لا يخفى على أحدنا أن إدمان الهواتف المحمولة أصبح يفوق أي إدمان آخر في الوجود. أصبحنا نستخدم هواتفنا أكثر من أي شيء آخر، وبدون تلك الأجهزة الصغيرة لن نستطيع أن نُكمل حياتنا دون الشعور بشيء من النقص. صوت الإشعارات أصبح يستدرجنا، وبمجرد سماعه، أصبحنا نهرع لمسك الهاتف بدون تفكير، حتى لو كنا قد تركناه للتو. كثرة التطبيقات واستخداماتها سهَّلت علينا الحياة، وفرضت علينا أن نستخدم هواتفنا في كل كبيرةٍ وصغيرة.
وبسبب الاستخدام المفرط لهواتفنا، أصبحت عملية إعادة شحن البطارية تكرر عدة مرات في اليوم الواحد. وإذا سألتك عن طريقتك في استخدام الشاحن، فقد لا تفهم السؤال أو تستنكره قائلًا "ماذا تقصد بكيف أستخدم الشاحن ؟" فقط أوصل الكابل في الهاتف ومن ثمَّ مقبس الكهرباء، وبعضكم سيقول نفس الشيء، ولكن بتبديل الأدوار: أي بإدخال الشاحن في مقبس الكهرباء أولًا ومن ثمَّ توصيل كابل الشاحن بالهاتف. لكن ايًا منهم الطريقة الصحيحة .. وهل الأمر له تأثير حقًا ؟ دعونا نوضح الإجابة مُفصلة فيما يلي.
اقرأ أيضًا: هل ترك الواي فاي يعمل يشكل خطرًا على الهاتف؟
ما الطرف الذي يتعين توصيله اولًا ؟
بالرغم من بساطة الأمر، وربما لا أحد اصلًا فكر في هذا السؤال من قبل، إلا أن تحديد الطرف الذين يتعين توصيله اولًا شيء في غاية الأهمية وله تأثير بالفعل على سلامة البطارية اولًا قبل الهاتف، والفكرة كلها تحوم حول "الجهد الزائد" أو "الحمل الزائد في الكهرباء".
على مدار الأعوام الماضية، شهدت شواحن الهواتف المحمولة مراحل تطوير عدة. ففي ثمانينيات القرن الماضي، ظهرت شواحن الهاتف المحمول للمرة الأولى، ومن شواحن هاتف Motorola DynaTAC كانت نقطة البداية. احتاجت تلك الشواحن إلى حوالي 10 ساعات لكي تملأ بطاريات ذلك الهاتف والمصنوعة من سبيكة "النيكل كادميوم"، وعابها طول مدة الشحن وعدم الثبات.
بعد ذلك طلًّت علينا الشواحن التي استُخدمت في شحن بطاريات "النيكل هايدريد" Nickel hydride، والتي استخدمت في هاتف Nokia Cityman 900. كانت تلك الشواحن بمثابة الطفرة وقتها لأنها احتاجت حوالي 4 ساعات فقط من أجل إتمام عملية الشحن؛ أي نصف رقم شاحن الموتورولا السابق.
ثم أخذت الشواحن تتطور إلى أن وصلنا لشواحن الـ USB المعهودة والتي نستخدمها في يومنا الحالي بشكل رئيسي، ويوجد منهما 3 أنواع رئيسية: USB-A و USB-C وشاحن الآيفون Lightning. لكل نوع مميزاته وعيوبه، وبالنسبة للانتشار؛ فالنوع الأول هو أكثرهم انتشارًا، ثم الثاني، فالثالث.
نعود ادراجنا، عند الشحن هل أصل الشاحن بمقبس الكهرباء أم بالهاتف أولًا ؟ بسبب احتمالية تعرض الشاحن إلى صعقة كهربائية نتيجة الجهد الزائد فإن الأفضل توصيل الشاحن بمصدر الطاقة اولًا ثم توصيل كابل الشاحن بالهاتف. سواء كنت تستخدم الشاحن الأصلي أو شاحن مقلد او شاحن خاص بهاتف آخر، فعليك أن تصله بمقبس الكهرباء أولًا لكي تحافظ عليه وعلى الهاتف في نفس الوقت.
صحيح أن نبضات الكهرباء الزائدة تتولد خلال جزء من الثانية، وربما لاحظتها بنفسك في احدى المرات عند توصيل أي كابل بمقبس الكهرباء حيث تصدر شرارة ضعيفة بمجرد ان تلتمس رؤس الكابل بالمقبس، إلا انها قد تحدث ضررًا بالغًا في حالة شواحن الهواتف، أو عند توصيل كابل الشاحن اولًا بالهاتف ثم بالمقبس. فإذا حدث وكان هناك جهد زائد مفرط قد تتلف البطارية أو تحترق شاشة الهاتف والمكونات الداخلية، ولو ان الخيار الثاني نادر الحدوث.
من الجيد دائمًا أن تبني عادة توصيل الشاحن بالمقبس أولًا ثم بالهاتف؛ صحيح لن يؤدي ذلك إلى القضاء على الجهد الزائد لكن على الأقل تتجنب نقل نبضات الكهرباء الزائدة والعنيفة للهاتف، خاصًة عندما تكون في مكان عام وتستخدم شاحن مجهول الهوية؛ لا تعلم أهو أصلي أم لا. وتجنب أن تقع في الفخ الذي يقع فيه الكثيرون؛ وهو ترك الهاتف متصلًا بالشاحن حتى بعد امتلاء البطارية. هذه الخطوة قد تتسبب في ارتفاع درجة حرارة الشاحن بسرعة – حَسب جودة الشاحن – مما قد يؤدي إلى حدوث حريق أو على الأقل تلف البطارية أو الشاحن.
اقرأ أيضًا: لماذا يهم معرفة نوع الشاحن الذي تستخدمه لهاتفك
حسنًا، وماذا عن فصل الشاحن عن الهاتف ؟
تخيل معي هذا السيناريو: أنت الآن في إحدى المطاعم تتناول وجبة العشاء. تنهمر عليك الكثير من الرسائل وتلاحظ أن شحن البطارية أوشك على النفاذ، تنادي على نادل المطعم لتطلب منه شاحنًا فيعطيك واحدًا، ولأنك تعودت أن تشحن هاتفك بالطريقة الصحيحة، ولأنك لا تعلم هل هذا الشاحن أصليًا أم لا، تجد نفسك تلقائيًا توصله بالمقبس أولًا ثم بالهاتف، ليس هذا فحسب، فبعد انتهاء الشحن أردت أن تفصل الشاحن عن الهاتف، تهانينا، لقد اتبعت النصائح!
المشكلة أنك هذه المرة نزعت الشاحن من المقبس أولًا وتركت كابل الـ USB في الهاتف، وبسبب انشغالك المُلح بالرد على الرسائل ولأنك تعمل على أكثر من تطبيق في نفس الوقت، استُهلك جزءاً كبيراً من البطارية، فأردت أن تصل الشاحن مرة أخرى، فوصلته بالمقبس مباشرةً ونسيت أن الكابل ما زال في الهاتف، لتفاجئ بصوت صاعقة مفاجئة، أنسيت أن الشاحن ليس أصليًا!
من الوارد أن يحدث تيار فوري عكسي عند نزع الشاحن من مقبس الكهرباء والذي بالتأكيد له تأثير سلبي على عُمر البطارية ومكونات الهاتف، لذا من الأفضل فيما بعد أن تفصل كابل الشاحن عن الهاتف أولًا ثم من المقبس. قد تقول إنني أهول من الموقف وإن هذه السيناريوهات نادرة الحدوث، وأنا أتفق معك تمامًا، ولكن الغرض من هذه المواقف أن تكون لديك عادات سليمة من أجل تجنب أقل الفرص التي قد تودي بهاتفك تمامًا.
نصائح إضافية لجعل شحن البطارية يدوم طويلًا
مراعاة زمن الشحن: الكثير من شواحن الهواتف المحمولة هذه الأيام تدعم الشحن السريع، فأصبح بإمكاننا الآن أن نملأ بطارياتنا في دقائق عوضًا عن الانتظار لساعتين مثلًا، وهذا حافز مُغرٍ بالنسبة لمعظمنا، ويجعلنا لا نقلق على إفراغ شحن بطاريتنا بشكل أسرع؛ لأننا نضمن استرجاعه في دقائق.
ولكن هل تعلم أن كثرة شحن الهاتف، وبالأخص عندما تستخدم الشحن السريع، يقلل من كفاءة البطارية بنسبة كبيرة؟ ففي دراسة نُشرت في 2018 وجد الباحثون أن شحن البطارية في 5 دقائق بدلًا من ساعتين بشكل متكرر قد يؤدي إلى انخفاض كفاءة البطارية بنسبة 20%.
تجنب درجة الحرارة المرتفعة: من أهم العوامل التي قد يُغفل عنها بدون قصد، خاصة في البلدان التي تتجاوز فيها درجة الحرارة 45 درجة مئوية، أو تقل عن الصفر المئوي، فمن المفترض أن النسبة الطبيعية للحفاظ على درجة حرارة بطاريات أيون الليثيوم (المستخدمة في أغلب الهواتف) من 0 إلى 45 درجة مئوية. تحت الصفر المئوي، تتقيد حركة أيونات الليثيوم، وفوق 45 درجة مئوية يحدث العكس، أي تتحرك الأيونات بشكل مفرط، وفي كلتا الحالتين يتأثر عمر البطارية.
استخدام أنظمة الحفاظ على الشحن: أما عن الحلول العملية، فتبدأ من تقليل درجة سطوع الشاشة، وبالنسبة لشاشات الـ OLED، فيمكنك أن تختار الوضع الليلي Dark Mode لترشيد استهلاك الشاشة للطاقة. أيضًا استخدام الواي فاي بدلًا من شبكة الـ 4G يعد خيارًا ممتازًا أيضًا؛ فالواي فاي يوفر حوالي 40% من الطاقة مقارنة بشبكة 4G. وإذا لم تكن بحاجة إلى التواصل، يمكنك أن تفعل وضع الطيران، فهو خيار ممتاز أيضًا.
وأخيرًا وليس آخرًا، فعِّل نظام الحفاظ على البطارية Battery Save mode بهاتفك، فكل الهواتف تقريبًا أصبحت تدعم هذه الميزة، وإذا كنت تستخدم هاتفًا حديثًا بما فيه الكفاية فربما تجد به خيار "حماية البطارية" الذي يمنع شحن جهازك إلى %100 لإطالة عمر البطارية على نحو فعال.