كُل جيل يُشكل ويبلور فكرته الخاصة عن "المستقبل"، قبل خمسين عامًا كان البشر يتطلعون لأجهزة تلفاز مُسطحة وصرافات آلية تعمل على مدار الساعة والكثير من الأشياء الأخرى التي باتت مُحققة في يومنا هذا وأصبحت من الأشياء العادية والمُسلم بها أيضاً، لكن كل الرهانات الحالية حول المُستقبل شبه متوقفة لأن النمو التكنولوجي والتقدم العلمي بات أسرع من الخيال.
ليُفاجئ الأشخاص في يومنا هذا بظهور تقنية جديدة كل يوم تقريباً، لم يكن يسمع عنها من ذي قبل أبداً، لدرجة أن هذه التقنيات تفوق التفكير والخيال البشري في بعض الأحيان، لنرى أدناه ضمن هذا المقال عشر اختراعات قد تُغير مجرى البشرية إلى الأبد ومفهومها حول المستقبل وما يحتضن في طياته.
1. اللمس عن بُعد
بطبيعة الحال إنجاز بعض المهام يتطلب تواجد الشخص للقيام بها، ومع ذلك يعمل العديد من الباحثين بِجد في محاولة للتغلب على هذا القيد بغض النظر عن مدى استحالة ذلك، فقط تخيل إمكانية عقد مؤتمر عن بُعد بنسخة منك يمكنها تكرار كل ما تفعله بما في ذلك التعامل مع الأشياء من بعيد!
هذا المفهوم مستقبلي للغاية لدرجة أننا لا نستطيع الآن أن نفك شيفرة هذه التقنية وكيفية عملها كبشر طبيعيين، ومع ذلك فإن التكنولوجيا التي طورها الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قادرة بالفعل على فعل ذلك إلى حد كبير، وتُعرف باسم inFORM وهي واجهة لتغيير الشكل يمكنها أخذ مدخلات من موقع بعيد وتكرار هذه الإجراءات بدقة في موقع آخر.
علماً إن inFORM هو اسم الواجهة فقط حيث إنهم ينشئون الآن عددًا كبير من التطبيقات الأخرى فوق هذه الواجهة، وأحد تلك التطبيقات يُدعى Take Materiable يُتيح لك التعامل مع الكائنات عن بُعد وقد تم اختباره بنجاح في المختبر، إنه قادر على محاكاة خصائص الكثير من المواد الموجودة على الأرض مثل الرمل والماء والمطاط وما إلى ذلك.
اقرأ أيضاً: أكثر التقنيات فشلاً في العام المُنصرم 2019 تعرف عليها وابتعد عنها
2. طعام ثلاثي الأبعاد
جزء آخر من التقدم التكنولوجي السريع شهدناه مؤخراً في العديد من مجالات الحياة ألا وهو الطابعات ثُلاثية الأبعاد التي تمكنت من طبع بيوت كاملة بوقت وجيز والتي لديها القدرة على طبع أي شيء نُريده تقريباً كالكاسات والفناجين من خلال طابعات صغيرة الحجم داخل المنزل في حال نقصها لديك لتُساعد بذلك المساعي البشرية في الوصول إلى حياة الرفاهية.
ليُعد الطهي بالتأكيد إحدى تلك الوظائف، على الرغم من أنه لا توجد طريقة يمكن أن يكون لدى الآلة فكرة عن المكونات والنسب الصحيحة لجعل مذاق الطعام جيدًا، ومع ذلك فقد أثبتت الآلات بالفعل أنها قادرة على القيام بذلك بقدر ما نستطيع نحن القيام به وذلك من خلال بعض الدراسات والأبحاث أيضاً.
وفقًا لشركة Natural Machines وهي شركة طباعة طعام ثلاثية الأبعاد، تمكنت بالفعل من طباعة المواد الغذائية ثلاثية الأبعاد مثل البرغر والبيتزا، وتُطلق على أجهزتها اسم Foodini القادرة على أخذ المكونات وتحويلها إلى أطباق ذات مذاق جيد مثل تلك التي يصنعها الناس، لتركز الشركة الآن على الأطعمة الصحية والمكونات الطازجة.
3. جلد سريع الشفاء
يمثل التآكل والتلف مشكلة كبيرة لكل صناعة سواء كانت التصنيع أو الهندسة المعمارية أو حتى الطب، يجب على الجميع قبول أن الأشياء سوف تنهار مع مرور الوقت وعلينا أن نأخذ ذلك في الاعتبار عند تصميم الأشياء، تظهر المشكلة بشكل خاص في جسم الإنسان حيث يصبح أضعف وأكثر عرضة للإصابات مع التقدم في العمر.
إذا تم تصديق بعض التطورات الأخيرة فلن نواجه هذه المشكلة لفترة طويلة، طور علماء في جامعة سنغافورة الوطنية مؤخرًا مادة ذاتية الشفاء تحاكي جلد قنديل البحر، الجلد قادر على إصلاح نفسه في غضون دقائق من الجرح أو التمزق ويمكنه أيضًا تحمل مُلامسته للماء.
يمكن استخدام هذه التقنية لإنشاء أطراف اصطناعية واقعية والتي يمكن دمجها مع أطراف آلية يُمكن التحكم فيها عن طريق التفكير لبناء أطراف اصطناعية أفضل من الموجودة حالياً، كما أن هذا الجلد الإلكتروني مُستدام أيضًا لأن المادة التي يمكن أن تشفي نفسها لن نحتاج إلى التخلص منها.
4. إرسال الطُعم عبر الإنترنت
يمكننا الآن رؤية وسماع ما يحدث في أجزاء مختلفة من العالم بمجرد النقر على بعض الأزرار على هواتفنا الذكية، ومع ذلك يمكننا فقط إرسال المعلومات التي تشغل حواس البصر والسمع لدينا ولا تزال مقيدة بجودة معدات التسجيل ومهارة الشخص الذي يقوم بتسجيلها، ليس لدينا طريقة لإرسال ما نشمه عبر الإنترنت على سبيل المثال.
لكن التقنية تقترب خطوة من التذوق، في دراسة أجريت في جامعة سنغافورة تمكن الباحثون من إرسال مقياس حموضة مشروب الليمون إلى كوب من الماء في مكان آخر بنجاح، حتى أنهم جعلوا الناس يختبرونها، على الرغم من أن مُعظمهم اعترفوا بأن طعم الليمون الافتراضي كان أقل حموضة قليلاً من الحقيقي إلا أن المشاركين تمكنوا إلى حد كبير من التعرف على المذاق.
5. روبوتات نانوية مطبوعة
من الناحية النظرية لهذه التقنية الثورية أيضاً سنكون قادرين على بناء روبوتات صغيرة جدًا بحيث يمكنها دخول مجرى الدم وإجراء عمليات دقيقة داخل الجسم مثل قتل الخلايا السرطانية يدويًا، في الآونة الأخيرة طور علماء من هونج كونج روبوتات نانوية ثلاثية الأبعاد مطبوعة بخلايا جذعية ونيكل وتيتانيوم واستخدموها بنجاح لإيصال الخلايا السرطانية إلى مكان معين في الفئران.
6. الأوشام الرقمية
ربما تكون قد سمعت عن الأنواع المُختلفة من شاشات LED التي يعمل عليها العلماء، بما في ذلك الشاشات فائقة النحافة والقابلة للطي والتي قد نتمكن من حملها في جيوبنا مثل المناديل، لكن ربما لم تسمع أنه يمكن فعل الشيء نفسه للجلد، بناءً على التطورات الأخيرة لدينا بالفعل المواد اللازمة للقيام بذلك.
ستكون زيادات شبيهة بالوشم على الجلد كشاشات عرض، تم إنجازها من خلال فريق ياباني طور بالفعل المادة التي سيتم تصنيعها بها، يمكن استخدامها في كثير من الأشياء مثل مراقبة دقات القلب والقراءات الصحية الأخرى أثناء الاتصال بتطبيق على هاتفك الذكي أو تخزين أكواد إلغاء القفل لأجهزتك المختلفة أو ببساطة تقديمه كوشم مؤقت على سبيل المثال.
إليك المزيد: نظرة مستقبلية خاطفة لواقع وسائل التواصل الإجتماعي ...
7. زراعة الشبكية
وفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية تم تشخيص إصابة حوالي 1.3 مليار شخص حول العالم بضعف البصر، يعاني الكثير منهم من أمراض الشبكية التي لا يمكن علاجها، من المؤكد أن علاج العمى تمامًا يعتبر اقتراحًا مستقبليًا وبفضل الأبحاث الرائدة في زراعة الشبكية التي تحاكي العين البشرية تمامًا قد يكون لدينا بالفعل التقنية اللازمة للقيام بذلك.
في الآونة الأخيرة قام العلماء بزرع غرسة شبكية تعمل تمامًا كالحقيقية واختبروها بنجاح على الفئران، على الرغم من أن غرسات العين موجودة بالفعل على الرغم من عدم قدرة أي منها على إصلاح الضرر الذي لحق بشبكية العين لأنها مسؤولة عن نقل المعلومات المرئية عبر العين إلى الدماغ.
يمكن لهذه التقنية الجديدة إصلاح العين واستخدامها كبديل لشبكية العين وخلايا مستقبلات الضوء وهو أمر لم يكن مُمكنًا من قبل، وفي أبحاث أخرى ابتكر العلماء مادة ثنائية الأبعاد يمكن استخدامها لصنع شبكية العين الاصطناعية، ادمج ذلك مع الغرسات المذكورة أعلاه وقد نمتلك بالفعل التقنية المطلوبة للقضاء على العمى.