التزييف العميق | Deepfake من المصطلحات التي ترددت بشكلٍ مخيف في الآونة الأخيرة، ونحن نضيع في حقيقة هذا المصطلح الجديد بين زحام المصطلحات التقنية. لكن مهلًا! هذه التقنية ليست جديدة، حيث ظهرت تقنية التزييف العميق لأول مرة في نوفمبر 2017 عندما نشر مستخدم مجهول على منصة التواصل الاجتماعي Reddit خوارزمية اعتمدت على خوارزميات الذكاء الاصطناعي الحالية لإنشاء مقاطع فيديو مزيفة لكنها واقعية للغاية.
لكنها في الواقع بدأت تنتشر بشكلٍ مرعب في هذه الفترة. وسرعان ما بدأ المطورون والمستخدمون يستغلونها من خلال نشر واستخدام برامج وتطبيقات الكثير منها مجانيًا ومتاحًا للجميع. يعمل التزييف العميق؛ ببساطة بعملية دمج للوجوه باحترافية شديدة، هذا ما يسمح ليتحول أي شخص إلى شخص آخر تمامًا في فيديوهات معينة. ولم تقف التقنية إلى هذا الحد، بَل أيضًا زيّفت الأصوات بواقعية كبيرة! لذلك دعونا نتعرف أكثر على خفايا هذه التقنية ببساطة أكبر...
ماذا يعني التزييف العميق؟
تأتي كلمة "التزييف العميق" من مصطلح "التعلم العميق"، وهو فرع متخصص من التعلم الآلي، والذي يعد مرة أخرى جزءًا من المجال العام للذكاء الاصطناعي. مع التطور الهائل في قوة الحوسبة والطرق المكتشفة حديثًا لأجهزة الكمبيوتر لمعالجة وتحليل كمية هائلة من البيانات الضخمة من العالم الحقيقي، يمكن لأجهزة الكمبيوتر الآن فجأة القيام بأشياء لا يمكن لمعظمنا حتى تخيلها.
تُطبق تقنية التزييف العميق لتوليف الصور البشرية، وإنشاء صور ومقاطع فيديو بشكل واقعي لأشياء لم يفعلها هؤلاء الأشخاص وكلمات لم ينطقوها أبدًا، لكنها تكون بأصواتهم تمامًا! حيث كان تطبيق FakeApp أول تطبيق نعرف أنه يهدف إلى منح الأشخاص العاديين فرصة لإنشاء محتوى مزيف بعمق.
كيف تعمل تقنية التزييف العميق؟
أُنشئَت هذه الأنواع من الصور ومقاطع الفيديو لسنوات لكنها كانت عملية صعبة لم تكن إلا في أيدي مجتمع تقني ومتخصص للغاية. في الوقت الحاضر، نظرًا لأن التكنولوجيا أصبحت أكثر تعقيدًا ونتيجة توافر البرامج والتطبيقات والأدوات بسهولة أكبر، أصبح من السهل جدًا على أي شخص إنشاء فيديو تزييف عميق لتصريح شخص ما أو فعل أي شيء تقريبًا.
يصف التعلم العميق، الذي يدعم أساليب التزييف العميق، التطبيق الحديث لمحاكاة الشبكة العصبونية لمجموعات البيانات الضخمة. الشبكات العصبونية ليست مفهومًا أو تقنية جديدة، لكنها كانت بدائية جدًا حتى العصر الحديث. حيث تحاكي الشبكة العصبونية الاصطناعية عملية التعلم التي تحدث في أدمغتنا، على الأقل إلى حدٍ ما. فعندما نتعلم شيء جديد ونواجه العالم الخارجي، تتغير الروابط بين خلايا الدماغ.
هذا ما يشكل الدوائر والتراكيب المنطقية وتقوي بعض الروابط وتضعف البعض الآخر. أي عندما تتقن شيئًا ما، مثل تعلم القيادة أو لغة معينة، تصبح دوائر الدماغ هذه سريعة وفعّالة. وفي النهاية تصبح جيدًا في هذا الشيء حتى أنك لست مضطرًا إلى التفكير في القيام به! هذا ما يحدث تمامًا مع نظام التعلم العميق. إنه ينظر إلى أكوام من الأمثلة لشيء ما ثم يصبح تدريجيًا أفضل في "فهمه". أي أن التعليم الآلي يحتاج إلى تدريب كما التعلم الذاتي لتصبح للآلة قدرات خارقة!
في حالة التزييف العميق، يبحث البرنامج في أمثلة للوجه الذي تريد تبديله بالإضافة إلى الفيديو الذي تريد نقله إليه. من خلال التدريب الكافي، يمكنه في النهاية تجميع وجه يتطابق مع بيانات التدريب ثم تراكبه بسلاسة على أي وجه آخر.
الفوائد مقابل مخاطر التزييف العميق
التكنولوجيا شيء رائع! وعند استخدامها بشكلٍ مناسب، فإنها تمكننا من القيام بأشياء لم يكن من الممكن تخيلها في السابق. على سبيل المثال، يمكن للمنتجين إكمال الأفلام والمسلسلات بعد وفاة الممثلين، أو يمكن استغلالها في التطبيقات التجميلية والفيديوهات الكوميدية والترفيه وحتى التعليم.
بالرغم من الفوائد الكثيرة التي يمكن أن تنقل عالمنا هذا إلى عالم جديدٍ تمامًا، إلا أن عددًا من المخاطر المرتبطة بها تشكل تهديدات خطيرة وحتى وجودية. منذ تقديمها، استُخدمت هذه التقنية على نطاق واسع لإنشاء مقاطع فيديو إباحية مزيفة باستخدام صور المشاهير وفيديوهات تصريحات مزيفة للسياسيين. وبالتالي، يمكن أن يكون التلاعب بالصور باستخدام الذكاء الاصطناعي أمرًا خطيرًا وبالنسبة للضحايا، فقد يكون الضرر بعيد المدى.
تقنية التزييف العميق مثيرة للجدل للغاية! وقد تنتهك هذه التقنية القوانين الحالية في بعض البلدان وهناك قوانين جديدة قيد الإعداد للتعامل مع هذه التكنولوجيا وتطبيقاتها. من الجدير بالذكر أننا حتى الآن في أمان، لأن هذه التكنولوجيا لم تنتشر بالكثافة التي انتشرت بها في دول الغرب. لكننا سنشهدها بكثرة في المستقبل القريب، خصوصًا مع انتشار عالم الميتافيرس الذي يعتمد على التزييف العميق.
لم تعد الحقائق بعد الآن من وسائط الإعلام المرئية، حقائق مسلَّم بها! سيتعين عليك عند مشاهدة أي فيديو أن تحاكم عقلك وليس عينيك عما إذا كان الفيديو حقيقيًا. وكلما تطورت التكنولوجيا، سيصبح الأمر مستحيلًا في النهاية. وسيصبح حتى الذي نشاهده بأعيننا مشكوك فيه!