هناك الكثير من الأشياء الجميلة التي لا تراها كل يوم مثل المذنبات، الشهب، القمر الدموي.. إضافةً لرؤية هاتفك الذكي مشحون بنسبة 100% ! الأمر الذي لا يتكرر كل يوم بسبب استخدامك المفرط لهاتفك الذكي، إلا إذا قمت بتوصيل هاتفك بالشاحن ليلاً وتحديداً قبل خلودك إلى النوم ورؤية أحلامك. ومع ذلك قد يؤدي ترك الهاتف متصلًا بالشاحن ليلاً إلى هلاك البطارية تدريجيًا. صحيح هي حقيقة يحوم حولها الجدال والخلاف، لكن إذا كنت تعتقد ان الأمر ليس له أي تأثير على البطارية لما كانت الشركة المصنعة للهواتف طورت تقنية تُدعى "الشحن التكيفي" Adaptive Charging — ما هي وكيف تعمل وما هي الأجهزة التي تدعمها؟ أسئلة كثيرة يسرني الإجابة عليها انطلاقًا من السطور الآتية.
هاتفك الذكي .. أذكى مما تتوقع!
يعتقد البعض أن "الشحن التكيفي" هي نفسها ميزة Adaptive Battery التي من شأنها تتبع طريقة استخدامك للتطبيقات والسماح لتلك التي تتردد عليها كثيرًا بالعمل في الخلفية بينما تقوم بإيقاف التطبيقات الأخرى في حال عدم استخدامها بشكل متكرر للحفاظ على عمر البطارية. صحيح قد يكون المبدأ نفسه متطابق إلا ان الشحن التكيفي هي ميزة تستهدف حماية البطارية نفسها، فبدلًا من تتبع طريقة استخدامك للتطبيقات، تتبع ميزة Adaptive Charging طريقتك في شحن البطارية.
تعتمد ميزة الشحن التكيفي على الذكاء الاصطناعي لضبط سرعة الشحن عند ترك الشاحن متصلًا بالهاتف لفترات طويلة على مدار عدة أيام متواصلة. على سبيل المثال، عندما توصل الشاحن بالهاتف في فترة الليل (قبل الخلود للنوم) يوميًا، ففي ذلك الوقت تتدخل ميزة Adaptive Charging لجعل عملية الشحن ابطأ بغرض حماية البطارية من التدهور السريع، دعني أوضح أكثر...
بدون ميزة الشحن التكيفي، سيتم شحن البطارية بنسبة 100% أثناء ساعات نومك الأولى، حينئذٍ يتوقف الشحن تلقائيًا ولكن بعض المهام التي يقوم بها الهاتف من تلقاء نفسه ستؤدي لاستهلاك البطارية مثل البحث عن شبكة الاتصال، تحديث التطبيقات في الخلفية، وهكذا مما يؤدي لانخفاض النسبة إلى 99% وهنا – لان الشاحن مازال متصلًا – يتم إعادة شحن البطارية مجددًا حتى تصل لـ 100% ثم يتوقف الشحن.. وهكذا يتراوح شحن البطارية ما بين 99 و 100% طيلة الليل وساعات الصباح الأولى تحديداً حتى استيقاظك وفصله عن الشاحن.
بالتأكيد يؤدي هذا الأسلوب في شحن الهاتف على عمر البطارية على المدى البعيد، ستسألني لماذا؟ لأن الحفاظ على نسبة شحن ما بين 20 و 80% هي الأفضل للبطارية وأما بقائها أدنى من 20% أو أعلى من 80% لساعات (كما يحدث عادةً في الليل) من شأنه أن يقلل من عمر البطارية الافتراضي.
اقرأ أيضا: 5 ممارسات لإطالة عمر بطارية هاتفك الذكي
تجدر الإشارة إلى أن عمر البطارية الافتراضي مقترن تماماَ بعدد دورات الشحن، حيث أن البطارية افتراضياً تفقد 20% من عمرها الافتراضي بعد 500 دورة شحن كاملة، ودورة الشحن هنا المقصود بها شحن البطارية من 0% إلى 100% سواء دفعة واحدة او على دفعات متعددة مثل الشحن من نسبة 50% إلى 100% ثم من 50% إلى 100% مرة أخرى.
الممارسات الخاطئة في شحن البطارية "مثل بقاء الهاتف الذكي على الشاحن حتى بعد وصوله لـ 100%" يجعل دورات الشحن تتراكم بشكل أسرع، وبالنتيجة تتدهور حالة البطارية بعد فترة قصيرة من استخدامك للهاتف. الأمر الذي دفع معظم مصنعي الهواتف الذكية وحتى بعض مصنعي اللابتوبات بتضمين تقنية "الشحن التكيفي" في أجهزتها والتي تؤدي لتبطئ عملية الشحن أو إيقاف شحن البطارية بشكل تلقائي عند الوصول إلى 80% ومن ثم متابعة الشحن ليصل 100% بحلول وقت استخدامك للهاتف!
كيف تعمل ميزة Adaptive Charging
ببساطة تحاول تقنية الشحن التكيفي الموجودة ضمن هاتفك الذكي تعلم عادات نومك، واستيقاظك وتعتمد بذلك بشكل كبير على المنبه الذي تستخدمه بشكل افتراضي لإيقاظك صباحاً، إضافة لساعات خمول الجهاز وغيرها من عادات الاستخدام لتحديد أفضل وقت لشحن البطارية بالكامل والذي يكون عادةً قبل استيقاظك بقليل. لذلك لا تتفاجأ إذا استيقظت يوماً أبكر من عادتك واكتشفت ان بطارية الهاتف ليست مشحونة بنسبة 100% بالرغم من ترك الشاحن متصلًا طوال الليل. ببساطة السبب في ذلك هو تدخل ميزة الشحن التكيفي والتي لم تتعلم عاداتك بعد، أو ربما أنك فاجأته واستيقظت أبكر من العادة!
حاليًا، أي هاتف جديد يحتوي بشكل أو بآخر على ميزة "الشحن التكيفي" ولو بمسميات مختلفة. على سبيل المثال، تطلق آبل اسم Optimized Battery Charging على تلك الميزة في هواتف آيفون، فيما تسمى بـ Optimized Charging في هواتف OnePlus وتحافظ هواتف Google Pixel على نفس التسمية "Adaptive Charging".
لكن الأمر مختلف قليلاً لدى هواتف سامسونج جالاكسي، إذ أنها فضلت وضع ميزة "حماية البطارية" Protect Battery بدايةً من تحديث One UI 4 والتي من شأنها تعيين نسبة 85% كحد أقصى للشحن بشكل دائم عوضاٌ عن التكيف مع عاداتك اليومية، ومع ذلك تدعم هواتف سامسونج تلك الميزة بشرط وجود شاحن يدعم الشحن التكيفي، ,لا يقتصر الأمر على الهواتف حقيقةً بل حتى بمعظم أجهزة اللابتوب الحديثة مثل ماك بوك وكروم بوك.
ختاماً: نحتاج لشهورٍ ربما أو حتى سنين لنتأقلم على روتين عمل جديد أو نتعلم عادات جديدة، عكس الذكاء الاصطناعي الذي لا يحتاج إلا لأسابيع قليلة حتى يتعلم أغلب عاداتنا كما هو الحال مع ميزة الشحن التكيفي في هواتفنا الذكية. قد ترى أن الذكاء الاصطناعي المستخدم في الشحن التكيفي عبارة عن تقنية بسيطة الا انها قادرة على تعلم أسلوب حياتك من تفاصيل جداً صغيرة، تقنية قد تجعلك تعيد التفكير بقدرات الذكاء الاصطناعي الكبيرة خصوصاً وان البعض مازال يعتبره خرافة والبعض الآخر يعتبره محض خيالٍ علمي.