ماذا لو كانت شاشات أجهزتنا الالكترونية لا تحوي على ميزة "السطوع التلقائي" أو "Auto Brightness"؟ لا بد أنك تعرضت لهكذا موقف يومًا ما؛ تذكّر معي عندما خرجت تحت ضوء النهار ولم تعد تستطيع رؤية أي شيء على شاشة جهازك، كأنها شاشة سوداء. أنتَ عندها لم تكن مفعلًا إعداد السطوع التلقائي! بالتأكيد أنك قد أدركت الآن أهمية ميزة السطوع التلقائي، بالرغم من بساطتها، التي تمتاز بها هواتفنا الذكية الحالية وحتى الحواسيب المحمولة التي تنتمي إلى الأجيال الحديثة هذا ما جعلها ذكية للغاية.
عمومًا يُعد السطوع التلقائي هو وظيفة شائعة على الهواتف الذكية مهما كان نظامها والتي قد تكون على دراية بها. بفضل هذه الميزة لم تعد مضطرًا للقلق بشأن ضبط السطوع بانتظام في كل مرة تنتقل بها من مكانٍ مظلم إلى آخر مضيء للغاية. بل ستكتشف بنفسها تغير الإضاءة المحيطة مهما كان بسيطًا، وبالتالي تغير سطوع الشاشة تلقائيًا بناءً على الظروف التي تحيط بك ومن هنا نشأ مفهوم السطوع التلقائي. لذا، دعونا نرى كيف تحمي هذه الميزة المبهرة عينيك!
آلية عمل السطوع التلقائي
إذًا، كيف تعرف أجهزتنا الذكية كم الإضاءة من حولنا؟ هناك أدوات صغيرة للغاية تختبئ في ثنايا أجهزتنا تسمى المستشعرات، والتي تجعل بدورها حياتنا أبسط بكثير! وفي الواقع، يحتوي هاتفك وحاسوبك المحمول على عشرات من هذه المستشعرات بالداخل. على سبيل المثال، لديها مستشعرات الحركة، ومستشعر القرب، ومقياس التسارع ومستشعر الإضاءة المحيطة والمزيد. لكن هذا الأخير هو المسؤول الخفي وراء السطوع التلقائي!
كما نعلم، تحتوي الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة في الغالب على شاشات LCD أو OLED. بالرغم من أنها تعمل بطرقٍ مختلفة، ولكن تأثيرها النهائي هو تسليط الضوء على عينيك من خلال الشاشة. وبالتالي نظرًا لأن الضوء قد يكون قاسيًا في بعض الظروف المحيطة المظلمة، أو قد يكون معدومًا إلى حد انعدام الرؤية على الشاشة في ظروف الإضاءة القوية؛ تقدم هذه الأدوات تعديلات في السطوع. حيث تستخدم ما يسمى مستشعر الضوء المحيط.
عادةً ما تكون موجودة على الجزء العلوي من السماعة، هذا ما تلاحظه عندما تنطفئ شاشة هاتفك بمجرد وضعه على أذنك في أثناء إجراء مكالمة ما. المفهوم المستخدم مشابه إلى حدٍ كبيرٍ لمفهوم LDR (المقاومة الضوئية). حيث يعتمد التيار المار عبر المقاومة على شدة الضوء الساقط عليها، هذا ما يعكس درجة سطوع الإضاءة على الشاشة.
في المقابل مستشعر الضوء المحيط هو مستشعر أكثر تعقيدًا بقليل، حيث يُربط باستخدام برنامج مناسب. ببساطة، يقيس مستشعر الضوء السطوع الخارجي لقياس كمية الضوء المحيط الموجود. ووفقًا للبيئات المختلفة، تكتشف مستشعرات الضوء تغير الإضاءة بالخارج ليقوم بإرسال المعلومات إلى الشاشة التي تقوم بضبط سطوعها تلقائيًا.
الهدف من ميزة السطوع التلقائي
عندما تكون في بيئة مظلمة، وتريد أن تكون الشاشة معتمة حتى لا تؤذي حدة سطوع الشاشة عينيك، وعندما تكون أشعة الشمس ساطعة، فأنت تريد سطوع شاشتك ينبض بالحياة. نتيجةً لذلك، قد ترغب في ضبط السطوع ليلائم الإضاءة من حولك. عندما تفعل هذا عدة مرات خلال اليوم، يصبح الأمر مملًا ومرهقًا للغاية.
هنا بدأ يظهر الهدف الأساسي من هذه الميزة! ببساطة إن المستشعر يمكنه أن يلاحظ متى تكون في الخارج تحت أشعة الشمس المباشرة ومتى تستلقي في السرير مع إطفاء الأنوار من حولك. وبالتالي يقوم بدوره بضبط سطوع الشاشة وفقًا لذلك. كما تقدم هذه الميزة بالإضافة إلى السطوع الذكي، تأثيرات بصرية أفضل في بيئات مختلفة لتحمي عينيك مع توفير جيد للطاقة!
مع العلم أن كل إعداد له نطاق إضاءة خاص به يعتمد على الإضاءة الخارجية. تجعل هذه التقنية جهازك أكثر ذكاءً وسهولة في الاستخدام. على سبيل المثال؛ يكون السطوع تحت ضوء الشمس المباشرة تقريبًا 100%، بينما تحت سماء غائمة 70%، أما في مكتب أو غرفة يكون بحدود 50٪، وفي ظروف غرفة نوم مظلمة يكون أقل من 25٪ وهكذا.
عمومًا، مع التطور السريع للتكنولوجيا هذه الأيام. لم يتوقف السطوع التلقائي هنا، بَل تطور جنبًا إلى جنب مع تقدم الإلكترونيات بكل أنواعها. حيث بات يُستخدم الذكاء الاصطناعي حتى في الأدوات الصغيرة، وظهر ما يُسمى "السطوع التكيّفي" أو "Adaptive Brightness" وهي ميزة تعتمد على الذكاء الاصطناعي جنبًا إلى جنب مع مستشعر الضوء، والذي يتفهم الطريقة التي تغير بها السطوع بنفسك ويقوم بذلك نيابةً عنك؛ حيث ظهرت هذه الميزة بشكلٍ كبير على أجهزة اندرويد.
بينما بالنسبة لأجهزة آبل؛ فقد كان التطور من خلال توفير ميزة "True Tone" على بعض أجهزتها، وهي تستخدم عددًا أكبر من المستشعرات من بينها مستشعرات حرارة اللون لتغيير السطوع بالإضافة إلى ضبط درجة اللون لتعكس بيئتك المحيطة.
وفي النهاية، ليس سرًا وليس بالجديد أن الهواتف وأجهزة الكمبيوتر ذكية للغاية. لكن علينا أن نتعمق أكثر داخل ذكاء هذه الأجهزة التي تحسّن من تجربتنا باستمرار ومعرفة آلية عمل تقنياتها، لنكن على دراية بكل تفاصيلها ولكي لا ندعها تكون أذكى منّا نحن كَمستهلكين. أليس كذلك!