الاختلاف بين تقنية تتبع الأشعة القائمة على البرمجيات وعلى عتاد الحاسب

يمكن تنفيذ تقنية تتبع الأشعة بواسطة البرمجيات، ومع ذلك، تقدم إنفيديا دعمًا للتقنية من خلال كروت شاشة RTX الجديدة خاصتها. فهل هناك فرق حقًا ؟ دعونا نكتشف.
من الواضح أن تقنية تتبع الأشعة تُمثل طفرة ثورية في مجال الرسوميات الحاسوبية نظرًا إلى مدى منطقية الرسوميات التي تضيفها إلى الألعاب لجعلها أقرب إلى الواقع بمستوى كبير، بل يفوق الخيال. هذه التقنية المتطورة والمعقدة بطبيعتها كانت تُستخدم منذُ عقود في الأفلام المتحركة (أفلام الأنيميشن) لخلق نوع من الواقعية، لكنها كانت قائمة على البرمجيات. بينما الآن باتت متاحة أيضًا في ألعاب الفيديو بعد أن أطلقت شركة إنفيديا سلسلة بطاقات RTX المزودة بمعمارية تورينج الجديدة والتي تحوي وحدات تتبع الأشعة (RT Cores) المصممة خصيصًا لمعالجة تقنية تتبع الأشعة في الوقت الحقيقي مما يمنحك تجربة لعب مذهلة وغير مسبوقة.

وبما إنها تُعتبر بمثابة معيار للرسوميات الفائقة، فإن تتبع الأشعة في الوقت الحقيقي تأتي بنفس الأساليب التي كان ومازال يستخدمها صانعو الأفلام منذ فترة طويلة لكل من اللاعبين والمُبدعين، وهذا بفضل التقنيات المتطورة من شركة Nvidia. كما أنه وبسبب انتشارها كالنار في الهشيم بين الألعاب الضخمة التي أعلن عنها المطورين خلال هذا العام، ومع ظهور بطاقات GeForce RTX الرسومية في العام الماضي، أصبحت تتبع الأشعة هي التقنية السائدة اليوم في المجال بعدما كانت غريبة في السابق.


ملايين من مستخدمي أجهزة الكمبيوتر الآن يقومون بالترقية إلى بطاقات RTX للاستفادة من الـ Ray-Tracing Cores والـ Tensor Cores المدمجة معها لكي يستمتعون بتجارب مُعززة من تتبع الأشعة في الألعاب والتي كان يعتقد الكثيرون أنها تقنية لن تكون حاضرة إلا بعد سنوات أو حتى عقود من الزمن. ومع ذلك، يمكن تنفيذ تتبع الأشعة في الوقت الفعلي بدون حاجة ضرورية إلى هاردوير إنفيديا - على الرغم من أنها تنتج رسوميات أفضل - ذلك لأن فكرة التقنية نفسها كانت موجودة منذ سبعينيات القرن الماضي، قبل أن تقوم إنفيديا بتطويرها عن طريق دعم الحوسبة المعجلة بواسطة وحدة معالجة الرسومات مع نوى مخصصة.

ومع قرار شركة مايكروسوفت العام الماضي بدمج واجهة برمجة تطبيقات DirectX Raytracing ضمن مكتبة DirectX 12 لدعم تقنية تتبع الأشعة إدراكًا منها لأهميتها، ساعد ذلك مطوري الألعاب على تبني التقنية بشكل أفضل ليكون هذا أخر مسمار في نعش تقنية التنقيط أو Rasterization (سنتحدث عنها لاحقًا) وهذا بالطبع مع حضور التقنيات المتطورة من إنفيديا التي تدعم تتبع الأشعة.

تقنية تتبع الأشعة ليست وليدة اللحظة !


قبل أن نخوض الكثير من الأحاديث عن التقنية، دعونا نوضح اولًا: ماذا تعني تتبع الأشعة ؟ فهم الفكرة الخاصة بهذه التقنية سهل جدًا - بالرغم من أنها معقدة على أرض الواقع - فقط أنظر حولك وركز على الأشياء التي تراها مضاءة بواسطة أشعة الضوء الساقطة عليها، والآن إذا أتبعت مسار تلك الأشعة الضوئية للخلف؛ أي من عينيك إلى الأشياء التي يتفاعل معها هذا الضوء، فهذا ببساطة هو تتبع الأشعة.

هذه التقنية تم وصفها للمرة الأولى بواسطة "آرثر أبيل" من مركز البحوث لدى شركة IBM في عام 1969 وذلك في مقالة له بعنوان "Some Techniques for Shading Machine Renderings of Solids" وبفضل رواد آخرون ساهموا في إظهار هذه التقنية مثل Turner Whitted و Robert Cook و Thomas Porter وأيضًا Loren Carpenter و Jim Kajiya من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، أصبح تتبع الأشعة هو المعيار في صناعة صناعة الأفلام ورسوميات الكمبيوتر لإنشاء إضاءة وصور واقعية ونابضة بالحياة.


ومع ذلك، حتى العام الماضي، تمت الكثير عمليات البحث عن تتبع الأشعة في الوقت الحقيقي دون إجراءات حقيقية تظهرها إلى النور، كما أنها تتطلب كم كبير من القدرة الحاسوبية. وإلى يومنا هذا، يتطلب إنتاج التأثيرات التي تراها في الأفلام الرسومية مزارع خوادم حاسوبية (Server Farms) ومع ذلك فإنها لا توفر تتبع الاشعة في الوقت الفعلي مثل بطاقات RTX من إنفيديا، حيث أن "الجيمرز" يريدون ممارسة الألعاب بصورة تفاعلية ولن ينتظروا دقائق أو ساعات حتى يتم تحميل كل إطار.

تتبع الأشعة في الوقت الحقيقي يُقصد به أن اللعبة تقوم بمعالجة أشعة الضوء والظلال والانعكاسات والألوان في وقت واحد أثناء اللعب، ولذلك تحتاج هذه العملية إلى مواصفات تقنية عالية. هنا يأتي دور كروت الشاشة التي يمكنها معالجة الرسومات بشكل أسرع كونها تعتمد على أعداد أكبر من أنوية الحوسبة لإنجاز المهام المعقدة في أقل وقت ممكن. تقليديا، كان مطوري الألعاب يستخدمون أسلوب عرض آخر وهو "التنقيط - Rasterization" لعرض العناصر ثلاثية الأبعاد على الشاشات ثنائية الأبعاد.

مع هذه التقنية القديمة، كان يتم التعامل مع الأجسام ثلاثية الأبعاد بطريقة مفردة، بحيث كان يتم إنشاء الكائنات على الشاشة من شبكة إفتراضية مكونة من المثلثات أو المضلعات، التي تنشئ نماذج ثلاثية الأبعاد من الكائنات. وفي هذه الشبكة الافتراضية، تتفتت زوايا كل مثلث (الجسم ثلاثي الأبعاد) بحيث تركز فقط على الجزء الموجه للاعب. وبشكل مختصر، أي جسم لا يظهر أمام الشاشة لا تعترف به هذه التقنية ولا يتم معالجته. عمومًا، تحدث هذه العملية بشكل سريع جدًا ونتائجها كانت جيدة جدًا، حتى لو لم تكن بنفس جودة تقنية تتبع الأشعة.

تبنى البطاقات الرسومية لتقنية تتبع الأشعة


ماذا لو استخدمت كروت الشاشة قدرات المعالجة القوية الخاصة بها لتسريع عملية تتبع الأشعة ؟ هُنا يبرز دور الحوسبة المعجلة لوحدة معالجة الرسومات التي توفر تقنية تتبع الأشعة القائمة على البرمجيات والتي توفرها تقنية مثل Nvidia OptiX الموجودة منذ عام 2009 والتي تستهدف محترفي التصميم الذين بحاجة إلى تقنية تتبع الاشعة في مشاريعهم. وعلى مدار العقد التالي، استفادات OptiX - وهي واجهة برمجة تقنية تتبع الأشعة - من التقدم الثابت في السرعة الذي توفره الأجيال المتعاقبة من وحدات معالجة الرسوميات من انفيديا. بالعودة بالزمن إلى الوراء قليلًا، تحديدًا عام 2015، كانت شركة إنفيديا تشرح في المؤتمر السنوي لرسومات الكمبيوتر SIGGRAPH كيف يمكن لتقنية تتبع الأشعة أن تحول نموذج CAD (إختصار لـ Computer-aided design) إلى صورة واقعية في ثوانٍ، مما يسرع من عمل المهندسين ومصممي المنتجات وفناني الجرافيك.


تجدر الإشارة إلى أن نهج تقنية تتبع الأشعة المعجلة بوحدات معالجة الرسوميات قد تم اعتماده من قبل شركة مايكروسوفت في أوائل العام الماضي مع تقديم واجهة برمجة تطبيقات DirectX Raytracing (المعروفة اختصارًا DXR) وهو الأمر الذي يتيح الدعم الكامل لبرنامج تتبع الأشعة في بطاقات RTX. علمًا بأن تتبع الأشعة عالي الأداء في الوقت الفعلي يتطلب شيئين هما: RT Cores و Tensor Cores وهي التقنيات المتطورة من إنفيديا لمعالجة الذكاء الاصطناعي بأداء عالي من أجل تقليل التشويش ومكافحة التعرجات بدقة فائقة.

وحدات تتبع الأشعة (RT Cores) وظيفتها هي تسريع عملية إكتشاف أين تتقاطع الأشعة مع هندسة المشهد ثلاثية الأبعاد. بحيث تعمل هذه الأنوية المخصصة على تسريع بنية تتبع الأشعة المستندة إلى الأشجار (هيكل بيانات واسع الاستخدام يُحاكي شكل شجرة هرمية) والتي تسمى "التسلسل الهرمي لحجم المحيط" حيث يتم استخدامها لحساب أين تتقاطع الأشعة والمثلثات التي تشتمل على صورة تم إنشاؤها من خلال الكمبيوتر.

أما أنوية Tensor Cores فقد تم الكشف عنها لأول مرة مع معمارية Volta المطوّرة من إنفيديا والتي تهدف إلى تسريع عمليات الحوسبة والذكاء الاصطناعى بصورة مباشرة وكذلك تزود من سرعة عبء العمل المكثف بيانيًا. وذلك من خلال تقنية ذكاء اصطناعي خاصة تسمى DLSS أو Deep Learning Super Sampling وتجعل أنوية RTX Tensor Cores هذا ممكنًا مع تحسن في الأداء بنسب قد تصل إلى الضعف.

معمارية تورينج عند العمل





يمكنك أن ترى من خلال الصورة المرفقة أعلاه مدى سرعة معمارية تورينج الجديدة من إنفيديا عند مقارنته مع سرعة معمارية باسكال السابقة خلال معالجة إطار واحد من لعبة Metro Exodus. كما أنه في معمارية Turing باستطاعتك رؤية عدة أشياء تحدث معًا في نفس التوقيت، إحداها خضراء اللون وهي الـ RT Cores عند العمل. وكما تلاحظون، فإن نفس تتبع الأشعة الذي تم على بمعمارية باسكال يتم في خُمس الوقت على تورينج.

إعادة إبتكار الرسومات هو هدف شركة إنفيديا دائمًا، ولذلك تعمل هي والشركات المصنعة المتحالفة معها على الدفع بمعمارية تورينج إلى السوق من خلال مجموعة من المنتجات التي تتراوح الآن من الأعلى أداءًا بسعر 999 دولارًا، وصولًا إلى اللاعب المبتدئ بسعر 149 دولارًا. كما أن منتجات RTX التي تحتوي على كلًا من RT Cores و Tensor Cores تبدأ أسعارها من 349 دولار.

دعم واسع المدى !


لا يوجد أدنى شك في أن تقنية تتبع الأشعة في الوقت الحقيقي يمثل الجيل التالي من الألعاب، حتى أن الجيل القادم من أجهزة الكونسول (بلاي ستيشن - إكس بوكس) سوف يأتي مدعومًا بهذه التقنية ولكن القائمة على البرمجيات، وليس عتاد الحاسب كونها لا تحمل بطاقة RTX من إنفيديا. لكن بالطبع أن تكون تتبع الاشعة قائمة على الهاردوير أفضل، خصوصًا وأن بطاقات RTX تقدم برمجيات تهدف إلى تعزيز أدائها على أي جهاز كمبيوتر.

وقد أعلن بعض شركاء النظام البيئي الأكثر أهمية عن دعمهم ويفتحون الآن أبوابهم أمام تتبع الأشعة في الوقت الحقيقي في الألعاب. فقد أعلنت شركة مايكروسوفت عن واجهات برمجة الوسائط المتعددة لمكتبة DirectX 12 والذي يعُد مكون خاص بتتبع الأشعة يُطلق عليه أسم DirectX RayTracing وبالتالي فإن كل جهاز كمبيوتر سيكون قادر على تسريع عملية تتبع الأشعة في الألعاب طالما مزود بكرت شاشة يدعم هذه التقنية، مثل بطاقات RTX.

وبالفعل، في مؤتمر مطوري الألعاب في مارس الماضي، قامت إنفيديا بإختبار تشغيل تقنية DXR داخل الالعاب على كرت شاشة بمعمارية باسكال السابقة وآخر على كرت شاشة بمعمارية تورينج الجديدة. وكما هو متوقع، فإن أداء معمارية تورينج كان هو الأفضل عند ممارسة الألعاب التي تستخدم تأثيرات تتبع الأشعة. هذا ما دفع محرك Frostbite الخاص بشركة EA يدعم تقنية تتبع الأشعة. كذلك المحركين Unreal و Unity والتي تشغل 90% من الألعاب العالمية.

على كل حال، انخرطت إنفيديا مع أكثر من 100 مطور لألعاب الفيديو الذين يعملون على ألعاب تدعم تقنية تتبع الأشعة. ويكفي القول أن Nvidia حتى الآن لديها ملايين من اللاعبين الذي يلعبون على أجهزة RTX المحتواه RT Cores. وبفضل تتبع الأشعة - كل أسبوع! يتزايد هذا العدد.
عبدالرحمن
عبدالرحمن
مدير المحتوى بموقع عالم الكمبيوتر منذُ قرابة 10 سنوات، مدفوعًا بشغفي العميق بالتكنولوجيا الذي أحمله معي في كل مقال ومراجعة.
تعليقات

احدث المقالات