بطريقة ما، استطاعت ألعاب بسيطة تمتاز بخفتها وبساطتها، من السيطرة على عقول الملايين في العالم. والأمثلة كثيرة فهناك لعبة Among Us التي أثارت اهتمام الملايين بدايًة من أواخر عام 2020. هكذا ألعاب تجعل المنافسين في سوق الألعاب في حيرة من أمرهم إزاء ألعاب تبدو بسيطة من ناحية الفكرة والتصميم الجرافيكي، والتحكم، ومع ذلك فهي قد تلاقي رواجًا كبيرا مقارنة مع ألعاب أنفق في تصميمها آلاف الدولارات.
آخر هذه الألعاب الوافدة حديثًا إلى عالم الألعاب الرقمية "الخفيفة"، والتي خلقت حالة من الهوس الجماعي، هي "Wordle"، لعبة ألغاز الكلمات البسيطة، التي بدأت بداية متواضعة في شهر نوفمبر العام المنصرم، بـ 90 لاعبًا فقط في اليوم، لتقفز خلال أسابيع لتبلغ 300 ألف لاعب في اليوم في بدايات شهر يناير الحالي، وتقول آخر الإحصاءات أنها بلغت 3 ملايين لاعبًا. سنتعرف عبر هذه المقالة على هذه اللعبة، فربما تود أن تنضم إلى ملايين اللاعبين في التحدي اليومي الذي تطلقه اللعبة. لكن قبل ذلك دعنا نأخذك في رحلة قصيرة، حول طريقة لعبها وأسرار انتشارها الواسع.
فكرة بسيطة، إثارة عالية !
فكرة اللعبة بسيطة جدًا: عليك أن تخمّن الكلمة الصحيحة المكونة من خمسة أحرف. وبرغم بساطة الفكرة، إلا أن بعض اللمسات الذكية في طريقة اللعب، استطاعت أن تجعل اللعبة التي تشبه في تصميمها البصري إلى حد كبير ألعاب الكلمات المتقاطعة، إلى لعبة محفزة لكل هرمونات الإثارة في الدماغ لتعطي اللاعب أقصى أحاسيس التحدي والمغامرة.
تظهر اللعبة كعبارة عن جدول مستطيل مكون من ستة أصفف عرضية بالإضافة إلى خمسة أفقية ومقسم إلى مربعات صغيرة ، وكل صف أفقي هو عبارة عن احتمال للكلمة المكونة من خمسة أحرف من اللغة الإنجليزية، والتي يجب عليك أن تخمنها.
كيفية اللعب ؟
في البداية توجه إلى موقع powerlanguage.co.uk/wordle ومن ثم يجب عليك أن تبدأ التخمين بكلمة مكونة من خمسة أحرف، وبمجرد الانتهاء من التخمين الأول عليك الضغط على زر "Enter" في لوحة المفاتيح التي ستظهر على الشاشة أثناء اللعب، وعندئذٍ ستخبرك اللعبة إذا ما كنت موفقًا في الكشف عن الكلمة أو بعض الأحرف الصحيحة فيها، حيث سيتلون الحرف الذي هو جزء من كلمة اللغز في حال كان موجودًا في مكانه الصحيح باللون الأخضر، وإذا ما كان الحرف موجود في الكلمة لكنه ليس في مكانه الصحيح فسيتلون بالأصفر، أما إذا ظهر الحرف بالرمادي فهذا يعني أنه غير موجودٍ البتّة في الكلمة، وعليك صرف النظر عنه نهائيًا في محاولاتك القادمة.
وبمجرد انتهاءك من التخمين الأول ستنتقل إلى الصف الثاني، فإذا كنت موفقًا وقمت بالكشف عن حرف أو حرفين أو أكثر في المحاولة الأولى، ستبدو المهمة أسهل، لكنها ستصبح أكثر إثارة، فأي محاولة لن تفلح فيها في تخمين الكلمة الصحيحة ستتقلص فرص نجاحك، حيث كل محاولة ستلغي أحد الخيارات الستة، فإذا فشلت في المحاولات الستة، عليك الانتظار حتى منتصف الليل لتحظى بكلمة جديدة.
عوامل الإثارة والانتشار
كما أشرنا سابقًا فإن بعض اللمسات البسيطة والذكية ساعدت في انتشار هذه اللعبة، وأحد هذه اللمسات أنها اعتمدت نظام التحدي الجماعي، فاللغز الذي تطرحه اللعبة كل يوم هو لغز موحد لجميع اللاعبين، مما يحفز روح المنافسة ويدخل اللاعب في تجربة تحدي جماعي، فالعديد من الأشخاص الذين تعرفوا على اللعبة تعرفوا عليها عبر تغريدات أصدقائهم على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يشاركون نتائجهم ومدى تقدمهم اليومي في حل اللغز، حيث تتيح اللعبة مشاركة النتائج على الفور في مواقع التواصل الاجتماعي.
أمر آخر ساعد في خلق جاذبية للعبة، وهي الزمن المحدود والطويل نسبيًا، مما يجعلك عملية التفكير في خيارات اللغز عملية مستمرة طول اليوم، حيث يمكنك بمجرد الكشف عن حرفين أو ثلاثة، أن تتأنى كثيرًا في التفكير واتخاذ القرار المناسب، فيمكنك مثلًا أثناء إعدادك لكوب قهوة في المنزل أن تفكر مليًا في الكلمات المحتملة، لتعود وتتخذ قرارك بهدوء، ما يمنح اللاعب وقتًا أطول اللعب واتخاذ القرارات وبالتالي ارتباطًا فعليًا ونفسيًا بها معظم اليوم، مع إحساس التحدي والإثارة.
لعبة غير ربحية
من المألوف أن معظم التطبيقات والألعاب التي تلاقي نجاحًا باهرًا تتحول إلى مصدر مدرٍ للمال لمصمميها، ولكن على عكس ذلك أكد مصمم اللعبة الشاب البريطاني Josh wardle أن ليس من خططه مستقبلًا القيام بإقحام الإعلانات التجارية داخلها أو طرحها على متاجر التطبيقات، فقد كانت اللعبة في الأساس بغرض التسلية بينه وأصدقائه، وحتى الآن تتوفر النسخة الرسمية من اللعبة إلا عبر موقعها الرسمي فقط، حيث لم يتم طرح نسخ تطبيقات للهواتف أو لسطح المكتب بعد.
هذا فإن اللعبة نفسها مرتبطة بالإنترنت لطبيعتها الجماعية كما أشرنا، فكلمة اليوم موحدة لكل اللاعبين، ولا يتم منح الكلمة الجديدة إلا بعد منتصف الليل، مما يهدد أي نسخ تقليدية للعبة بفقدانها للروح الجماعية، وعن استمرارية اللعبة فقد كشف المصمم أنها تحوي (2500) كلمة، بمعدل كلمة لكل يوم، مما يعني أنها ستستمر على الأقل سنوات منذُ الآن.