الشبكات الافتراضيّة الخاصّة (VPN) تُعدّ وسيلة آمنة للاتّصال بالإنترنت ويستخدمها ما يقرب من ثُلث مُستخدمي الإنترنت حول العالم. وُجدت شبكات VPN مُنذ أواخر تسعينيّات القرن العشرين، وكان نِطاق استخدامها ينحصر عادةً في استخدامات الشركات قبل أن تُصبح مُتاحة تجاريًّا للمُستخدمين العاديّين لكي يتّسع هذا النطاق شيئًا فشيئًا. ومع تفشّي وباء كورونا العالميّ في عام 2020 ولجوء مُعظم بُلدان العالم لفرض سياسات التباعُد الاجتماعيّ واتّجاه مئات الشركات والمؤسّسات إلى جعل موظفيها يعملون من المنزل، ازدهر استخدام شبكات VPN التي توفّر لأنظمة وشبكات هذه الشركات والمؤسّسات حماية للبيانات والملفّات الهامّة من مخاطر السرقة والتسرّب وحمايتها من عبث المُهاجمين الإلكترونيين والمُتلصّصين.
يستطيع المُستخدمون الاتّصال بشبكة الإنترنت عبر الـ VPN في أغلب الأحوال بسهولة وبشكلٍ جيّد، ولكن في حالات قليلة يُواجه البعض صعوبة في الاتّصال بالإنترنت عبر شبكات VPN. وفيما يلي سوف نُناقش أسباب أعطال تعذّر الاتّصال بالإنترنت عبر شبكات VPN، ونتعرّف إلى طُرق التغلّب على هذه المُشكلة.
ما هي الشبكات الافتراضيّة الخاصّة ؟
يُشير مفهوم الشبكة الخاصّة إلى وجود عدّة أجهزة كمبيوتر في مكان ما، مثل مكتبة عامّة أو مقهى إنترنت، مُتّصلة معًا من خلال خادم واحد يربط بينها جميعًا ويسمح لجميع المُستخدمين بالوصول إلى نفس البيانات. لكن لا يُمكن أن يحدُث مثل هذا النوع من الاتّصال الفعليّ بالشبكة الخاصّة سوى بين أجهزة الكمبيوتر الموجودة بالقُرب من بعضها البعض في نطاق محدود.
وعندما نصف الشبكات الخاصّة بالافتراضيّة فإنّنا نُشير إلى تلك الشبكات التي توجد في نطاقات أكثر اتّساعًا مثل تلك التي تربط بين جميع فروع شركة أو مؤسّسة أو مصرف ما، والتي تُتيح وصول المُستخدمين إلى البيانات في أماكن معزولة جغرافيًّا عن بعضها البعض عبر شبكة الإنترنت من خلال خوادم خاصّة بها، وتقوم بتشفير هذه البيانات وتأمين الاتّصال لمنع وصول العابثين والأشخاص الآخرين الذين قد يسيئوا استخدامها إلى بيانات الشبكة.
تعمل شبكات VPN التجاريّة بنفس مبدأ عمل الشبكات الافتراضيّة الخاصّة بالشركات حيث تسمح للمُستخدمين بالوصول إلى مجموعة من الخوادم التي تُمكّنهم من الاتّصال بشبكة الإنترنت وتصفّح مواقع الويب المُختلفة بصورة أكثر أمانًا من خلالها بدلًا من الاتّصال بالإنترنت مُباشرة من شبكات الواي فاي العامة.
تقوم شبكات VPN بتشفير بيانات المُستخدم وإخفاء عنوان بروتوكول الإنترنت الخاصّ به (الأي بي IP)، وسجلّ نشاطه على شبكة الإنترنت، وعناوين مُحدّدات مواقع الموارد الموحّدة (URL) لمواقع الويب التي يزورها، بالإضافة إلى توفير خوادم خاصّة بعيدة موجودة في بُلدان مُختلفة تسمح للمُستخدم بالاتّصال بشبكة الإنترنت دون كشف بيانات موقعه الجغرافيّ الفعليّ.
أهمية وفوائد استخدام شبكات الـ VPN
تُتيح شبكات VPN للمُستخدمين الاتّصال بشبكة الإنترنت عبر خوادم خاصّة موجودة في بُلدان أخرى حول العالم بعد أن تقوم بتشفير بيانات المُستخدم، ومن أهمّ المميّزات التي توفّرها هذه الشبكات للمُستخدمين استنادًا إلى هذه الوظيفة ما يلي:
- منع التقاط حزم البيانات المارّة عبر الشبكات: تعمل شبكة VPN من خلال عمليّات التشفير التي تقوم بها كمُرشّح يحوّل بيانات المُستخدم مثل عنوان الأي بي والموقع الجغرافيّ وسجلّ النشاط إلى هواء لا يمكن أن يصل منه شيء إلى الأطراف الخارجيّة مثل المُتلصّصين والقراصنة الحاسوبيّين وبرامج التجسّس، وحتّى إن قام مزوّد خدمة الإنترنت بالاحتفاظ بسجلّات أنشطة المُستخدمين فلن يتمكّن مزوّد الخدمة من مشاركة هذه المعلومات أو تمريرها إلى أيّ جهة خارجيّة.
- إخفاء الموقع الجغرافيّ: تعمل شبكات VPN بمثابة وكلاء للمُستخدمين عبر شبكات الإنترنت فتتيح لهم استخدام خوادم من بُلدان أخرى حول العالم أثناء تصفّح الإنترنت لتُخفي مواقعهم الجغرافيّة الفعليّة، كما أنّها لا تحتفظ بسجلّات لأنشطة المُستخدمين ممّا يمنع وصول أيّ أطراف خارجيّة لهذه المعلومات بشكلٍ دائم.
- الوصول إلى المحتوى الإقليميّ: تُتيح خوادم شبكات VPN وصول المُستخدمين إلى مُحتوى مواقع الويب التي تفرض قيودًا إقليميّة لتصفّحها بحيث لا يُمكن الوصول إليها من أيّ مكان في العالم. فبينما تستخدم الاتّصالات القياسيّة خوادمًا محلّية لتحديد مواقع المُستخدمين ممّا يمنع وصولهم إلى بعض مواقع الويب أثناء السفر او أثناء تواجدهم في أماكن تفرض قيودًا على الوصول إلى ذلك المُحتوى الدوليّ، تُوفّر شبكات VPN استخدام خوادم من بلدان أخرى لا تفرض قيودًا على الوصول لهذه المواقع ممّا يسمح بوصول المُستخدمين إليها بشكلٍ فعّال.
- الحصول على بعض الخدمات بتكلفة أقلّ: قد تُفيد ميزة تغيير الموقع الجغرافيّ باستخدام خوادم شبكات VPN في بعض الأحيان في الحصول على بعض الخدمات التي تُقدّم عبر شبكة الإنترنت بأسعار أرخص. فعلى سبيل المثال، يُكلّف الاشتراك في منصّة نتفليكس في الولايات المُتّحدة الأمريكيّة حوالي 17 دولارًا أمريكيًّا شهريًّا، بينما يُكلّف الاشتراك في منصّة نتفليكس في تركيا ما يُعادل حوالي 7 دولارات أمريكيّة فقط شهريًّا، ممّا يعني أنّ الحصول على نفس الخدمة مثل الاشتراك في نتفليكس من خلال خوادم موجودة في دولة أخرى قد يوفّر لك ما يقرب من 10 دولارات أمريكيّة شهريًّا.
- النقل الآمن للبيانات: إذا كنت ممن يعملون عن بُعد أو من المنزل مثل ملايين الموظّفين حول العالم الذين تحوّلوا إلى العمل عن بعد من بعد جائحة كورونا، فإنّك ستكون بحاجة للوصول أو مشاركة ملفّات أو بيانات هامّة مع شركتك أو مؤسّستك عبر شبكة الإنترنت. ويتطلّب هذا النوع من المعلومات إتّصالًا آمنًا بشبكة الإنترنت، وهو ما توفّرة شبكة VPN التي تستخدم طُرق التشفير والخوادم الخاصّة للحدّ من تسرّب البيانات.
- إيقاف تشغيل البرامج في حالة قطع الاتّصال: إن الشبكة الافتراضيّة الخاصّة الجيّدة تستطيع اكتشاف الانقطاع المفاجئ في الاتّصال بالشبكة الافتراضيّة الخاصّة بمُجرّد حدوثه، وتقرّر قطع الاتّصال الآمن وإنهاء البرامج المُحدّدة مُسبقًا ممّا يُقلّل من مخاطر تعرّض بيانات المُستخدم للسرقة.
أسباب تعذّر الاتّصال بالإنترنت باستخدام شبكات VPN
ترتبط أعطال شبكات VPN على أجهزة الكمبيوتر عادةً بوجود مُشكلات تتعلّق بالمُتصفّح، أو بالبرمجيّات المُستخدمة مثل استخدام نُسخة قديمة من برنامج VPN أو استخدام بروتوكول VPN غير صحيح أو الاتصال بخادم VPN مُزدحم. وأحيانًا تحظر بعض شبكات الواي فاي العامّة في بعض الأماكن الوصول إلى شبكات VPN بسبب مخاوف تتعلّق بالأمان وخصوصيّة هذه الأماكن ونطاقاتها التردّديّة.
وبالنسبة لأجهزة الهواتف التي تعمل بنظام التشغيل أندرويد فقد يكون السبب في تعذر الاتّصال بشبكات VPN هو أن المُستخدم لم يُعطي الإذن بالسماح للهاتف بالوصول إلى شبكات VPN عند تثبيت البرنامج على الجهاز. أمّا في حالة هواتف أيفون التي ترفض الاتّصال بشبكات VPN، فقد يكون هُناك مشكلة في إعدادات الحساب أو نظام التشغيل.
طُرق حلّ مشكلة تعذّر الاتّصال بشبكة VPN
الأسباب التي تؤدي إلى حدوث مشاكل عند محاولة الاتصال بخادم أو شبكة VPN سواء على الهاتف أو الكمبيوتر، متعددة وكثيرة للغاية لكن نذكر أدناه أكثر الحلول فعالية لأكثر الأسباب شيوعًا:
في الهواتف التي تعمل بنظام الاندرويد | إذا واجهتك مُشكلة تعذّر الاتّصال بالإنترنت عن طريق شبكات VPN في الهواتف التي تعمل بنظام الأندرويد فعليك بالتوجّه إلى إعدادات تطبيق VPN واتصل بالشبكة من خلال موقع مُتاح، ثم اقبل إذن السماح للجهاز بالوصول إلى الشبكة.
في هواتف أيفون | إذا واجهتك مُشكلة تعذّر الاتّصال بالإنترنت عن طريق شبكات VPN في هواتف أيفون فقد يُساعدك إعادة تشغيل الهاتف ثُم إعادة تثبيت نُسخة تطبيق VPN متوافقة مع نظام التشغيل أي أو إس على حلّ هذه المشكلة.
في أجهزة الكمبيوتر الشخصيّة | إذا واجهتك مُشكلة تعذّر الاتّصال بالإنترنت عن طريق شبكات VPN في أجهزة الكمبيوتر الشخصيّة فإن اتّباع الخطوات التالية قد يُساعدك على اكتشاف سبب المُشكلة وعلاجه:
- تحقّق في البداية من اتّصال جهازك بشبكة الإنترنت، ومن أن الشبكة تعمل بشكلٍ جيّد، وأنّ الجهاز متُصل بنقطة الوصول الصحيحة. قد يبدو هذا أمر بديهيّ ولكن بعض المُستخدمين قد يغفلوا عن تجربته أوّلًا وقبل إجراء المزيد من المحاولات.
- تحقّق من إدخال بيانات اعتماد تسجيل دخولك إلى شبكة VPN بشكلٍ صحيح. وإذا كُنت تستخدم خدمة VPN مجّانيّة فعليك التأكّد عن طريق موقع الويب من أنّ أيًّا من بيانات اعتماد تسجيل الدخول التي توفّرها لك خدمة VPN المجّانيّة لم تتغيّر، أو أنّ كلمة المرور الخاصّة بك ليست بحاجة إلى التحديث.
- قُم بتغيير خادم شبكة VPN الذي تستخدمه. تُتيح شبكات VPN لمُستخدميها مجموعة من الخوادم التي يُمكنهم الاتّصال بشبكة الإنترنت من خلالها، ولكن في بعض الأحيان تُعاني بعض الخوادم من الأعطال أو تعمل بشكل ثقيل حين تكون مُزدحمة بالبيانات ويتسبّب هذا في فشل الاتّصال بالخادم، لذا فقد يكون استخدام خادم مختلف للاتّصال بالإنترنت هو الحل الصحيح لمشكلة تعذّر الاتّصال في بعض الأحيان.
- جرّب إعادة تشغيل برنامج VPN الذي تستخدمه، وكذلك إعادة تشغيل مُتصفّح الإنترنت. وقد تحتاج أيضًا إلى مسح ذاكرة التخزين المؤقّت للمُتصفّح قبل إغلاقه وإعادة تشغيله لكي يُعاود الاتّصال بالشبكة بشكلٍ صحيح.
- تأكّد من أنّك تستخدم نُسخة مُحدّثة من برنامج VPN الذي تستعين به للاتّصال بالإنترنت. ومن المُهم ضبط بوجه عام ضبط إعدادات البرنامج لكي يتمّ تحديثه بشكلٍ تلقائيّ حيث تُساعد التحديثات التي تُجرى لبرامج شبكات VPN بشكل مُنتظم على تحسن أدائها والتقليل من احتماليّة حدوث الأعطال كالأعطال التي تؤدّي إلى فشل الاتّصال.
- استخدم نُسخة مُحدّثة من مُتصفّح الإنترنت، وتأكّد من أنّ مُزوّد خدمة VPN الذي تستخدمه يدعم هذه النُسخة أو هذا الإصدار من المُتصفّح.
- إذا اتّبعت جميع الإجراءات السابقة ولم تنجح أيًّا منها في حلّ مشكلة تعذّر الاتّصال، فقُم بإلغاء تثبيت جميع حزم برامج VPN القديمة، وأعد تثبيت برنامج VPN جديد ولكن تأكّد من تثبيت أحدث حزمة برامج متوفّرة لنظام التشغيل أو جهاز الكمبيوتر الذي تستخدمه والتي يُمكنك الحصول عليها من خلال موقع مزوّد خدمة VPN.
- أذا استمرّت المُشكلة فانتقل إلى مزوّد خدمة VPN أو إعدادات الشبكة وحاول استخدام بروتوكول نفقيّ مُختلف مثل بروتوكلات OpenVPN، وL2TP/IPSec، أو بروتوكول IKeV2/IPSec، وتجنّب استخدام بروتوكول PPTP فهو غير آمن. تُتيح البروتوكولات النفقيّة للمُستخدم إمكانيّة الوصول إلى الخدمات المُختلفة ونقل البيانات باستخدام البروتوكولات التي لا تدعمها الشبكة بشكلٍ مباشر.
- قُم بتغيير منفذ الاتّصال الذي تستخدمه، ففي بعض الأحيان يحظر بعض مزوّدو خدمات الإنترنت الوصول للخدمة من خلال منافذ اتّصال ذات أرقام مُحدّدة، وفي هذه الحالة ليس عليك سوى استخدام منفذ الاتّصال ذو الرقم الصحيح للتغلّب على فشل الاتّصال بالشبكة.
- تحقّق من إعدادات جهاز الراوتر الذي تستخدمه للاتّصال بالإنترنت حيث أن بعض أجهزة الراوتر لا تدعم الاتّصال بشبكات VPN، لذا اذهب إلى إعدادات الأمان في جهاز الراوتر وحاول تمكين بروتوكولات مثل IPSec أو PPTP وهي من أنواع البروتوكولات شائعة الاستخدام في شبكات VPN، ولكن بعض أجهزة الراوتر لا تدعم إعداداتها تشغيل مثل هذه البروتوكولات لذا تحقّق من خلال الدليل الذي يأتي مع الجهاز أو من موقع الويب الخاصّ بالشركة عمّا إذا كان الجهاز يدعم الاتّصال بشبكات VPN أم لا.
- تحقّق كذلك من إعدادات نظام الحماية (الفايروول) في شبكتك المنزليّة سواء الخاص بجهاز الراوتر أو برامج الحماية المُثبّتة على جهاز الكمبيوتر نفسه، فقد تحتاج إلى تغيير بعض إعدادات نظام الحماية وإعادة توجيه منافذ مُحدّدة للسماح بتشغيل بروتوكولات VPN. على سبيل المثال تحتاج شبكات VPN التي تعتمد على بروتوكول IPSec إلى إعادة توجيه منفذ بروتوكول مخطّط بيانات المستخدم (500 (IKE) UDP) وفتح البروتوكولات 50 (ESP) و51 (AH).
يُشبه عنوان بروتوكول الإنترنت (IP) أو عنوان مُحدّد موقع الموارد الموحّد (URL) رقم الهاتف الذي تستخدمه للاتّصال بشركة مُعيّنة، فهو يُمكّنك من الاتّصال بالشركة الصحيحة، ولكنّه لا يُحدّد لك الشخص الصحيح الذي ترغب في التحدّث إليه من موظّفي الشركة بل يقوم عامل السويتش أو شخص آخر باستخدام خطوط امتداد الهاتف لتحويلك إلى الشخص المُناسب، ويلعب منفذ البروتوكول بالنسبة للكمبيوتر نفس دور عامل السويتش في هذا المثال، فهو الذي يُعيد توجيهك إلى الخدمة التي تُريدها.
في حالة فشل كُلّ ما سبق من محاولات فلا مناصّ من الاتّصال بمزوّد خدمة VPN وطلب مساعدة مسؤولي الدعم الفنّي بشأن الوسيلة المُناسبة لإصلاح عُطل تعذّر الاتّصال تبعًا لنوع جهاز الكمبيوتر ونظام التشغيل ونوع جهاز الراوتر الذي تستخدمه للاتّصال بالإنترنت، ونصّ رسالة الخطأ التي تتلقّاها عند محاولة الاتّصال بشبكة VPN.