ذاكرة الوصول العشوائي أو الرامات هي جزء لا يتجزأ من موارد الأجهزة الإلكترونية سواء كان كمبيوتر مكتبي أو لاب توب أو حتى هاتف ذكي؛ فمثلها مثل المعالج ووحدة التخزين. ولكن بالنسبة للهواتف، فقد أصبحت مع مرور الوقت والتطور الهائل الذي وصلت إليه تؤدي مهام أكثر لدرجة تدفع الشركات المصنعة إلى إنتاج أجهزة تحمل حجم رام مضاعف عن المعتاد عليه فى السنوات القليلة الماضية. إليك أقرب مثال على ذلك: هاتف Mi Mix 3 الذي أعلنت عنه "شاومي" مؤخرًا والمزود بذاكرة عشوائية تبلغ 10 جيجابايت.. تخيل! هذا حتى أكبر مما تأتي به معظم الحواسيب المحمولة. وبالتالي يعُتبر أول هاتف فى العالم يحتوي على كمية كبيرة كهذه من الرامات. ربما شيئًا كهذا يجعلنا نسأل: ما هو حجم الرامات الذي يحتاجه هاتفك الاندرويد ؟ والأهم من ذلك أن نعرف آلية عمل الرامات فى نظام Android. سوف نوضح ذلك من خلال السطور القادمة.
إذا كنت تستخدم جهاز كمبيوتر يعمل بنظام تشغيل ويندوز، فأنت على دراية بأنه كلما كان حجم الرامات أكبر كلما كان ذلك أفضل على مستوى الأداء وايضًا ترك مساحة فارغة كـ 2 جيجابايت مثلًا يؤدي إلى إشباع حاجة النظام بشكل يؤدي إلى استخدام سلس وسريع. وايضًا مع كثرة البرامج المتوفرة لنظام ويندوز، يجعله بحاجة دائمًا إلى حجم رامات كبير بعض الشيء ليتمكن المُستخدم من تشغيل هذه البرامج وحتى الالعاب بدون تهنيج. ولكن الأمر يختلف مع نظام أندرويد كونه يستند إلى نواة لينكس، حيث يتعامل مع موارد الجهاز بشكل مختلف تمامًا عن الطريقة التى يتعامل بها نظام ويندوز. وإذا كان حديثنا عن الرامات، فإن نظام اندرويد يتعامل مع المساحة الفارغة (الغير مستهلكة) على إنها مساحة مفقودة ولا فائدة منها.
وبشكل عام، لا يجب عليك التفكير فى الرامات وحجمها عند استخدام جهاز يعتمد على نواة لينكس لأنها لا تأخذ الإمكانيات الخارقة فى المقام الأول كما يفعل نظام ويندوز. لذلك، فى أجهزة Android، لا يحتاج المُستخدم إلى تنظيف أو مسح الرامات لتوفير مساحة للتطبيقات الأخرى حتى تعمل، فإن النظام يتبنى هذه العملية ويقوم بها بشكل تلقائي في الخلفية.
لكن رغم ذلك، فإن حجم الرامات القليل يؤدي دائمًا إلى حدوث مشاكل. إذا كان النظام لا يتوفر له حجم كافي للعمل به، سوف تظهر بعض الأعراض كإغلاق التطبيقات بشكل مفاجئ أو إيقاف التطبيقات التى تعمل فى الخلفية بشكل سريع. ولعل هذه المشاكل بدأت فعلًا بالظهور بوضوح على الهواتف الذكية القديمة التي كانت تحتوي على 2 جيجابايت من الرامات وتعمل بإصدار اندرويد لولي بوب (5.0) حيث بدأ الكثير يلاحظ أن تطبيق إدارة الذاكرة كان يؤدي في حالة تشغيل تطبيقين معًا فى الوقت نفسه إلى إيقاف التطبيق الثاني بشكل تلقائي بعد مرور فترة قصيرة. مثلًا إذا كنت تستمع إلى الموسيقى وتستخدم فيسبوك، سيقوم نظام التشغيل بإيقاف الموسيقى تلقائيًا.
وعلى الرغم من أن بعض أجهزة اللاب توب والحواسيب المكتبية اليوم تأتي مع 4 جيجابايت للرام أو حتى 8 جيجا فى بعض الحالات، نجد هذه الأيام هواتف ذكية محمولة تأتي مع حجم رامات قدره 10 جيجابايت! الأمر مُثير للدهشة أليس كذلك ؟! فهذه الكمية من الرامات مفرطة وتتجاوز الحد المعقول والمطلوب، حيث توجد هواتف تحتوي على 6 جيجابايت فقط وتستطيع تشغيل مئات التطبيقات والألعاب بأداء ممتاز. إذًا، فوجود 10 جيجابايت رام فى هاتف غير مهم عند الاستخدام، نصف هذه المساحة لن تكون مستهلكة وليس منها فائدة. الشيء الوحيد الذي يفسر قيام شركة مثل "شاومي" إلى إصدار هاتف مزود بـ 10GB رام هو لأنها تريد أن تكون أول شركة فى العالم تفعل ذلك.
يجب أن نشير ايضًا إلى أن بعض الهواتف تحتاج إلى حجم رامات أكبر من غيرها، فإذا قمنا بمقارنة هواتف جوجل بيكسل بهواتف سامسونج جلاكسي، سنجد أن أجهزة سامسونج تميل للحاجة إلى مساحة كبيرة من الرامات للعمل بأداء سلس ومستقر بسبب تضمينها الكثير من الميزات الإضافية حيث انها تعمل بنسخة أندرويد معدلة (Samsung Experience). بينما تعمل هواتف جوجل بيكسل بنسخة خام Stock (لا تحتوي على أي إضافات) وبالتالي لن تحتاج إلى نفس حجم الرامات الذي تحتاجه أجهزة سامسونج حتى توفر تجربة سلسة ومماثلة.
إذًا، هناك سبب يبرر وجود حجم كبير من الرامات على هواتف اندرويد، ربما ليس 10 جيجابايت بينما أكبر من ذلك. لكن في الوقت الحالي ليس مطلوبًا. المعيار الأساسي للهواتف الحديثة الآن هو 4 جيجابايت، فلا يوجد هاتف في 2018 يأتي بحجم رام أقل من ذلك (ولا يجب). وفى العام القادم، ستصبح مساحة 6 جيجابايت هي المبدأ. لقد رأينا بالفعل هواتف حديثة تأتي بهذا الحجم أو حتى بـ 8 جيجابايت مثل OnePlus 6T. لذلك، فإن حجم الرامات ليس ثابتًا بل مستمر فى الارتفاع كل عام وربما أقل حتى يواكب تطور السوفتوير. لكن 10 جيجابايت فى الوقت الحالي هو أكثر من اللازم وسخيف!.