بشكل رسمي، المعالج صاحب الاسم الرمزي "whitechapel" والتي كانت تعمل عليه جوجل وسمعنا عنه الكثير على مدار الأشهر القليلة الماضية أصبح حقيقة وأمر واقع، فقد أطلقت الشركة مؤخرًا معالجها للهواتف الذكية تحت اسم "Google Tensor" وسيتواجد في سلسلة هواتف جوجل القادمة Pixel 6 و Pixel 6 Pro. وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها جوجل بتصنيع معالج من فئة SoC بنفسها. وبالمناسبة، مصطلح "SoC" هنا هو اختصار لـ System on Chip والمقصود به ضم كل مكونات تشغيل الجهاز (الهاتف) من معالج مركزي ورسومي وذاكرة عشوائية..إلخ في شريحة واحدة بدلاً من تخصيص أماكن مختلفة لها على اللوحة الأم.
من المتوقع أن يضع معالج Tensor تركيزه الكامل على إمكانيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي أكثر من مجرد الاهتمام بقوة الأداء. ولكن لماذا قررت شركة جوجل تطوير معالج خاص بها وما الذي يمكننا توقعه من المعالج فهذا ما سنتناوله معكم في مقالة اليوم.
بالطبع وكما تعلمون أن جميع الهواتف الذكية في الوقت الحالي إما تعتمد على شرائح شركة كوالكم Snapdragon SoC أو تعتمد على شرائح المعالجة من شركة MediaTek، ولكن الاستثناء الوحيد هنا هو شركة آبل لأنها هي من تقوم بتصنيع معالجاتها منذ أن أعلنت عن هواتف آيفون، والأمر وصل لدرجة أنها بدأت تعتمد على شرائحها الخاصة M1 في أجهزة MacBook أيضاً بدلاً من معالجات إنتل.
بالإضافة إلى ذلك أن شركة سامسونج هي الأخرى تنتج شرائح خاصة بها والمعروفة باسم Exynos SoC. ولكن وجب التنويه على نقطة في غاية الأهمية وهي أن جميع هذه الشركات تعتمد على مصنع TSMC التايواني في إنتاج شرائح أشباه الموصلات الإلكترونية الخاصة بالمعالجات بما فيهم آبل، ولكن بعض الشائعات تقول أن شركة جوجل اعتمدت هذه المرة على سامسونج.
على كل حال، معالج Tensor هو عبارة عن شريحة سيليكون من نوع SoC يتم تخصيصها مصنعياً وتصميمها وفقاً لما تراه جوجل أكثر فعالية في الأشياء التي ترغب في تكثيف أولوياتها عليها. ومن خلال مدونة جوجل الرسمية للتشويق لهواتف Pixel القادمة علمنا أن شريحة Tensor الجديدة تضع كامل تركيزها على توفير نظام معالجة للصور أكثر قوة ومعالجة صوتية مُحسنة وإمكانيات ومهام أخرى قائمة على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وهذه المهام تشتمل على تحسين عملية الترجمة في الوقت الفعلي والقدرة على تحويل الكلام إلى نصوص بدون اتصال بالإنترنت وأساليب الإدخال الصوتي وتعزيز قدرات الكاميرا.
وهذا هو السبب الوحيد المنطقي الذي دفع بشركة جوجل لتطوير شرائح المعالجة الخاصة بها بنفسها. فبمجرد التخلي عن نظام كوالكم البيئي واختيار المكونات الخاصة لشريحة Tensor SoC سوف تكتسب جوجل من هذه الفرصة القدرة على توظيف عتاد وهاردوير هواتفها بشكل أكثر كفاءة وتكافؤ المكونات مع نظام التشغيل بشكل أفضل. وهو على عكس ما تفعله شركة كوالكم، حيث يتعين على شركة كوالكم تلبية مجموعة واسعة من رؤى الشركاء، ومن هذا المنظور نعتقد أن لشركة جوجل رؤية خاصة بها هي التي دفعت بها لتطوير معالجها بنفسها.
للأسف ليست لدينا معلومات أو تفاصيل كافية حول خصائص شريحة Tensor SoC من الداخل، على الأقل حتى الآن، ولكن كل ما علينا فعله هو أن التكهن بأن أداء الشريحة سيكون أفضل بكل تأكيد من أداء هاتف Pixel 5. هناك بعض الشائعات التي تشير إلى احتمالية احتواء شريحة Tensor على وحدة معالجة مركزية تحتوي على ثمانية نوى بدقة تصنيع 5 نانو ميتر قائمة على بنية ARM.
ماذا يعني معالج Tensor بالنسبة للمستخدم ؟
نعتقد أن شركة جوجل ستتقدم بخطوة على جميع المنافسين من خلال هذه الميزة، ومن المحتمل أن تهتم بتوفير التحديثات بشكل أسرع ولفترات زمنية أطول من أي وقت مضى وبشكل أفضل مما هي عليها الآن هواتف الاندرويد التي تحتوي على شرائح كوالكم أو MediaTek. خاصة وأن جميع الشركاء تعتمد على خارطة الطريق الموضوعة من قِبل كوالكم. على سبيل المثال هواتف سامسونج التي تحتوي على شرائح كوالكم توفر الدعم حتى ثلاث سنوات من نظام التشغيل وأربع سنوات من التحديثات الأمنية، وهي نفس الفترة الزمنية التي تعد بها جوجل مستخدمي هواتفها الماضية. وفي سياق ها الأمر هناك توقعات بأن شريحة Tensor قد توفر القدرة على دعم هواتف الشركة لفترات زمنية أطول مثلما تفعل آبل مع هواتف آيفون.
في نفس الوقت، التكامل الأكثر إحكاماً بين الهاردوير ونظام التشغيل سيعزز من فرصة جوجل في القدرة على تحسين تجربة المستخدم، وخاصة على صعيد الأداء في الأعمال أو بالتحديد في خصائص التصوير الفوتوغرافي والتي كانت ولا تزال أبرز وأهم مزايا هواتف جوجل Pixel الرائدة. من الممكن أن تسمح شريحة Tensor بالقدرة على التقاط الصور من عدة عدسات في وقت واحد والقدرة على التسجيل من عدة كاميرا بمستويات تعرُض مختلفة، وبالتأكيد ستضيف المزيد من خصائص المعالجة أثناء عملية التقاط الصور وتسجيل مقاطع الفيديو.
ومن خلال حديث جوجل أثناء الإعلان عن هواتف Pixel 6 و Pixel 6 Pro علمنا أيضاً أن شريحة Tensor ستعزز من قدرات التعرف على الصوت والكلام وهي ميزة استثنائية ستساعد بشكل كبير في عمليات الكتابة الصوتية باستخدام تطبيقات لوحات المفاتيح، جنباً إلى جنب مع تعزيز أوامر الإرسال والمسح والنسخ أثناء كتابة الرسائل. بل وستكون قادراً حتى على تعديل الأخطاء الإملائية من خلال الأوامر الصوتية.
متى سترى شريحة Tensor النور ؟
أشار الرئيس التنفيذي لشركة جوجل إلى أن تصنيع شريحة Tensor استغرق ما يقرب من 4 سنوات، والنتيجة كانت قدرة شركة جوجل على الانطلاق برؤيتها الخاصة في إمكانيات التعلم الآلي وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من تكامل تصميمات الهاردوير مع نظام التشغيل والبرامج والخدمات الأساسية. كل هذا تم تحقيقه في هواتف سلسلة بيكسل الجديدة Pixel 6 و Pixel 6 Pro والمتوقع إطلاقها خلال خريف عام 2021، جنباً إلى جنب مع الإصدار الجديد من نظام التشغيل أندرويد 12.