عند تفقدي لقسم سماعات الرأس في مكتبة جرير، لفتت انتباهي علبة وحيدة يعلوها الغبار هي من تبقت من صنفها. فسارعت بسؤال الموظف المختص بالقسم عن ما هية هذه السماعات ذات الشكل الغريب. فقال لي أنها سماعات تعمل بتقنية التوصيل العظمي! فطلبتُ منه أن يشرح لي ما هي هذه التقنية وكيف تعمل هذه السماعة. فأجابني أنها تعمل على نقل الترددات الصوتية من خلال عظم الجمجمة القريب من الأذن الداخلية، حيثُ توضع الأجزاء المستديرة من السماعة على العظم قريباً من الأذن وليس عليها. وأيضاً أن هذه التقنية تُتيحُ للمستخدم أن يسمع ما يدور حوله في نفس الوقت! حيث أنها لا تعزله عن محيطه جزئياً أو كلياً كما هي حال سماعات الرأس. أُعجبتُ كثيراً بهذه السماعة الفريدة التي لم يسبق لي السماعُ بها. وقررتُ شرائها رغماً أنها تعارض كلياً ما نويتُ شرائه من هذا القسم.
بما أنكم لستُم في عجالة ولستم تتفقدون قسم سماعات الرأس وأنتم تقرأون هذه المقالة، فلا خوفٌ عليكم من التسرع إلى شرائها كما فعلت. بل سأبدأ مقالتي بالحديث عن مواصفات السماعة، ثم ذكر مميزاتها وعيوبها بحسب تجربتي لها، وسأخبركم بما حلّ بها أيضاً.
محتويات الصندوق
يحتوي الصندوق عند شرائه على محفظة تخزين أنيقة وعملية ويمكن إغلاقها بسحاب. وبداخلها توجد السماعة مع سلك شحن برأس Micro-USB، وكتيب التعليمات، وبطاقة لتسجيل الضمان.
مكونات سماعة الرأس
سأتحدّث عن المكونات التي تحتاج إلى تفصيل في شرح وظائفها.
1. المُبدّل:
أول مكونٍ يهمنا هو "المُبدّل" أو Transducer، حيثُ تجري هنا عملية التوصيل العظمي. يقوم المُبدّل على استقبال الترردات الصوتية الخارجية وتحويلها إلى ذبذبات ميكانيكية خفيفة، حيث تنتقل هذه الترددات عبر العظم إلى الأذن الداخلية مباشرة ، متجاوزة الأذن الخارجية والوسطى، ثم تقوم الأذن الداخلية بدورها بنقل تلك الذبذبات إلى مركز السمع في العقل لتترجم على شكل صوت طبيعي.
وبحسبَ ويكيبيديا، فإن هذه التقنية لها ثلاثُ مجموعات من المنتجات، منتجات طبيعية كالسماعات اللاسلكية وسماعات الرأس ومن أشهر الشركات المنتجة لهذا النوع هي شركة AfterShokz. ومنتجات طبية، كالسماعات الطبية التي تحتاج تدخلاً جراحياً بسيطاً لتثبيتها. ومنتجات اتصالات متخصصة، مثل الاستخدام داخل الماء، أو في الأجواء عالية الضجيج.
وساتحدثُ لاحقاً عن الطريقة الخاصة بشركة AfterShokz في تصميم سماعة الرأس وتوظيفها لتقنية التوصيل العظمي.
2. الشحن والبطارية:
قبل أول استخدام لسماعة الرأس، يُفضّل شحنها حتى يتغيّر وميضُ المؤشر من اللون الأحمر إلى الأزرق، وهو يعني اكتمال الشحن. تستغرق مدة الشحن ساعتين، ويستغرقُ استهلاك البطارية 12 ساعة. نوع بطارية سماعة الرأس هذه، هي من الليثيوم القابل لإعادة الشحن.
3. زر التشغيل:
ضغطة واحدة فقط تفي بتشغيل وإيقاف سماعة الرأس. وإن كانت سماعة الرأس في وضع التشغيل، وانقضت 15 دقيقة لم تتلق فيها أي إشارات، أي لم يتم استخدامها، ستنتقل تلقائياً إلى وضع الاستعداد لتحفظ الطاقة. وحين يتم إيقاظُ سماعة الرأس وهي في وضع الاستعداد، سيكون هناك تأخير بمقدار ثانيتين. إذا استمر وضع الاستعداد لمدة ساعتين سيتم إيقاف تشغيل سماعة الرأس تلقائيا.
4. مؤشر LED:
حالة سماعة الرأس
|
حالة البطارية
|
إجراء وميض المؤشر
|
وضع التشغيل
|
شحن مكتمل
|
ضوء أزرق يومض كل 4
ثواني.
|
وضع الاستعداد
|
شحن مكتمل
|
ضوء أزرق يومض مرتين كل 10 ثواني.
|
وضع التشغيل/الاستعداد
|
شحن منخفض
|
ضوء أحمر يومض كل 4
ثواني.
|
وضع الشحن
|
تقوم بالشحن
|
ضوء أحمر يومض طول وقت الشحن.
|
اكتمال الشحن
|
ضوء أزرق حتى ينخفض
الشحن.
|
نهج AfterShokz في تصميم سماعات الرأس
اهتمت شركة AfterShokz في إنتاجها لسماعة الرأس هذه، لشيئين رئيسيين، هما التصميم وتوظيف تقنية التوصيل السمعي توظيفاً فعّالاً.
- بخصوص التصميم، فهي اعتمدت أحد تصاميمها، ما يُسمى تصميم OpenFit™. حيثُ يتميزُ بتوفيره راحةً إضافية وإدراكاً أكثر بالمحيط.
- وفي توظيفها لتقنية التوصيل السمعي، استعملت تقنيتها الخاصة PremiumPitch™ . والتي تجعلُ من موجات الصوت المنقولة عبر المبدلات عالية الصفاء والوضوح كما لو أنها تُسمع مباشرةً داخل الأذن.
ومن الميزات الإضافية في التصميم لهذه السماعة، كونها تستهدفُ ممارسي الرياضة والرياضيين، هو ميزة مقاومة العرق والرطوبة باستخدام . وأود التنويه هنا، أن مقاومة،Water-Resistant، هنا لا تعني أنها ضد الماء،Waterproof، فيجب الحذر من استخدامها أو وضعها داخل الماء.
سماعة الرأس تحت التجربة
أول شيءٍ ارتحتُ له عند استخدامي للسماعة، هو أنني لا أحتاج لحشو إذني بمطاطات سماعات الأذن المزعجة، ولا لتغطيتها بسماعات الرأس الكاتمة. كما لو أنني أجعلُ أذناي تتنفس و"تشمُّ هوا" بلفظنا العامي. لكن ما إن أبديتُ انشراحي لهذه الميزة، حتى تتالت عليّ منغّصاتٌ أفسدتها عليّ وجعلتني أغضّ النظر عنها كلياً. ولأنها منغصات، جمع مُنغّص، فسأسردها في نقاط:
- أول منغصٍ أشاحَ عن وجهه إليّ، هو وميض المؤشر. لا أدري لم هو يومضُ بكلّ حيوية ونشاط، وكأنني لن اعلم أبداً أن السماعة تعمل بدونه. صرتُ أثبته من داخل الملابس حتى اُمضي عملي في سلام.
- المنغصُ الثاني، والذي لفت انتباهي إليه الآخرون هو تسربُ الصوت. نعم، هذه السماعة ليست رحراحةً للَابِسِها فقط، بل هي كريمةٌ تنشر أشرعة راحتها لتلف مَنْ حظه السعيد جَلبه بقربي. فأنا أسمع، وسماعتي تصدحُ بما أسمع، فيعرفُ الجميعُ أنّي ألهو أو أعملُ حقاً.
- المنغص الثالث، هو الاهتزازات التي يُصدرها المُبدّل كلما علا مستوى الصوت، والتي تدغدغُ عظمة أذني بقوة، تتركُ خلفها شعوراً غير مريحٍ البتّة.
- والمنغّصُ الأخير، هو حاجتها للشحن باستمرار. قد تبدو 12 ساعة وقتاً طويلاً، لكن لمن استخدامه للسماعات مكثّف، هي غيرُ مناسبةٍ أبداً. فعندَ نفاد شحنها، ستضطرُ لشبك سلك الشاحن ذا المائة والثلاثين سنتيمتراً في جهازك الحاسب زيادةً على أنها سماعةٌ سلكية، وعندما تنهضُ عن مقعدك غافلاً، تحدثُ زوبعةٌ من خلفك تقلب مكتبك في غمضة عين.
هذا كان ملخصُ تجربتي مع سماعة الرأس AfterShokz Sportz3، والذي انتهى بها الحال حبيسة درج المكتب. استخدامي لها لا يتوافقُ مع الاستخدام الذي صُنعت لأجله، رغمَ أنّ بعض المساوئ قد تكون عامة مثل تسرب الصوت والاهتزازات. لكن مع ذلك، تبقى تجربة شخصية تخصّ صاحبها فقط.
وأختمُ مقالتي بذكرِ ما آل إليه مصير سماعة الرأس خاصتي، حيثُ وَجَدتْ مستخدماً مرحباً بها رغم عيوبها، وأظنّ أن الحاجة ما دفعته للقبول بها، لكن لا داعي لذكر ذلك لها، فهي مشغولةٌ بالوميض والاهتزاز في حماسةٍ وحيوية.