخدم لشحن البطّاريّة لكي يتمّ شحن بطّاريّة الهاتف بالكامل بالطاقة في وقت أقصر. ولكن حين تقوم بشحن هاتفك الجديد باستخدام شاحن مُخصّص لإصدار قديم من الهاتف فقد يتسبّب ذلك في حرمانك من بعض مزايا ذلك الجهاز الجديد، ومن بينها خاصّيّة الشحن السريع التي تتوفّر في مُعظم الإصدارات الحديثة من الهواتف الذكيّة حاليًا.
بذلك سوف تتخلّى عن ميزة سُرعة شحن بطّاريّة هاتفك بعدما تكون قد دفعت بعض المال بالفعل مُقابل الحصول على هذه الميزة في جهازك. إنّك لن تكون قادرًا على سبيل المثال على شحن الإصدارات الجديدة من هواتف أيفون أو جالاكسي ألترا باستخدام شاحن USB قديم قُدرته 5 وات في وقت قصير لا يزيد عن الساعة الواحدة، حيث لا تحتوي الأنواع الأقدم من الشواحن على الأجهزة المُناسبة لزيادة مُعدّلات شحن بطّاريّة الهاتف بالطاقة كما يحدث في تقنيات الشحن السريع.
يُمكن القول بأنّ استخدام شواحن قديمة لشحن الهواتف سوف يُحافظ على عُمر البطّاريّة وسلامتها لفترة أطول نظرًا لبطء مُعدّلات الشحن باستخدام هذه الشواحن ممّا يؤدّي لانخفاض الحرارة المُنبعثة منها أثناء عمليّة الشحن، والتي تتناسب تناسبًا طرديًّا مع سُرعة مُعدّلات الشحن، فكُلّما ازدادت سُرعة عمليّة الشحن ازدادت درجة حرارة البطّاريّة أثناء هذه العمليّة.
ويُعتبر الارتفاع في درجة الحرارة هو العدو الأوّل للأجهزة والقطع الإلكترونيّة، وخاصّة البطّاريّات لما له من تأثير على التفاعلات التي تحدثّ داخل البطّاريّة، والتي تُضرّ بسلامة البطّاريّة وتُقلّل من عُمرها بمرور الوقت. غير أنّ الهواتف التي تتوفّر فيها تقنية الشحن السريع تتّبع نهجًا خاصًّا للحماية من الزيادة في درجة الحرارة للحفاظ على سلامة البطّاريّة، وبالتالي لا داعي للقلق من استخدام تقنية الشحن السريع. يُمكنك كذلك الحصول على سُرعة شحن أفضل لهاتفك من خلال استبدال الشواحن القديمة ذات الـ5 وات بشواحن حديثة نسبيًّا وذات قدرة أعلى كاستخدام شواحن قدرتها 20 وات مثل شاحن أنكر "Anker USB-C 20W"، والذي يُمكن أن يقلّ معه زمن الشحن بمقدار النصف تقريبًا.
متى لا ينبغي استخدام شاحن قديم لشحن هاتفك الجديد؟
إنّ الحالة الوحيدة التي لا يُنصح فيها باستخدام شاحن هاتف قديم لديك لشحن هاتفك الجديد هي عندما يكون هذا الشاحن القديم من النوع مُنخفض الجودة كالأنواع رخيصة الثمن التي لا تحمل أيّ علامة تُجاريّة معروفة. في هذه الحالة فقط يُفضّل شراء شاحن جديد من شركة كبيرة تتمتّع مُنتجاتها بجودة طيّبة وموثوقيّة عالية في السوق مثل شركات أبل وسامسونج وأنكر وعدم المُخاطرة بسلامة جهازك الجديد الذي كلّفك آلاف الجنيهات.
بشكل عام، قد لا تكون بحاجة لتغيير شاحن الهاتف الذي تستخدمه ما دام لا يزال قادرًا على شحن بطّاريّة هاتفك بنسبة 50% مثلًا، أو بالقدر الكافي الذي يسمح لك بالخروج من المنزل وإنجاز جميع مهامّك بالخارج دونما تنفذ بطّاريّة هاتفك قبل عودتك إلى المنزل لكي تتمكّن من شحنه مرّة أخرى، ولكن إذا كُنت من أولئك الأشخاص الذين يستخدمون هواتفهم طيلة الوقت، ويخشون كثيرًا من نفاذ بطّاريّة الهاتف ومن الانتظار لساعات طويلة قبل التمكّن من العودة لاستخدامه مُجدّدًا، فمن الأفضل شراء شاحن جديد يُتيح لك ميزة الشحن السريع من شركة معروفة بجودة مقبولة وبسعر معقول بدلًا من استخدام شاحن قديم لشحن الهاتف الجديد.
ويُعدّ شاحن بقُدرة 100 وات مثل هذا الذي تقدمه شركة أنكر الشهيرة، خيارًا جيّدًا في هذه الحالة، حيث يوفّر طاقة تكفي لشحن هاتفك بمُعدّل سريع، كما يُمكن استخدامه كذلك لشحن أجهزة اللابتوب والأجهزة الإلكترونيّة الأخرى التي تستخدم كابلات USB لشحنها.