هل الوضع المظلم في الهواتف ضار جدًا بالفعل ؟

من الممكن أن يكون الوضع المظلم مزعجاً للغاية للعينين نتيجة عدة عوامل سوف نتناولها إنطلاقًا من سطور هذه المقالة.
الوضع المُظلم في كل مكان هذه الأيام سواءً على الهواتف الذكية، أجهزة الكمبيوتر، أو داخل التطبيقات والبرامج ومواقع الإنترنت. إنه خيار تصميمي أحتضنه المطورين خلال الفترة الأخيرة وقد أحبهُ المستخدمين كثيرًا ليس لأنه يضفي مظهر جمالي ومختلف فحسب، بل أسهل بكثير للقراء فى ظروف الإضاءة الضعيفة وخصوصًا قبل النوم، فمن المعروف أن الضوء الأزرق العادي في شاشات الهواتف يؤثر على درجة استجابة الإنسان للنوم، لأن الدماغ يسيء فهم الضوء الأزرق مثل ضوء النهار. هذا بالإضافة إلى كونه موفر لاستهلاك طاقة بطارية الهاتف (فقط في الشاشات التي تستند إلى تقنية OLED). ولكن حسب ما كشفته دراسات حديثة، من الممكن أن يكون الوضع المظلم مزعجاً للغاية للعينين نتيجة عدة عوامل سوف نتناولها إنطلاقًا من سطور هذه المقالة.


كما تعلمنا في هذه الحياة – لكل شيء فوائد واضرار. وفي هذه الحالة، قد تكون أضرار الوضع المُظلم أكثر تأثيرًا من فوائده. على عكس ما كان يتم الترويج له، فإن الوضع المظلم لن يساعد بالضرورة في تقليل إجهاد العين عند القراءة أو قضاء وقتًا طويلًا في التحديق في الشاشة، لأن النصوص باللون الأسود أو الرمادي أكثر قابلية للتمييز ضمن الخلفية البيضاء أو ذات ألوان فاتحة وهو ما يؤدي إلى الحد من حدوث تشوهات بصرية وزيادة الراحة للعديد من الأشخاص. أي أن النظر إلى نص أبيض على خلفية سوداء لفترات طويلة من الزمن نتيجة تفعيل الوضع المظلم يمكن أن يسبب إجهادًا خطيرًا للعين، بحسب ما كشفت دراسات حديثة.


الوضع المظلم ليس تحسينًا يناسب الجميع وهذا هو السبب في كونه خيارًا - خيار غير ممكن افتراضيًا. فإذا كنت تقوم دائمًا باستخدام الهاتف في بيئات منخفضة الإضاءة أو مستلقيًا على السرير تقرأ شيئًا على هاتفك في الليل، فمن الأفضل تجنب الوضع المظلم وتفعيل وضع الإضاءة الليلية الذي يعمل على تقليل الضوء الأزرق لجعل الاستخدام أقل إزعاجاً للعينين، وبالنتيجة يصبح الضوء المنبعث من الشاشة مائلاً للأصفر إلى حد ما. بغض النظر عن التطبيق الذي تستخدمه، فإن وضع الإضاءة الليلية يُطبق على أي شيء معروض على الشاشة كونه يلعب على الاضاءة فقط ولا يغير شيء في التصميم، ولا يستخدم خلفيات داكنة.


عدم وجود الوضع المُظلم في كل التطبيقات في حد ذاته عامل آخر يجعله متسببًا في حدوث إزعاج بصري لدى المستخدم الذي ينتقل بين عشرات التطبيقات خلال الاستخدام اليومي. على سبيل المثال، عند الخروج من تطبيق ماسنجر أو تطبيق داعم للوضع المظلم لتعود مرة أخرى إلى الواجهة الرئيسية للهاتف أو تنتقل إلى تطبيق فيسبوك أو أي تطبيق لا يدعم الوضع المظلم حيث اللون الأبيض والسطوع العالي للشاشة ستشعر بالضيق والانزعاج نتيجة عدم قابلية العين على التكيف بين هذه الأوضاع بشكل سريع، تمامًا كما يحدث عندما تخرج من غرفة مظلمة قضيت فيها بعض الوقت حيث النور والإضاءة القوية.

تكرار التنقل بين التطبيقات على هذا الحال يجعل الوضع المظلم غير جدير بالتجربة تمامًا. وربما يكون الأمر مختلف بين الناس، فالبعض منا قد تكون لديه قدرة بصرية تتيح التأقلم السريع مع السطوع العالي والمنخفض لشاشة الهاتف. ولكن بشكل عام الوضع المظلم يجعل تجربة الاستخدام غير متناسقة ولا يتمتع بتلك القابلية التي تجعلنا نستمر في تفعيله في كل تطبيق.

دعونا لا نركز على أضرار الوضع المظلم، فهو مازال خيار مألوف ومن الجيد تضمينه في التطبيقات لكنه ليس موجه لكل الناس. فعلى الرغم من أن النص الأسود على خلفية فاتحة مثاليًا لغالبية المستخدمين، فإن هذا غير صحيح بصورة عامة. كما تشير شركة جوجل أثناء استعراضها للوضع المظلم الجديد لنظام أندرويد للمطورين، فإن الوضع المظلم "يحسن مستوى الرؤية للمستخدمين الذين يعانون من ضعف البصر والأشخاص الذين لديهم حساسية للضوء الساطع". على سبيل المثال، يعاني بعض الأشخاص من "رهاب الضوء" الذي يمكن أن يسبب ضوء ساطع لإحداث الصداع النصفي. الوضع المظلم يمكن أن يساعد هؤلاء المستخدمين.

وقد يكون لدى البعض ظروف بصرية خاصة تجعل قراءة النص الأبيض على خلفية سوداء أسهل بالنسبة لهم. لهذا السبب كان هناك خيار "Invert Colors" في أنظمة التشغيل مثل ويندوز وأندرويد و iOS قبل انتشار الوضع المظلم لعكس الألوان واستبدال الأبيض بالأسود.


حتى وإن لم تكن تعاني من مشاكل بصرية، فإن الوضع المظلم قد يساعدك في الأوقات الحرجة التي تحتاج فيها استخدام الهاتف بينما مستوى الطاقة في البطارية يقترب من الـ 0% لانه عندما تقوم بتمكين هذا الوضع داخل التطبيقات التي تستخدمها معظم الأوقات ينخفض معدل استهلاك الشاشة للبطارية بشكل كبير جدًا. وينطبق ذلك فقط على شاشات OLED حيث اللون الأسود يطفئ كم هائل من البكسلات فيها. وهذا يوفر طاقة البطارية.

ضع في إعتبارك أن هذا لا ينطبق أيضًا على كل التطبيقات، فلا يتم توفير طاقة إلا إذا كان البيكسل أسود تمامًا، ومعظم التطبيقات حاليًا لا تفعل ذلك عند تشغيل الوضع المظلم المدمج معها. بمعنى آخر، إذا كان البيكسل رمادي داكن جدًا أو أقرب للأسود وليس اسود حقيقي، لن تلاحظ تأثير إيجابي على عمر البطارية حتى بعد تفعيل الوضع المظلم على شاشة OLED.

إذًا، هل يجب تفعيل الوضع المظلم أم لا ؟


ليس لدينا إجابة واحدة تناسب الجميع على هذا السؤال. إذا كنت لا تحب الوضع المظلم وترى أنه يجعل تجربة الاستخدام غير متناسقة أو أنك تفضل القراءة على خلفية بيضاء ونصوص باللون الاسود، فلا تستخدمه. أي نعم هو ظاهرة واسعة الانتشار والكثيرين يفضلونه، لكنه ليس بالضرورة الأفضل للعينين. بينما إذا كنت تحب الوضع المظلم، استخدمه! حتى في بيئة الإضاءة الساطعة، إذا كنت تفضل ذلك المظهر ولم تجد صعوبة في قراءة الشاشة، فاستمر في استخدام الوضع المظلم.

شاركنا برأيك في التعليقات، هل كانت تجربة الوضع المظلم تجربة ناجحة ومجدية فعلًا أم لم تجد معها قبولًا ؟
عبدالرحمن
عبدالرحمن
مدير المحتوى بموقع عالم الكمبيوتر منذُ قرابة 10 سنوات، مدفوعًا بشغفي العميق بالتكنولوجيا الذي أحمله معي في كل مقال ومراجعة.
تعليقات

احدث المقالات