على الرغم من أن تقنية شبكات الجيل الخامس 5G لم تصل إلى العديد من الدول والبلدان حتى هذه اللحظة، وخاصة الدول النامية وبلدان العالم الثالث، إلا أن هناك بالفعل بعض الأحاديث والتوقعات حول تقنية اتصالات الجيل التالي 6G وكيف من الممكن أن تخدم هذه التقنية الدول المتطورة والأجيال القادمة من المستخدمين.
دعونا في البداية نصرح لكم بأن جميع المعلومات التي حصلنا عليها حول تقنية 6G لا تزال مجرد نظريات وتوقعات لدى المحللين، ولكنها بالتأكيد ستكون التقنية التالية التي ستخدم العديد من المجالات الصناعية، ولا سيما خدمات الذكاء الاصطناعي والأجهزة الآلية والروبوتات وأتمتة الأجهزة. والآن دعونا نلقي نظرة سريعة على تاريخ تقنيات شبكات الاتصال لنرى كيف تطورت هذه التقنية لتصبح بالصورة التي هي عليها الآن، وما يمكن أن نتوقعه لها في المستقبل القريب ؟
كيف وصلنا إلى 6G...
دعونا نختصر عليكم أسطر طويلة ونقول أن لحظة نشأة الاتصالات اللاسلكية كانت في عام 1895 عندما قام العالم والمخترع الإيطالي Guglielmo Marconi بإرسال مجموعة من الرموز لاسلكياً عبر موجات الراديو لمسافة 3.4 كيلو متر تقريباً. ولكن تشاء الظروف أن نضطر للانتظار لما يقرب من مائة عام حتى توصل مهندس في شركة موتورولا والذي كان يُدعى مارتن كوبر إلى اختراع جديد في عام 1973 والذي أطلق عليه اسم الهواتف اللاسلكية، والتي يُشار إليها أيضاً في جميع الأوساط التقنية باسم الهواتف الجوالة التي تعمل بتقنية 0G.
بعد فترة وجيزة من اختراع مهندس شركة موتورولا سارعت شبكات الاتصالات من جميع أنحاء العالم بالبحث والتنقيب عن إمكانية التوصل إلى تقنية 1G من شبكات الهاتف المحمول، وبالفعل تمكنا من تطوير تقنية 1G والتي كانت حينها عبارة عن 30 كيلو هرتز من عرض النطاق الترددي وبسرعة 2.4 كيلو بايت على الثانية. حينها لم تسمح هذه السرعات إلا بالكاد لإجراء المكالمات الهاتفية الصوتية لاسلكياً، ولكن كان هناك العديد من العقبات والتحديات التي واجهت 1G وكانت من أبرزها دقة الصوت المنخفضة وجودة الإرسال الضعيفة ولم نتمكن من استخدامها فعلياً إلا في عام 1991 تقريباً.
ولكن مع تنافس شركات الاتصالات في جميع أنحاء العالم، سرعان ما توصلنا إلى تقنية 2G في تسعينيات القرن الماضي. وانتقلت سرعة عرض النطاق الترددي من 30 كيلو هرتز إلى 200 كيلو هرتز وبسرعة تخطت 380 كيلو بايت في الثانية. هذه النتائج لم تساعد على تعزيز وتحسين الأداء الصوتي للمكالمات الهاتفية فحسب، وإنما سمحت أيضاً بإمكانية إرسال الرسائل القصيرة والبُرد الإلكترونية، بل وحتى تصفح مواقع الإنترنت – على الرغم من أداؤها المتواضع جداً في هذا الوقت.
عقد تلو الأخر كنا شواهد على قفزات رهيبة في تطور تكنولوجيا وتقنيات الاتصالات اللاسلكية، وتمكنا من تطوير شبكات الجيل الثالث بسرعات تجاوزت 50 ضعف السرعة القياسية لشبكات الجيل الثاني، وهذا يعني أنه أصبح من الممكن إجراء مكالمات الفيديو عن بُعد واستخدام التطبيقات المستندة على الويب والقدرة على تصفح مواقع الإنترنت. في الحقيقة يمكنك القول أن شبكة 3G كان لها الفضل الأول فيما توصلنا له حتى هذه اللحظة. ولكن لم يقف الأمر عند ذلك
سريعاً ما تمكنا من تطوير 4G والتي تم وصفها بأنها القفزة التي لم يسبق لها مثيل في عالم الاتصالات اللاسلكية، فجاءت بسرعات عالية جداً تتراوح من 50 إلى 500 ضعف السرعة العادية لشبكات الجيل الثالث. هذه التقنية بالتحديد هي التي سمحت بإمكانية بث ومشاهدة مقاطع فيديو عالية الدقة عبر الإنترنت.
الآن أصبحنا نتعامل مع شبكات الجيل الخامس 5G بفضل شركة كوالكم والتي تؤكد على كونها أهم تكنولوجيا في عالم الاتصالات من أجل مجالات متقدمة ومنها انترنت الأشياء وخدمات الأتمتة والواقع الممتد XR. وعلى الرغم أن السرعة القصوى لشبكات الجيل الخامس تصل إلى 20 جيجابابت في الثانية، إلا أنه وبدون شك سوف تتمكن تقنية شبكات الجيل السادس 6G من التفوق عليها بفارق لم يسبق له مثيل في الصناعة.
ما نتوقعه حول تقنية 6G ؟
يُشاع أن تقنية شبكات الجيل السادس ستكون أسرع 100 مرة من شبكات الجيل الخامس والتي لم تصل حتى الآن إلى العديد من البلدان والدول، حيث ستستخدم هذه التكنولوجيا موجات عالية التردد والمعروفة باسم الموجات دون المليمترية على عكس موجات شبكات الجيل الخامس التي تستخدم حالياً موجات ملليمترية mmWave.
بالتأكيد تقنية 6G ستوفر زمن انتقال بيانات لن يتجاوز ميكرو ثانية واحدة، مع زيادة عرض النطاق الترددي إلى حدوده القصوى لاستيعاب عملية تعزيز الاتصال المُحسن، باختصار شديد يمكنك اعتبار تقنية الجيل السادس أنها ستكون قادرة على سد فجوة أو زمن الانتقال بين ما هو متواجد في العالم الرقمي والعالم الحقيقي. سامسونج كانت أولى الشركات التي ذكرت ما كانت قادرة على تحقيقه بخصوص تقنية 6G من خلال حدث Samsung Networks: Redefined وأعربت عن جاهزيتها لخارطة الطريق الموضوعة من قِبل الشركة لتحقيق تجربة الاتصال فائق السرعة من خلال شبكات الجيل التالي. والتي أشارت إلى أنها ستكون لا تقل عن 50 ضعف السرعة القياسية لشبكات الجيل الخامس وعُشر زمن الانتقال.
ما هي العقبات التي يجب أن تتغلب عليها تقنية 6G؟
مما لا شك فيه أن تقنية 6G ستكون سبباً في إحداث ثورة تكنولوجية هائلة في مجال الاتصالات اللاسلكية، ستغير من المفهوم المعتاد لطريقة إدراك المعلومات والحصول عليها، وكيفية التواصل مع الأشخاص والآلات والتجربة الحياتية بوجه عام. ولكن لتحقيق ذلك الأمر يتطلب مزيداً من التحسينات الملموسة في أداء وقدرات الحوسبة وأنظمة المعالجة الخاصة بالهواتف الذكية.
ولكن بالتأكيد التحدي الأكبر أو العقبة الكبرى أمام تكنولوجيا شبكات الجيل الخامس هو كيف ستتمكن من مواجهة مشكلة امتصاص الغلاف الجوي للترددات والفقدان الشديد التي تتعرض لها موجات التيراهرتز. في الواقع هذه المشكلة لا تزال قائمة ومن أبرز العقبات البائسة أمام تقنية 5G حيث كانت هناك العديد من الشكاوى لدى مستخدمين يعانون من فقدان الإشارة بالكامل في هواتفهم لمجرد وجود إعاقة مادية من قِبل شجرة أو جدار مبنى.
ولكن من خلال حديث شركة سامسونج في حدث Redefined يبدو أن هناك بالفعل بصيص من الأمل في قدرة تقنية 6G على مواجهة والتغلب على هذه المشكلة بكل ثقة. وأشار العملاق الكوري أن طوبولوجيا الشبكة من النوع الشبكي والمشاركة الطيفية والذكاء الاصطناعي الشامل ستكون هي البنية الأساسية لتقنية شبكات الجيل السادس.
إذن، متى سيتم إطلاق تقنية 6G ؟
في الواقع، من السابق لأوانه جداً الحديث عن تقنية شبكات الجيل السادس في الوقت الحالي، وهذا ليس مجرد رأي شخصي، وإنما هو رأي كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة إريكسون "إريك كودن" عندما تحدث في مؤتمر MWVC 2020 Shanghai وقال بالحرف "لا أعلم حقاً ماذا تعني 6G، مرة أخرى أؤكد لكم أن الحديث كله الآن على 5G فقط".
ولكن بالرغم من ذلك، هناك بعض الشائعات التي تشير إلى أن عملية البحث والتطوير بدأت للتو، ولكننا سننتظر على الأقل عقد من الزمان قبل ظهور شبكات الجيل السادس. في نفس الوقت أشار مؤسس شركة هواوي أثناء حديثة لشبكة CNBC الإخبارية على أننا على بعد 10 سنوات تقريباً عن تقنية 6G. بالإضافة إلى ذلك، تم نشر تقرير على موقع الأبحاث والدراسات التكنولوجية الأمريكي ABI Research والذي يفيد بأن تقنية الجيل السادس قادمة بحلول 2028 أو 2029 على أقصى تقدير.